في كلمته خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مجموعة من الرسائل الحاسمة، جاء على رأسها تأكيده القاطع أن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لن يتحقق، حتى في حال نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، ما لم تُقم الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية.
كلمة الرئيس المصري جاءت قوية وواضحة، تحمل ثوابت مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، وتعيد التأكيد على محورية العدالة كأساس لأي استقرار مستقبلي في المنطقة.
تحليل فلسطيني: السيسي صوّت باسم فلسطين في القمة
كشف المحلل والباحث السياسي الفلسطيني نعمان توفيق العابد، من خلال تصريحاته الخاصه أن كلمة الرئيس السيسي هي "الأقوى والأهم" بين جميع الكلمات التي أُلقيت في القمة، رغم تغيب العديد من القادة العرب.
كما صرّح العابد لتحيا مصر، بأن الرؤية التي طرحها الرئيس المصري تصلح لأن تكون برنامج عمل عربي شامل، يُبنى عليه موقف موحّد تجاه القضية الفلسطينية التي تواجه أخطر مراحلها في ظل ما وصفه بـ "التوسع الإسرائيلي في العدوان والانتهاكات".
انتهاكات إسرائيلية مستمرة وموقف مصري ثابت..
وسلط العابد الضوء على الانتهاكات المستمرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي سواء في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مروراً بالحرب الوحشية على قطاع غزة، ووصولاً إلى الاعتداءات المتكررة على لبنان وسوريا.
وأشار الباحث السياسي إلى أن الرئيس السيسي لم يكتف بالحضور رغم الغياب العربي الكبير، بل ألقى خطاباً يصلح أن يُدرس، حيث تضمن ثباتاً في الموقف المصري وجرأة في الطرح، يرسل برسائل واضحة للعالم بأن مصر ما زالت المدافع الأصيل عن الحقوق الفلسطينية.
مصر أول من قرأت المشهد قبل 7 أكتوبر
واستكمل العابد حديثه الخاص بالتأكيد على أن القيادة السياسية المصرية كانت من أوائل من تنبّه إلى خطورة المخططات الإسرائيلية، حتى قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر
، مشيراً إلى أن مصر كانت تتحرك على الصعيدين السياسي والدبلوماسي في صمت ولكن بفعالية.
وأضاف أن ما يُثبت هذا التحرك الاستباقي هو الاستراتيجية المصرية في تحذير المجتمع الدولي من التصعيد الإسرائيلي، وهو ما تجسّد اليوم في كلمة الرئيس السيسي، التي جاءت في وقت حرج لتعيد البوصلة نحو القيم الحقيقية للسلام، لا مجرد شعارات.
رسائل الرئيس: للقريب والبعيد
كما قال العابد إن إصرار السيسي على الحضور شخصياً رغم تغيب قادة كبار، رسالة سياسية بحد ذاتها، تؤكد أن مصر لا تساوم على ثوابتها، ولا تغيب عن أي مشهد عربي له علاقة بمصير الشعوب.
واعتبر أن الخطاب كان تاريخياً ليس فقط بما حمله من مضامين، بل بتوقيته وموقعه السياسي، ليعكس يقين القيادة المصرية بأهمية التنسيق العربي المشترك، وقدرتها على طرح الموقف المصري بثبات وشجاعة ووضوح لا يتغير.
"مصر تتكلم... والعرب يصغون"
ما قاله الرئيس السيسي في قمة بغداد لم يكن مجرد خطاب دبلوماسي، بل بيان موقف وطني صلب، يُعيد صياغة الأولويات العربية في زمن الانقسامات والتطبيع المجاني.
مصر، التي لطالما حملت لواء فلسطين، تؤكد مجددًا أن السلام لا يُفرض، بل يُبنى على الحق والعدل والسيادة، وأن صوتها سيظل الأعلى حين يصمت الآخرون.
0 تعليق