كوريا الجنوبية على مفترق الدستور.. أزمة رئاسية تعيد رسم حدود السلطة قبل انتخابات يونيو

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتجه كوريا الجنوبية إلى انتخابات رئاسية مبكرة في الثالث من يونيو المقبل وسط زخم سياسي غير مسبوق، أعاد إلى الواجهة مطلباً ظل مؤجلاً لعقود: تعديل الدستور وإعادة هيكلة صلاحيات الرئيس. فقد فجّرت الإطاحة بالرئيس السابق يون سوك يول، بعد فرضه المفاجئ للأحكام العرفية في ديسمبر الماضي، أزمة سياسية عميقة لم تهدأ تداعياتها، بل تحولت إلى وقود لحراك حزبي وشعبي يدعو إلى مراجعة النظام الرئاسي المعمول به منذ أكثر من ثلاثة عقود.
ورغم أن الحديث عن التعديل الدستوري ظل يتكرر منذ تعديل 1987 الذي أقرّ الانتخابات الرئاسية المباشرة، فإن الأجواء السياسية الحالية تُعدّ، بحسب أستاذ الحوكمة العامة تشاي جين وون، "الأنسب منذ ذلك الحين" لتنفيذ إصلاحات جوهرية في شكل الحكم.

رؤية إصلاحية

يتنافس في هذه الانتخابات مرشحون يمثلون التيارات الكبرى، وكلٌّ منهم يطرح رؤية إصلاحية مختلفة، لكنّ القاسم المشترك بينهم هو الإقرار بحاجة النظام إلى التغيير.

 لي جاي ميونج، مرشح الحزب الديمقراطي الليبرالي، يُعدّ الأوفر حظاً وفق استطلاعات الرأي، ويدعو إلى اعتماد نظام رئاسي بولايتين مدة كل منهما أربع سنوات، اعتباراً من 2030، مع تطبيق جولة إعادة في الانتخابات، وتعزيز صلاحيات البرلمان باعتماد الترشيح البرلماني لرئاسة الوزراء. في المقابل، يعرض كيم مون سو، مرشح حزب "قوة الشعب" المحافظ، حزمة إصلاحية مشابهة، تتضمن تقليص فترة رئاسته إلى ثلاث سنوات، لإجراء الانتخابات الرئاسية والعامة في توقيت واحد بدءاً من 2028، إلى جانب وعد بإلغاء الحصانة الرئاسية.
ورغم استقالة يون سوك يول من حزب "قوة الشعب"، فإن إرثه الثقيل لا يزال يلقي بظلاله على المشهد، خاصة مع تحوّل "السلطة المطلقة" للرئيس إلى موضع جدل حاد في الساحة الكورية، كما تؤكده نتائج استطلاع مؤسسة "غالوب كوريا" التي كشفت عن تأييد 67% من الكوريين لتعديل النظام الرئاسي، مقابل 21% فقط يرون أن الوضع القائم لا يحتاج تغييراً.

معطيات ميدانية

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن السباق الرئاسي يحتدم بين لي جاي ميونج الذي حصل على 45% في آخر استطلاع للرأي، مقابل 36% لـكيم مون سو. 

أما لي جون سوك من حزب "الإصلاح الجديد"، فجاء ثالثاً بـ10%. ومع أن "بلومبرغ" رجحت إمكانية تعادل كيم مع لي إذا انسحب جون سوك ودعم الأول، إلا أن الأخير أعلن تمسكه بالترشح حتى النهاية، رافضاً الاندماج مع حملة حزب كيم، وواصفاً محاولات الضغط عليه بأنها "مهينة".
من جهة أخرى، تراجع عدد الناخبين المترددين مع اقتراب موعد الاقتراع، وهو مؤشر على تبلور المواقف الشعبية وارتفاع سقف التوقعات من الرئيس المقبل، خاصة في ظل احتقان شعبي إزاء تركّز السلطة التنفيذية، والقلق من تكرار السيناريوهات الاستثنائية التي أطاحت بسابقيه.
إن ما يحدث اليوم في كوريا الجنوبية يتجاوز كونه مجرد سباق انتخابي مبكر، بل يمثل لحظة سياسية فارقة لإعادة تعريف شكل النظام السياسي برمّته، في بلد دفع ثمناً باهظاً لأخطاء الرئاسة المطلقة. الانتخابات المقبلة ليست فقط اختباراً لشخصيات المتنافسين، بل استفتاء شعبي على مستقبل الحوكمة والشرعية الديمقراطية في أحد أكثر بلدان آسيا ديناميكية وتحولاً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق