في مشهد تتداخل فيه خيوط السياسة والاقتصاد، وتتشابك فيه المصالح الدولية، واصلت أسعار النفط رحلة الصعود للأسبوع الثاني على التوالي، متحدياً توقعات زيادة المعروض ومخاوف الأسواق من عودة الإمدادات الإيرانية.
النفط يواصل الصعود للأسبوع الثاني
ففي ختام جلسات الأسبوع، ارتفعت أسعار الذهب الأسود، مدفوعة بانفراجة مؤقتة في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، وهو ما خفف من القلق العالمي بشأن تراجع الطلب، ودفع المتعاملين إلى العودة مجدداً لمراهنات الصعود.
وسجل خام برنت زيادة قدرها 88 سنتًا، بنسبة 1.4%، ليصل إلى 65.41 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 87 سنتًا، إلى 62.49 دولار للبرميل.
خسائر تجاوزت 2% في جلسة سابقة، نتيجة أنباء متواترة عن إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي
هذا الارتفاع جاء بعد أسبوع شهد تقلبات حادة، أبرزها خسائر تجاوزت 2% في جلسة سابقة، نتيجة أنباء متواترة عن إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران، وما يحمله من دلالات على ضخ كميات إضافية من النفط الإيراني في السوق.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد لمح إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق مع طهران، مؤكدًا أن الأخيرة أبدت قبولًا مبدئيًا لبعض بنوده، غير أن مصادر قريبة من دوائر التفاوض أشارت إلى استمرار وجود نقاط خلافية تعرقل الوصول إلى صيغة نهائية.
إعلان واشنطن وبكين عن هدنة تجارية تمتد لـ90 يومًا
وعلى الطرف الآخر من خريطة التأثيرات، ساهم إعلان واشنطن وبكين عن هدنة تجارية تمتد لـ90 يومًا، يتم خلالها تخفيف الرسوم الجمركية، في رفع حالة التفاؤل في أسواق الطاقة.
وهذا الاتفاق المؤقت أعاد بعض الأمل إلى المستثمرين الذين أنهكتهم المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على النفط.
في المقابل، يظل specter الإمدادات الجديدة من دول تحالف "أوبك+"، إضافة إلى احتمال عودة الصادرات الإيرانية، عائقاً أمام استمرار الزخم الإيجابي لأسعار الخام، فكل زيادة محتملة في المعروض قد تكبح موجة الصعود، وتعيد الأسواق إلى مربع الحذر.
ولم تكن الأحداث الجيوسياسية بعيدة عن المشهد، فقد زادت التوترات في منطقة البحر الأحمر بعد شن إسرائيل غارات على ميناءي الحُديدة والصليف في اليمن، في تصعيد جديد ضد الحوثيين المدعومين من إيران، ما أضاف مزيدًا من الضبابية للمشهد الإقليمي الذي يتقاطع فيه النفط بالأمن والسياسة.
وسط هذا المزيج من العوامل المتداخلة، تبقى أسعار النفط رهينة لعوامل لا تخضع فقط لحسابات العرض والطلب، بل تمتد لتشمل مزاج الأسواق، وتحركات السياسة، وقرارات لا تُتخذ دائمًا في غرف التداول، بل في غرف الاجتماعات المغلقة على طاولات المصالح الكبرى.
0 تعليق