كيف نعلّم أطفالنا ثقافة الاختلاف وتقبّل الآخر؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كيف نعلّم أطفالنا ثقافة الاختلاف وتقبّل الآخر؟

ياسمين جمال

منذ نعومة أظفارهم، يبدأ الأطفال في تكوين تصوراتهم عن العالم من حولهم، وعن الأشخاص المختلفين عنهم في الشكل، أو اللغة، أو الدين، أو العادات. وهنا تأتي مسؤوليتنا، كأهل ومربين، في غرس واحدة من أهم القيم الإنسانية في نفوسهم، وهي “تقبّل الآخر” واحترام الاختلاف، لا الخوف منه أو السخرية منه، وتعليم الطفل ثقافة الاختلاف لا يقتصر على الدروس النظرية أو الكلمات التي نرددها أمامه، بل يعتمد بشكل أساسي على ما يراه ويسمعه في بيئته اليومية. فإذا نشأ الطفل في جوّ يسوده الاحترام والتسامح والانفتاح على الآخر، فإنه تلقائيًا سيتشرب هذه القيم، وسيتعامل مع الاختلاف على أنه فرصة للفهم والتعلّم، وليس سببًا للنفور أو العدوانية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نُعلّم أطفالنا أن الاختلاف أمر طبيعي، بل هو ما يُضفي على الحياة تنوعها وجمالها. كذلك، فإن التفاوت بين الناس في الأفكار والمعتقدات والثقافات لا يعني بالضرورة أن أحدهم على صواب والآخر على خطأ، بل يعني أننا ننتمي إلى عوالم وخلفيات وتجارب مختلفة، وكل تجربة لها ما يُميّزها ويستحق الاحترام.

ومن جهة أخرى، يمكن للأسرة أن تُمارس دورًا فعّالًا في تنمية هذه القيمة من خلال الحوار المفتوح مع الطفل، والإجابة عن أسئلته بصدق وهدوء، وتشجيعه على التعبير عن رأيه مع احترام آراء الآخرين، حتى وإن اختلفت عن رأيه. كما أن قراءة القصص التي تُبرز شخصيات مختلفة، وتُجسّد فكرة التسامح وتقبّل الآخر، تُعد وسيلة فعّالة لتعزيز هذا المفهوم في ذهن الطفل.

بالإضافة إلى دور الأسرة، تلعب المدرسة أيضًا دورًا محوريًا في تنمية ثقافة الاختلاف، من خلال الأنشطة الجماعية التي تُشجّع على العمل مع زملاء مختلفين، وغرس روح التعاون، وتقدير جهود الآخرين. كذلك، فإن توجيه المعلمين نحو احترام جميع الطلاب، ومراعاة الفروق الفردية بينهم، يُسهم بشكل كبير في بناء بيئة مدرسية قائمة على المساواة والاحترام المتبادل.

ايضا، يُمكن للإعلام أن يكون شريكًا في هذه المهمة، من خلال تقديم محتوى يُروّج للتنوع الثقافي، ويُسلّط الضوء على قصص نجاح لأشخاص تحدّوا الصعوبات، وتميّزوا رغم اختلافهم. وهنا لا بد من توجيه الأطفال إلى مشاهدة البرامج الهادفة، والنقاش حولها معهم، حتى تتكوّن لديهم رؤية واضحة ومتزنة تجاه الآخرين.

ولا يمكن أن نغفل أهمية القدوة، فالأطفال يتعلّمون من أفعالنا أكثر مما يتعلّمون من أقوالنا. فإذا رأوا فينا احترامًا للناس، وتقبّلًا للاختلاف، وتقديرًا لآراء الآخرين، فإنهم سيقلّدون هذا السلوك دون أن نطلب منهم ذلك صراحة.

وفي النهاية، يمكن القول إن تعليم الأطفال ثقافة الاختلاف هو استثمار حقيقي في بناء جيل أكثر وعيًا، وانفتاحًا، وقدرة على التعايش مع الآخرين بسلام. فالعالم اليوم لم يعد يتسع للأفكار الضيّقة أو الأحكام المسبقة، بل يحتاج إلى عقول مرنة، وقلوب مفتوحة، تعرف أن لكل إنسان مكانه وقيمته مهما كان مختلفًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق