الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
البوابة لايت

من قلب المدينة المنورة ينتصب جبل أحد شامخًا، يحمل في طيّاته تاريخًا عظيمًا وأحداثًا شكلت منعطفًا حاسمًا في مسيرة الدعوة الإسلامية،هو ليس مجرّد تكوين جيولوجي ضخم، بل رمز من رموز التاريخ الإسلامي ومسرح لمعركة خالدة، شهدت بطولة الصحابة ودرست فيها الأمة دروسًا في الصبر والطاعة والعبرة.
جبل أحد رموز التاريخ الإسلامي
يقع جبل أحد شمال المدينة المنورة، ويبلغ طوله قرابة 7 كيلومترات، وارتفاعه يصل إلى حوالي 1,077م عن سطح البحر، يمتد كأنه سور طبيعي، ويتميز بلونه المائل إلى الحمرة وتضاريسه الصخرية، اسمه "أحد" كما ورد في الروايات لأنه "متوحد" عن بقية الجبال حوله.
في السنة الثالثة للهجرة، وتحديدًا في السابع من شهر شوال، وقعت معركة أحد بين المسلمين بقيادة النبي الكريم محمد (ص)، وقريش بقيادة أبي سفيان بن حرب، انتقامًا لهزيمتهم في غزوة بدر.
خرج النبي مع 1000 من أصحابه، لكن عبد الله بن أبي سلول، رأس المنافقين، انسحب بـ300 رجل، فبقي النبي مع 700 مجاهد فقط، اتخذ المسلمون من الجبل حماية لظهورهم، وعيّن النبي مجموعة من الرماة (50 رجلاً) بقيادة عبد الله بن جبير على جبل صغير يُعرف الآن بـ "جبل الرماة"، وطلب منهم عدم مغادرة مواقعهم مهما حدث.
في البداية، حقق المسلمون نصرًا واضحًا، ولكن عندما ظن بعض الرماة أن المعركة انتهت، خالفوا أمر النبي ونزلوا لجمع الغنائم، واستغل خالد بن الوليد، وكان يومها في صفوف قريش، هذه الثغرة، فالتف بفرسانه من الخلف وشن هجومًا مباغتًا، فتغيّرت موازين المعركة.
استشهد في أحد نحو 70 صحابيًا، من بينهم عم النبي حمزة بن عبد المطلب، الذي مثّلت به هند بنت عتبة تمثيلاً وحشيًا، وكان الرسول قد أُصيب في وجهه وكُسرت رباعيته وسال دمه الشريف.
وورد في الحديث الشريف أن النبي محمد قال: "أُحُد جبلٌ يُحبّنا ونُحبّه" (رواه البخاري ومسلم)، في تعبير بالغ عن العلاقة الوجدانية بين الرسول الكريم وهذا الجبل، الذي لم يكن مجرد موقع معركة، بل رمزًا للثبات، وللحب المتبادل بين النبي وطبيعة الأرض التي نصر الله فيها عباده رغم الخسائر.
كما كان النبي در كثيرا ما يزور شهداء أحد، ويقف على قبورهم ويدعو لهم، وعلّم أصحابه أن يزوروا هؤلاء الشهداء، عرفانًا بتضحياتهم.
أصبح جبل أحد اليوم وجهة دينية وسياحية، يقصده المسلمون من مختلف بقاع العالم، للتأمل في أحداث المعركة، وزيارة مقبرة شهداء أحد، وقراءة الفاتحة على أرواحهم.
ولا يزال صامدًا، يروي للتاريخ قصة من أبلغ دروس الفداء، والسمع والطاعة، والثبات رغم الجراح.
0 تعليق