كشف يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، تفاصيل حزمة جديدة من الإجراءات أعدتها الحكومة لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، موضحا أن الإجراء الأول يهم التشغيل؛ إذ يتيح لهذه الفئة من المقاولات إمكانية تشغيل اليد العاملة المتوفرة على شهادات، وتلك التي لا تمتلكها أيضا، مع إمكانية الاستفادة من نمط تكوين جديد تحت مسمى “التدرج المهني”، يقابله دعم لفائدة المشغل عن كل عامل أو أجير يشغله، مشددا على إصلاح كبير أيضا لمنظومة التكوين المستمر؛ ذلك أن المقاولات المشار إليها لا تحصل على أي تعويض عن تكوينات تجريها لفائدة أجرائها، مشيرا إلى أن الحكومة بصدد إخراج مدونة جديدة للشغل بنهاية السنة الجارية.
وفي تصريح لهسبريس على هامش أشغال النسخة الأولى من ملتقى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، المنعقدة اليوم الخميس بالدار البيضاء تحت شعار: “الإلهام من أجل التحول”، قال السكوري إن “إجراءات دعم المقاولات صغيرة ومتوسطة الحجم مرتبطة أيضا بالميثاق الوطني للاستثمار، تحديدا المقاولات التي تحقق رقم معاملات يتراوح بين مليون درهم و50 مليون درهم، بحيث جرى تمكينها من منحة للاستثمار بموجب مرسوم خاص، تتحدد قيمتها حسب قيمة الاستثمار وطبيعة القطاع (القطاعات ذات الأولوية)، ورقم المعاملات وعدد الأجراء، وكذا المنطقة الجغرافية التي تنشط فيها”، مشيرا إلى برنامج جديد سيمكن المقاولات من الفئة المذكورة من تمويلات جديدة تلائم احتياجاتها لا توفرها البنوك.
وفي معرض حديثه خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى، نبه الوزير إلى مشكل كبير يعترض المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، يتعلق بالتراخيص وصعوبات الحصول عليها؛ ذلك أن المقاولة تشرع في الاستثمار وبينما تنتظر التوصل برخص مزاولة نشاطها، يظل عداد الفواتير نشطا، ويشمل الضرائب وأقساط البنوك والموردين وغيرهم، مؤكدا أن الحكومة بصدد التوجه إلى تبني حل جذري لهذا المشكل، باعتماد مقترحات واردة من الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تهم الانتقال من نظام مبني على الرخص إلى آخر بديل قائم على دفاتر للتحملات يرتب الجزاءات على المخالفين ويساعد المنتظمين في القانون على مباشرة أعمالهم دون تعقيدات، مشيرا إلى أن مشكل الضمانات الذاتية يظل عقبة أمام ولوج عدد كبير من المقاولات، وتمكنها من إحداث مناصب شغل جديدة، علما أنها تشغل 85 في المائة من الشباب.
المقاولات تعاني معضلة “التراخيص”
اعتبر شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن تنظيم ملتقى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة خلال هذه الظرفية الراهنة يكتسي أهمية بالغة، باعتبار أن هذه الفئة من المقاولات تمثل 95 في المائة من مكونات الاتحاد واستأثرت بنسبة 80 في المائة من إحداث مناصب الشغل الجديدة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبالتالي تشكل هذه المقاولات العمود الفقري للاقتصاد الوطني، مؤكدا مواجهتها في الوقت نفسها مشاكل كبيرة يتيح هذا اللقاء فرصة طرحها والتعرف على مستجداتها عن قرب، مبرزا أن أكبر التحديات المطروحة هو مشكل التراخيص الخاصة بالأنشطة التجارية والصناعية والمهنية وغيرها، التي تستغرق معالجة طلباتها وقتا كبيرا على حساب تأسيس الشركات والبحث عن التمويلات وإعداد مخططات الأعمال.
وتابع لعلج، في تصريح لهسبريس على هامش الملتقى، أن “المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة تواجه مشاكل على مستوى الولوج إلى التمويلات والحصول عليها. وهي التحديات التي ندركها ونسعى إلى إيجاد حول استعجالية لها، زيادة على مشاكل أخرى مرتبطة بالموارد البشرية؛ بحيث تظل هذه المقاولات في حاجة إلى رأس مال بشري مكون في مواجهة الاحتياجات الضرورية لتطورها”، موضحا أن هذا الحدث يمثل فرصة للاستماع للمقاولات ومشاكلها، ومناسبة لاستعراض تجارب ناجحة في ريادة الأعمال، والانتقال من مقاولات صغيرة جدا إلى متوسطة وكبرى، وعرض نماذج ناجحة أمام المقاولين الشباب تشجعهم على المضي قدما في تطوير مقاولاتهم ومشاريعهم، مؤكدا أن النسخة الأولى من الملتقى ليست إلا البداية، سيليها تنظيم نسخ أخرى خلال الفترة المقبلة.
قصص نجاح ملهمة للمقاولين
عرفت الفترة الصباحية من ملتقى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة سلسلة من الشهادات الملهمة لمقاولين بارزين. فقد استعرض منصف بلخياط، الرئيس المدير العام لمجموعة “ديسلوغ”، مسار تطور مقاولته من وحدة صغيرة جداً إلى مقاولة كبرى، بفضل آليات تمويل متنوعة واستراتيجية نمو خارجي مهيكلة، فيما تناولت ميا الفلالي لحلو، الرئيسة المديرة العامة لـ”فارما 5″، الجوانب الإنسانية والاستراتيجية المتعلقة بعملية انتقال القيادة داخل المقاولة العائلية من خلال تجربتها الخاصة.
وفتحت هذه الشهادات نقاشا بين مجموعة من المقاولين ينشطون في مجالات الصناعة والابتكار والتكنولوجيا، بينهم شعيبة بلبزيوي العلوي (BCSS Industrie)، ومحمد اليعقوبي (Innoflex)، وثريا الصباني (The Game Changer Company)، الذين تبادلوا تجاربهم حول مراحل الإطلاق، والتحديات اليومية، والحاجة إلى التمويل، وتدبير الفرق، والتحول الرقمي.
من جهته، ذكر نور الدين الزين، الرئيس المدير العام لمجموعة “زين كابيتال أنفست”، في تصريح لهسبريس على هامش الملتقى، أن حضوره أشغال النسخة الأولى من ملتقى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة نابع من تفاؤله بخصوص مستقبل هذه الفئة من المقاولات، انطلاقا من تجربته الخاصة التي بدأها في سن صغيرة تاجرا بالدار البيضاء قبل التحول إلى صاحب شركة كبرى تحقق رقم معاملات بقيمة 8 مليارات درهم وتشغل حوالي 3000 أجير، مشددا على أن أساس النجاح في المقاولة ينطلق من شخصية المقاول ذاته، وتبنيه “التفاؤل” و”الالتزام” في معاملاته اللذين يشكلان ركيزة تتجاوز أهميتُها التمويلَ الذي يأتي بشكل تدريجي مع تقدم وتيرة النشاط.
0 تعليق