موديز تدق ناقوس الخطر.. ديون أمريكا تتضخم.. والكونغرس لا يتحرك

خليجيون 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تحمل رسائل سياسية واقتصادية بالغة الأهمية، خفّضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأمريكية من AAA إلى Aa1، لتنضم بذلك إلى وكالتي "ستاندرد آند بورز" و"فيتش"، اللتين سبق أن اتخذتا القرار ذاته في 2011 و2023 على التوالي.

ورغم أن القرار قد لا يبدو مقلقًا على المدى القريب - إذ لا تزال واشنطن بعيدة عن خطر التخلف عن السداد، كما أن الطلب على سندات الخزانة الأمريكية لا يزال قويًا - إلا أن الرسالة التي تحملها "موديز" أعمق بكثير من مجرد تصنيف رقمي.

أزمة تتفاقم.. والحلول غائبة

بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، فإن خفض التصنيف الأخير لا يعكس عجزًا فنيًا أو أزمة سيولة آنية، بل يأتي كرد فعل على تجاهل متزايد من الساسة الأمريكيين لحجم الأزمة المالية المزمنة، والمتمثلة في دين عام يتجاوز 36 تريليون دولار، وعجز سنوي يتخطى تريليون دولار دون أي خطة واضحة للمعالجة.

وتُظهر الأرقام حجم المأزق. فمنذ عام 2019، أضافت أمريكا نحو 13 تريليون دولار إلى مديونيتها، مدفوعةً بإنفاق ضخم لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19، وتمويل حزم تحفيزية ضخمة في عهدي الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن.

ومع استمرار أسعار الفائدة في الارتفاع، باتت كلفة خدمة الدين الفيدرالي في 2024 وحده تلامس 1.13 تريليون دولار - وهو رقم يقارب ضعف ما كان عليه قبل سنوات قليلة فقط، وفق بيانات موديز.

"قنبلة الدين".. السيناريو الأسوأ

تحذر "موديز" من سيناريو بالغ الخطورة، يعرف اقتصاديًا باسم "قنبلة الدين"، يتمثل في اللحظة التي تصبح فيها الفوائد وحدها عبئًا يفوق إيرادات الحكومة، ما يُجبر الدولة على الاقتراض فقط لتغطية الفوائد، ويدخلها في دوامة لا نهاية لها من الاستدانة.

الأزمة لا تقتصر على الأرقام، بل على غياب الإرادة السياسية. فمشروع الموازنة الذي اقترحه الجمهوريون في مجلس النواب من شأنه، بحسب لجنة الميزانية، إضافة 3.3 تريليون دولار أخرى للدين العام بحلول 2034، ما قد يرفع نسبته إلى 125% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلًا من 117% وفق التوقعات السابقة.

الثقة الدولية.. إلى متى؟

ورغم أن المستثمرين الدوليين لا يزالون يبدون ثقة نسبية، حيث سجل شهرا فبراير ومارس الماضيان أعلى معدلات شراء لسندات الخزانة الأمريكية من قبل الأجانب في التاريخ، إلا أن هذه الثقة ليست مضمونة إلى الأبد.

تقرير بلومبرغ أشار إلى أن "التاريخ مليء بأمثلة عن دول وإمبراطوريات انهارت بسبب التبذير وسوء الإدارة المالية"، مضيفًا أن "التمويل الأجنبي ليس صنبورًا مفتوحًا إلى ما لا نهاية".

جرس إنذار لا يُسمع

المفارقة المؤلمة، بحسب بلومبرغ، أن قليلين في واشنطن يأخذون هذا التحذير على محمل الجد.فالسجالات السياسية تطغى على أي نقاش جاد بشأن الإصلاح المالي طويل الأجل، بينما تتجنب القيادات الحزبية - سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين - قرارات غير شعبية مثل رفع الضرائب، أو تقليص الإنفاق، أو إصلاح برامج الإنفاق الإلزامي.

الخلاصة:

تحذير "موديز" ليس مجرد رقم ينقص من الهيبة المالية لواشنطن، بل دعوة للاستفاقة من غيبوبة سياسية تهدد المستقبل الاقتصادي لأكبر اقتصاد في العالم. فالولايات المتحدة، رغم احتفاظها بموقع الصدارة عالميًا، لن تبقى كذلك إذا استمرت في تجاهل ديونها المتراكمة وتكاليفها المتضخمة.

القرار الأخير، كما وصفته بلومبرغ، ليس إلا تحذيرًا علنيًا بأزمة كانت خفية - وما لم تتحرك واشنطن سريعًا، فإن القادم قد يكون أكثر من مجرد خفض في التصنيف.

للمزيد تابعخليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق