خطة ترامب لإعادة المهاجرين من مناطق النزاع تثير جدلا إنسانيا ودستوريا

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خطوة تكشف عن تحول جذري في نهج السياسة الخارجية والداخلية الأميركية تجاه المهاجرين، أعدت إدارة الرئيس دونالد ترمب خطة لاستخدام ما يصل إلى 250 مليون دولار من أموال المساعدات الخارجية لتمويل عمليات "الترحيل الطوعي" لأفراد فرّوا من بؤر صراع عالمي، مثل أوكرانيا وهايتي وسوريا واليمن وأفغانستان والسودان وفلسطين وليبيا.

نطاق الخطة ودلالاتها

تشير الوثائق، التي حصلت عليها واشنطن بوست، إلى أن الخطة تشمل أكثر من 700 ألف مهاجر، بعضهم يتمتع بوضع "الحماية المؤقتة" الممنوح في ظل إدارات سابقة، ولا سيما إدارة جو بايدن التي منحت الأوكرانيين هذا الوضع في 2022، في أعقاب الغزو الروسي، بينما يتمتع به الهايتيون منذ زلزال 2010 المدمر.

لكن خطة ترمب تعيد النظر في هذا الوضع، وتطرح – دون تنسيق واضح مع الأمم المتحدة – برنامجاً بديلاً لتشجيع العودة الطوعية، يتضمن منحة مالية قدرها 1000 دولار، ما يثير تساؤلات عن مدى الطوعية الحقيقية في قرار العودة، خاصة حين تكون البدائل محدودة أو خطيرة.

إضعاف للمنظومة الإنسانية

يتضح من خلال المقترح أن الإدارة السابقة كانت تسعى لتقويض دور المنظمة الدولية للهجرة، وهي الجهة الأممية المعنية بإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، وإعادة توطينهم في حالات الخطر. ويبدو أن الخطة تندرج ضمن محاولات أوسع لتفكيك المنظومة الإنسانية الأميركية التقليدية، عبر تقليص برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) بنسبة تصل إلى 80%، بما فيها المساعدات الموجهة إلى أوكرانيا وهايتي.

تجاوزات قانونية وأخلاقية؟

تثير هذه الخطة انتقادات واسعة من مسؤولين سابقين ومنظمات حقوقية، على اعتبار أنها تمثل "إساءة استخدام" لأموال خصصها الكونغرس أصلاً لدعم اللاجئين وإعادة توطينهم، وليس لدفعهم إلى الخروج من البلاد. كما أن ترحيل أفراد إلى دول تعاني من الحروب أو الانهيار الأمني (مثل أوكرانيا وهايتي وأفغانستان) يتناقض مع مبدأ "عدم الإعادة القسرية" المنصوص عليه في القانون الدولي.

وما يزيد من الإشكالية هو أن مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، الذي يُفترض أن يدير عمليات التوطين، قد يضطلع بدور الترحيل بدلاً من الحماية، في سابقة خطيرة قد تعيد تشكيل مهام المكتب ومبادئه المؤسسة.

دلالات سياسية وانتخابية

لا يمكن قراءة الخطة بمعزل عن المناخ الانتخابي لعام 2024، الذي يعيد ترمب إلى واجهة المشهد السياسي بشعارات معادية للهجرة. وقد عبّر بوضوح عن موقفه تجاه اللاجئين الهايتيين، وذهب إلى حد الترويج لروايات عنهم وصفها النقاد بأنها "عنصرية ومهينة"، مما يكشف عن البعد الشعبوي في توظيف ملف الهجرة لاستقطاب القاعدة الانتخابية.

المخاطر الإنسانية

الخطة تهدد بإعادة عشرات الآلاف من البشر إلى أوطان غير آمنة، حيث ينتظرهم القمع أو المجاعة أو الاضطهاد، لا سيما الأفغان الذين قد يواجهون مصيراً مروعاً في ظل حكم طالبان، أو الفلسطينيين العالقين في صراعات مستعصية في غزة والضفة الغربية.

 

ما يبدو في ظاهره "ترحيلاً طوعياً" مموّلاً من المساعدات الإنسانية، قد يكون في جوهره قسراً مقنعاً، يتعارض مع المبادئ الدستورية الأميركية، ويناقض الالتزامات الدولية للولايات المتحدة تجاه اللاجئين. الخطة تكشف عن نزعة لإعادة صياغة دور أميركا في العالم، من ملجأ إنساني إلى سلطة طاردة، وتطرح أسئلة عميقة عن أخلاقيات السياسات في ظل الأزمات العالمية المتشابكة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق