أطل البابا لاوُن الرابع عشر بابا الفاتيكان صباح اليوم الأربعاء ٢١ مايو على آلاف المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، في أول مقابلة عامة له بعد انتخابه، مواصلاً سلسلة التعاليم التي بدأها سلفه البابا فرنسيس تحت عنوان "يسوع المسيح رجاؤنا"، حيث ركز البابا الجديد على مثل الزارع، واصفاً إياه بأنه "مقدمة لكل الأمثال" ونافذة لفهم كيف يعمل الله في التاريخ الإنساني.
تعليم بالرجاء: الله يزرع كلمته في كل أرض
قال البابا لاوُن الرابع عشر إن مثل الزارع كما ورد في إنجيل متى (١٣، ١-١٧) يكشف ديناميكية كلمة الله، موضحاً أن كل كلمة إنجيلية تشبه البذرة التي تُلقى في أرض الحياة، وأشار إلى أن يسوع لا يتحدث فقط عن الزرع، بل يستخدم هذا المشهد الحياتي ليُظهر كيف يتواصل الله مع الإنسان بمحبة غير مشروطة.
وأضاف البابا: "الله لا ينتظر منا أن نكون الأرض المثالية كي يزرع فينا كلمته، بل يبذلها لنا بسخاء، حتى في قلوب مشتتة أو منغلقة أو مثقلة بالهموم".
كلمة الله تُنبت حيث لا نتوقع
في حديثه عن طريقة يسوع في السرد، توقف البابا عند تساؤل جوهري: "أين أنا في هذا المثل؟ وأي نوع من الأرض تمثله حياتي؟". وشدد على أن كلمة الله لا تتوقف عند مناخ روحي مثالي، بل تعمل حتى في الشوك والحجارة وعلى الطرقات، لأن الرجاء المسيحي يقوم على يقين أن البذرة ستثمر في يوم ما.
كما توقف البابا عند المعنى الأصلي لكلمة "مثل"، موضحاً أنها تعني "الإلقاء أمام"، أي تقديم صورة تحفّز التأمل الذاتي والتغيير الداخلي.
"الزارع عند الغروب": الفنّ يخاطب الإيمان
في لفتة إنسانية وروحية مميزة، استشهد البابا بلوحة "الزارع عند الغروب" للفنان فان خوخ، مشبهاً فيها صورة الزارع المتعب تحت الشمس الحارقة بكلمة الله التي تُبذل يومياً في صمت وأمل. وقال قداسته: "الزارع ليس في مركز الصورة، بل الشمس، لأن الله هو من يحرك التاريخ"، في إشارة إلى **حضور الله المستمر حتى في اللحظات التي يبدو فيها غائباً.
لا إحباط.. بل رجاء في الله العامل فينا
في ختام تعليمه، قال البابا دعوة للمؤمنين : لنطلب من الرب أن يجعل قلوبنا أرضاً خصبة. وإن شعرنا أننا لا نستحق كلمته، فلنحزن، بل لنثق في رحمته التي لا تيأس من أحد."
كما ختم البابا لاوُن الرابع عشر لقاءه بالتذكير بسلفه البابا فرنسيس، الذي وافته المنية قبل شهر، قائلاً: "نستذكره اليوم بمحبة وامتنان، مواصلين السير على درب الرجاء الذي رسمه لنا".
0 تعليق