تصريحات الرئيس الشرع تحرك ملف العالقين المغاربة في سوريا وتركيا

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تحول لافت قد يُعيد تحريك المياه الراكدة في ملف المغاربة العالقين في سوريا وتركيا، أعلن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، خلال ندوة صحافية بباريس، أن بلاده لا تعتبر المقاتلين الأجانب الذين ساندوا الثورة السورية – ومن ضمنهم مغاربة – مصدر تهديد، مؤكدا استعداد الدولة السورية لمنح عدد منهم الجنسية وفق ما ستنص عليه الوثيقة الدستورية الجديدة.

هذا التصريح، الذي اعتُبر بمثابة إشارة سياسية إيجابية غير مسبوقة من رأس الدولة السورية، أثار تفاعلات داخل المغرب، إذ لا يزال ملف المغاربة العالقين في سوريا والعراق وتركيا يراوح مكانه، وسط تعقيدات أمنية وسياسية حالت دون التوصل إلى حلول ناجعة تنهي معاناة مئات النساء والأطفال، فضلا عن عدد من المقاتلين السابقين الذين التحقوا بمناطق النزاع.

وفي هذا الإطار، قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الشؤون الإسلامية، إن “السياق الإقليمي والدولي، إضافة إلى التطورات الأخيرة في الساحة السورية، تجعل من اللحظة الراهنة فرصة مناسبة أكثر من أي وقت مضى لحل ملف المغاربة العالقين في سوريا وتركيا”، مشيرا إلى أن هذا الملف “ظل معلقا لسنوات طويلة بسبب تعقيداته الأمنية والسياسية”.

وأوضح رفيقي، في تصريح لهسبريس، أن هذه القضية لا تهم المغرب وحده؛ بل تشمل أيضا دولا أوروبية كبرى “ظلت متأخرة في إيجاد حل نهائي لها، بفعل التخوف من التهديدات الأمنية التي قد يمثلها بعض هؤلاء المقاتلين السابقين”.

وأضاف الباحث في الشؤون الإسلامية أن “اللحظة مناسبة الآن لإعادة تصنيف هؤلاء العالقين وترتيبهم بحسب درجة الخطورة أو التهديد التي قد يمثلونها، وكذلك بناء على التحولات الفكرية التي طرأت على الكثير منهم خلال السنوات الأخيرة”، معتبرا أن التعامل مع هذا الملف ينبغي أن يكون قائما على التمييز بين الحالات المختلفة.

وأكد المتحدث عينه أن العالقين في سوريا وتركيا “ليسوا كتلة واحدة”؛ فبعضهم “كان ضمن تنظيم داعش المصنف إرهابيا، وآخرون قاتلوا في صفوف جبهة النصرة التي باتت تحظى بشرعية دولية ويتم استقبال قيادتها في عواصم كبرى”، فيما آخرون “لم تكن لهم دوافع إرهابية، بل التحقوا بسوريا بدافع إنساني وتعاطفا مع الشعب السوري في مواجهة بطش نظام الأسد، أو استجابة لفتاوى دينية صدرت آنذاك من بعض العلماء”.

وأشار رفيقي أيضا إلى وجود “حالات نساء التحقن فقط بأزواجهن في سوريا دون مشاركة فعلية في القتال”؛ مما يؤكد أن “الملف يتسم بتنوع كبير من حيث الدوافع والخلفيات، ويجب أن يُنظر إليه بهذه العدسة المتعددة لا بمنطق أحادي”.

وختم الباحث في الشؤون الإسلامية تصريحه بالتأكيد على أن “كثيرا من هؤلاء قد راجعوا أفكارهم وتخلوا عنها بشكل نهائي، وهم يستحقون فرصة للعودة والاندماج”، مضيفا أن “المغرب نفسه يتيح داخل مؤسساته السجنية فرصا حقيقية لمراجعة الفكر المتطرف، ولا مانع من أن يشمل ذلك العائدين أيضا، في إطار مقاربة متوازنة تحمي الأمن وتراعي البعد الإنساني والحقوقي”.

من جانبه، قال عبد العزيز البقالي، منسق التنسيقية المغربية للعالقين في سوريا والعراق، إن التصريحات الأخيرة للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بشأن المقاتلين الأجانب “تؤكد ما كنا نطالب به منذ سنوات”، مشيرا إلى أن الممارسات الواقعية أظهرت أن المغاربة العائدين لم يُشكلوا أي تهديد أمني، ولم يسجل في حقهم أي خرق بعد عودتهم.

وأضاف البقالي، في تصريح لهسبريس، أن “العشرات من المغاربة سبق أن عادوا إلى أرض الوطن، ولم يُسجل في حقهم أي فعل يُهدد الأمن العام”، داعيا إلى ضرورة إطلاق مبادرات جدية ومسؤولة من الجانب المغربي، من أجل حل هذا الملف الإنساني المعقد الذي طال أمده لسنوات.

وأوضح منسق التنسيقية المغربية للعالقين في سوريا والعراق أن هذه الأخيرة تثمن دائما المؤسسات الوطنية وتثق في قدرتها على معالجة الملفات بدقة؛ لكن “الملف لا يمكن التعامل معه دفعة واحدة”، لأن “لكل حالة خصوصياتها ومسارها”.

وأبرز المتحدث أن التنسيقية تتابع بقلق الأوضاع في العراق على وجه الخصوص، حيث لا تزال قضايا مغاربة عالقة دون محاكمات واضحة أو أحكام قضائية.

وتابع البقالي: “نحن لا نطالب بمعالجات شاملة وفورية؛ بل ندعو إلى حلول تدريجية، على الأقل البدء بترحيل النساء والأطفال، في انتظار تسوية باقي الحالات”، مستطردا قائلا: “ما يحدث في هذا الملف مأساة إنسانية حقيقية، ويجب التعاطي معها بما يليق بحجمها وكرامة المواطنين المغاربة المعنيين بها”.

وختم منسق التنسيقية المغربية للعالقين في سوريا والعراق تصريحه قائلا: “نأمل أن تفتح هذه التصريحات الرسمية السورية نافذة أمل حقيقية؛ لكننا في المقابل ننتظر تحركا مسؤولا من الدولة المغربية، لإنهاء هذا الملف الذي طال كثيرا وتجاوز كل المعايير الإنسانية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق