مصرأمن وأمان.. شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في الاهتمام بتقنيات المراقبة الأمنية بالفيديو، والتي أصبحت ركيزة أساسية في استراتيجيات حفظ الأمن والنظام العام، فمع انتشار الكاميرات في الأماكن العامة والخاصة، برز دورها المحوري في متابعة الجرائم، وردع المخالفين، وتحديد هوية المتورطين في أعمال العنف والتخريب وتُعد ظاهرة البلطجة، وما يصاحبها من سلوكيات فوضوية وتخريبية، من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات، وهنا يبرز الدور الحيوي لهذه التقنيات في استعادة الانضباط للشارع وتوفير بيئة آمنة للمواطنين.

أهمية متابعة البلطجة عبر الفيديو
من جانبه قال الخبير الامنى اللواء دكتور أيمن حلمى لـ"البوابة نيوز": تُقدم المراقبة الأمنية بالفيديو أدوات فعالة لمكافحة البلطجة من خلال عدة جوانب:
اولا /الردع المباشر/ يشكل وجود الكاميرات رادعًا قويًا للمتورطين في أعمال البلطجة. فالعلم بأن أفعالهم قد تُسجل ويُمكن استخدامها كدليل ضدهم، يُقلل من احتمالية إقدامهم على هذه السلوكيات.
ثانيا/جمع الأدلة/ تُعد تسجيلات الفيديو من أهم الأدلة الجنائية في قضايا البلطجة. فهي تُمكن الجهات الأمنية من تحديد هوية الجناة، وتوثيق تفاصيل الجريمة، وتقديم أدلة دامغة للنيابة والمحاكم. هذا يُسهم بشكل كبير في سرعة القبض على المتورطين وتقديمهم للعدالة.
ثالثا/التدخل السريع/ تُتيح أنظمة المراقبة الحديثة إمكانية المتابعة المباشرة للأحداث. في حالة وقوع أعمال بلطجة، يُمكن للمراقبين إبلاغ الدوريات الأمنية على الفور، مما يُتيح التدخل السريع واحتواء الموقف قبل تفاقمه. هذا يُقلل من الخسائر المادية والبشرية، ويُعزز الشعور بالأمان لدى المواطنين.
رابعا/تحليل أنماط السلوك/ تُساعد تسجيلات الفيديو في تحليل أنماط سلوك البلطجية، وتحديد الأماكن الأكثر عرضة لهذه الظواهر، والأوقات التي تكثر فيها. هذه المعلومات تُمكن الجهات الأمنية من وضع خطط أمنية استباقية، وتعزيز التواجد الأمني في المناطق الساخنة، وتوجيه الدوريات بفاعلية أكبر.
خامسا/إعادة الثقة للمواطنين/ عندما يرى المواطنون أن الشارع أصبح أكثر انضباطًا وأن أعمال البلطجة تُقابل بالردع والعقاب، فإن ذلك يُعزز من ثقتهم في أجهزة الأمن ويُشجعهم على الإبلاغ عن أي تجاوزات، مما يخلق حلقة إيجابية تُسهم في استقرار المجتمع.
الدور المحوري
فى ذات السياق قال الخبير الامنى مساعد وزير الداخلية الاسبق اللواء فؤاد علام لـ"البوابة نيوز" : لا يُمكن إنكار الدور المحوري الذي تلعبه تقنيات المراقبة بالفيديو في تعزيز الأمن واستعادة الانضباط للشارع. ففي السابق، كانت عمليات البحث والتحري تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين لتحديد هوية المتورطين في أعمال البلطجة والشغب، أما الآن، ومع انتشار الكاميرات عالية الجودة، أصبح تحديد الجناة أسرع وأكثر دقة.
وأكد أن هذه التقنيات تُوفر أدلة لا تُقبل الشك، وتُمكننا من بناء قضايا قوية تُسهم في سرعة محاكمة المتورطين وردع الآخرين.
واضاف علام الأهم من ذلك، أن وجود هذه الكاميرات يُشكل رادعًا نفسيًا قويًا؛ فالبلطجي الذي يعلم أنه مُراقب، سيُفكر مرارًا قبل الإقدام على أي فعل غير قانوني. مشددا على أننا في حاجة إلى استثمار أكبر في هذه التقنيات وتطويرها بشكل مستمر لتواكب التحديات الأمنية المتغيرة.
أداة فعالة في تطبيق نظرية "النوافذ المكسورة"
وقال مساعد وزير الداخلية الاسبق اللواء محمود الرشيدى لـ"البوابة نيوز" : من منظور علم الاجتماع الجنائي، تُعتبر المراقبة بالفيديو أداة فعالة في تطبيق نظرية "النوافذ المكسورة"، والتي تُشير إلى أن إهمال إصلاح التلفيات الصغيرة يُؤدي إلى تدهور أكبر في البيئة المحيطة وانتشار الجريمة.
وأضاف : عندما تُشاهد أعمال البلطجة دون رادع، فإن ذلك يُرسل رسالة بأن المجتمع يتساهل مع هذه السلوكيات، مما يُشجع على تكرارها وانتشارها.
وتابع الرشيدى : هنا يأتي دور الكاميرات في رصد هذه السلوكيات وتوثيقها، مما يُمكن الجهات الأمنية من التدخل الفوري، وتطبيق القانون، وإعادة ترسيخ الشعور بأن الشارع تحت السيطرة وأن هناك عواقب لأي سلوك غير منضبط.
وشدد على ضرورة أن نُركز على أن المراقبة بالفيديو ليست الحل الوحيد. يجب أن تتكامل مع جهود مجتمعية أخرى، مثل التوعية، والتعليم، وتوفير فرص العمل للشباب، لمعالجة الأسباب الجذرية لظاهرة البلطجة.
التحديات والآفاق المستقبلية
من جانبه قال مساعد وزير الداخلية الاسبق اللواء أشرف أمين لـ"البوابة نيوز" : على الرغم من الفوائد العديدة للمراقبة بالفيديو، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها. من أهمها قضايا الخصوصية، وضمان الاستخدام الأخلاقي للبيانات، وتوفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل وصيانة هذه الأنظمة.
وشدد أمين على أن التوازن بين تعزيز الأمن وحماية حقوق الأفراد يُعد أمرًا بالغ الأهمية.
واختتم : تُشكل تقنيات المراقبة الأمنية بالفيديو أداة حيوية في استعادة الانضباط للشارع ومكافحة ظواهر مثل البلطجة. فمن خلال قدرتها على الردع، وجمع الأدلة، وتسهيل التدخل السريع، تُسهم هذه التقنيات بشكل فعال في تعزيز الأمن العام وإعادة الثقة للمواطنين. ومع التطور المستمر في هذه التقنيات، يُمكن توقع دور أكبر لها في بناء مجتمعات أكثر أمانًا وانضباطًا.
0 تعليق