شهد سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري تراجعا واضحا خلال شهر مايو، وسط حالة من الترقب في أسواق المال، في ظل مؤشرات على تحسن الموارد الدولارية وزيادة الثقة في السياسات النقدية.
يأتي هذا الانخفاض بعد موجات صعود قوية سجلها الدولار في فترات سابقة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل سعر الصرف خلال الفترة المقبلة، ومدى استمرار الاتجاه التراجعي للعملة الأمريكية.
وفي هذا التقرير من بانكير، نستعرض معكم بالتحليل أسباب انخفاض سعر الدولار في مصر خلال الاسابيع الماضية، وتوقعات أسعار الدولار الفترة المقبلة، ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد المصري في المستقبل.
أسباب تراجع سعر الدولار في مصر
وفقا لخبراء اقتصاديين، فإن الانخفاض الذي سجله سعر الدولار في الأسابيع الماضية لم يكن تحركا عشوائيا أو مؤقتا، بل جاء نتيجة عوامل واضحة ومترابطة، في مقدمتها بدء بعثة صندوق النقد الدولي أعمال المراجعة الدورية الخامسة لبرنامج التمويل المتفق عليه مع الحكومة المصرية، وهي خطوة بعثت برسائل طمأنة قوية إلى الأسواق والمستثمرين بشأن التزام الدولة بخطوات الإصلاح وتحقيق أهداف الاستقرار الاقتصادي.
تشمل هذه المراجعة ملفات محورية مثل خفض معدلات الدين العام، وتعزيز السيطرة على عجز الموازنة، وتطبيق إصلاحات هيكلية تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز كفاءته.
ويؤكد خبراء أن وجود بعثة الصندوق في القاهرة يعكس مناخا من الجدية والثقة بين الطرفين، ما يسهم في تهدئة سوق الصرف وتحفيز حركة رؤوس الأموال الأجنبية.

تدفقات دولارية من تحويلات المصريين بالخارج
إلى جانب الدور المحوري لمحادثات صندوق النقد، أشار محللون إلى أن القفزة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج كان لها تأثير مباشر على تحسن وضع الجنيه المصري، حيث سجلت هذه التحويلات ارتفاعا غير مسبوق بنسبة 72.4%، لتصل إلى 32.6 مليار دولار خلال الفترة من مارس 2024 وحتى نهاية فبراير 2025، وفقًا لبيانات البنك المركزي، وهو ما يُعزز المعروض من العملة الأجنبية ويسهم في خفض الضغوط على سعر الدولار.
وبحسب البيانات، فإن التحويلات سجلت خلال فبراير 2025 فقط نحو 3 مليارات دولار، مقابل 1.3 مليار فقط في الشهر نفسه من العام السابق، ما يعكس ثقة متزايدة من المصريين في الخارج بالوضع الاقتصادي وقدرة الدولة على إدارة الملف النقدي بكفاءة.
احتياطي النقد الأجنبي يعزز موقف الجنيه
من العوامل التي أسهمت في دعم الجنيه المصري أيضا، الزيادة الملحوظة في احتياطي النقد الأجنبي، الذي ارتفع بنحو مليار دولار منذ بداية عام 2025 ليصل إلى 48.1 مليار دولار في نهاية أبريل، مما وفر غطاء قويا لاحتياجات الدولة التمويلية، وعزز من استقرار سعر صرف الدولار في مصر.
ويؤكد متخصصون أن هذه الزيادة لم تكن محض صدفة، بل جاءت مدفوعة بتحسن في موارد البلاد من العملة الأجنبية، سواء من خلال السياحة، أو إيرادات قناة السويس، أو زيادة الاستثمارات الأجنبية، أو عودة الصادرات تدريجيا إلى معدلات نمو جيدة.

إلى أين يتجه الدولار في الفترة المقبلة؟
رغم التراجع الحالي في قيمة الدولار، إلا أن التوقعات حول مستقبله لا تزال متباينة، إذ يرى بعض الخبراء أن استمراره عند مستويات منخفضة يعتمد على عدة متغيرات، أبرزها استمرار تدفق الموارد الأجنبية، وحجم المعروض من العملة، وسياسات البنك المركزي.
ويرى محللون أن استمرار السياسات النقدية المنضبطة، إلى جانب التحسن التدريجي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، سيعزز من فرص استقرار الجنيه خلال المرحلة المقبلة.
وفي المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أنن أي ضغوط مفاجئة أو تقلبات في الأسواق العالمية، قد تعيد الدولار إلى مسار الصعود، ولكن بشكل محدود وتدريجي، مؤكدين أن التوترات الجيوسياسية ستكون لاعبا أساسيا في تحديد سعر الصرف خلال الفترة المقبلة.

مؤشرات اقتصادية إيجابية
التحركات الأخيرة في سوق الصرف تعكس حالة من التوازن بين العرض والطلب، بدعم من مؤشرات اقتصادية إيجابية بدأت تظهر تدريجيًا.
وبينما يراقب السوق المحلي والعالمي تطورات المفاوضات مع صندوق النقد، يبقى العامل الحاسم هو قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار السياسات النقدية وتحقيق التوازن المطلوب في سوق النقد الأجنبي، ما يحدد اتجاه الدولار خلال الأسابيع المقبلة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق