قاربت ندوة وطنية نظمتها التنسيقية الجهوية لشبكة الأساتذة الجامعيين التجمعيين، بتعاون مع تنسيقية الشبكة بإقليم الناظور، مساء الجمعة، موضوع “رهانات الاستثمار والتنمية المجالية بإقليم الناظور.. تفاعل الديناميات المحلية مع التوجهات الحكومية”.
وفي مستهل هذه الندوة، التي احتضنتها قاعة العروض التابعة لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالناظور، أبرز المصطفى قريشي، منسق أشغال الندوة، السياق العام للندوة المرتبط بتأسيس تنسيقية شبكة الاساتذة الجامعيين التجمعيين- فرع الناظور، وبالأوراش الكبرى التي يشهدها إقليم الناظور، خاصة ميناء غرب المتوسط والمنطقة اللوجستيكية والصناعية العروي وسلوان، ودور الجامعة والأساتذة الجامعيين في تقديم دراسات ومقترحات لتثمين وتعزيز فعاليات التنمية المجالية بالإقليم.
وأكد قريشي أهمية الالتقائية بين الديناميات المحلية للجماعات الترابية والقطاع الخاص والفعاليات المحلية والتوجهات والبرامج الحكومية.
وخلال الجلسة الافتتاحية أبرز صالح العبوضي، المنسق الإقليمي للحزب، أهمية عقد هذه الندوة بالناظور، التي تحتضن الكلية متعددة التخصصات، في سياق مطلب تحويلها إلى جامعة مستقلة وقرار مجلس رئاسة جامعة محمد الأول بوجدة بتقسيمها إلى أربع كليات مستقلة.
وأوضح أن اختيار موضوع الندوة منسجم مع آفاق الاستثمار الذي سيميز إقليم الناظور مستقبلا، اعتبارا للمشاريع العمومية الكبرى التي تمت برمجتها في الإقليم، خاصة ميناء الناظور غرب المتوسط، مركزا على أهمية انخراط الأستاذ الجامعي في إنتاج البرامج والمخططات التنموية الإقليمية والجهوية.
فيما قال محمد أوجار، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الشرق، “نعتز بالجامعة المغربية كمؤسسة للتعليم والبحث العلمي وتكوين الأطر بصرف النظر عن بعض الممارسات المعزولة المخلة بالقانون، التي لا يمكن أن تتحول إلى وسيلة للمس بالجامعة المغربية وسمعتها ونزاهة أساتذتها”.
وأشار المتحدث إلى أن المغرب عاش فترة كانت فيها الجامعة منخرطة في الشأن العام والعمل السياسي وإنتاج البرامج وخلق الأفكار، مضيفا أنه “في الفترة الأخيرة شهدت الجامعة تراجعا في الساحة العامة، لذلك لا بد من العمل على إعادة النخب إلى واجهة الشأن العام لخلق تنمية واستثمار يتفاعلان من المنجزات الحكومية المحققة ومواجهة مختلف التحديات والعقبات أمام تنزيل هذه البرامج على مستويي الإقليم والجهة”.
من جهته، قال ياسين زغلول، رئيس جامعة محمد الأول، إن المغرب احتل مراتب متقدمة جدا في مؤشر الابتكار بما يتوفر عليه من أساتذة أجلاء وخبراء أكفاء في مختلف التخصصات باعتراف جهات دولية، لافتا إلى أن ما وقع في أكادير مؤخرا هو حالة معزولة لا يمكن بحال أن تمس الجامعة المغربية، وأكد أن القضاء نزيه سيظهر الحقيقة.
وأبرز المتحدث أن انتماء الأساتذة بجهة الشرق إلى شبكة الأساتذة التجمعيين كان عن قناعة تامة بما يقدمه الحزب وما تحققه الحكومة من نتائج إيجابية كانت في مستوى تطلعات هؤلاء الأساتذة وانتظاراتهم، موضحا أن الموضوع المناقش في الندوة له أهمية بالغة، وأن على الجامعة المغربية أن تواكب هذه الدينامية التي تشهدها البلاد.
بدوره قال محمد صديقي، رئيس شبكة الأساتذة الجامعيين التجمعيين، إن موضوع هذه الندوة يشكل جوهر عمل الحكومة حاليا، مضيفا أن الحزب بما يملكه من منظمات موازية، من بينها شبكة الأساتذة التجمعيين، يواكب هذه المجالات لتكون للأستاذ الجامعي مساهمته في تشكيل الأفكار والرؤى حول مختلف القضايا.
وأشار صديقي إلى أن “الأستاذ الجامعي كان له تخوف بخصوص الاهتمام بالشأن العام، لكنه أصبح الآن في صلب مختلف القضايا، والحزب منحنا هذه الفرصة لخلق فضاء معرفي وتواصلي في البحث العلمي والأكاديمي مع الالتزام بالفعل السياسي”، مشددا في الأخير على ضرورة أن تكون الجامعة رافعة في النقاش العمومي، وإعطاء الفرصة للأستاذ الجامعي للاهتمام بالشؤون العامة التي تعيشها بلادنا تماشيا مع توجيهات الحزب.
وخلال أشغال الجلسة الثانية من الندوة، التي سيرها المصطفى قريشي أيضا، تطرق عكاشة بن المصطفى، أستاذ التعليم العالي بكلية الناظور، إلى موضوع “العدالة الاجتماعية والتنمية”، مبرزا أن المغرب يشهد تنمية كبيرة من خلال المشاريع والأوراش الاقتصادية الكبرى التي أقامها، لكن مع ذلك لا يشعر المواطن بتنمية حقيقية.
وأرجع المتحدث سبب ذلك إلى غياب تجليات الدولة الاجتماعية في الحياة المعيشية للمواطنين، رغم وجود تنمية اقتصادية حقيقية. وشدد على ضرورة إقامة الدولة الاجتماعية، وتحسين مؤشر التنمية البشرية لمحاربة هذا الشعور لدى المواطنين.
وفي السياق ذاته، تحدث محمد أبركان، أستاذ التعليم العالي بالكلية سالفة الذكر، عن “ميناء الغرب المتوسط من حيث التحديات والمسؤوليات الاجتماعية للشركات”، مبرزا أن التنمية تمر عبر تحسين قطاع المواصلات من حيث خلق الطرق والسكك الحديدية والموانئ. وأكد أن الدول الاقتصادية الكبرى هي التي تمتلك بنية تحتية قوية في هذا المجال.
وأوضح أبركان أن المغرب انخرط بقوة في تدشين المشاريع والأوراش الكبرى المتعلقة بهذه البنية، خاصة الموانئ التي لها وظائف متعددة تتجاوز مجرد نقل الأشخاص والبضائع إلى خلق دينامية اقتصادية، وخلق فرص الشغل، خاصة ميناء الناظور غرب المتوسط الذي سيشكل ثورة اقتصادية في المنطقة.
وفي ختام المداخلات قدم محمد حميدي، أستاذ باحث بكلية الناظور، مداخلة حول “تعزيز التنمية المحلية من خلال تعبئة مغاربة العالم”، مشددا على ضرورة تشجيع الجالية المقيمة بالخارج على إقامة مشاريع استثمارية بالوطن الأم في مختلف المجالات.
ودعا حميدي إلى تغيير النظرة النمطية حول مغاربة العالم بكونهم مجرد ممولين لأسرهم في المغرب إلى اعتبارهم فاعلين حقيقيين في تحقيق الاستثمار بجلب المشاريع التي يحملونها، والاستفادة من التجارب التي راكموها في مختلف الميادين، وكذلك مساعدتهم ودعمهم ليكونوا فاعلين أساسيين في التنمية المجالية والمستدامة، ومنفتحين على البرامج الاقتصادية التي تطلقها الحكومة.
0 تعليق