كشفت وكالة بلومبرج عن رغبة عدد من الدول الأوروبية في شراء كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية، لضمان استمرار تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تحسبًا لرفض إدارة ترامب مواصلة دعم كييف.
وأضافت الوكالة أن دولًا أوروبية عازمة بالفعل على عقد صفقات لتحقيق هذا الهدف. ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة قولها إن أوروبا لا تمتلك الترسانات أو القدرات اللازمة لإنتاج ما يكفي من الأسلحة لمواصلة إمداد كييف بمفردها دون مشاركة فعالة من قبل الولايات المتحدة.
وترى الدول الأوروبية أن الحل الوحيد الممكن يتمثل في شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية ومن ثم إرسالها إلى أوكرانيا. وأشارت الوكالة الإخبارية الأمريكية إلى أن الخبراء يقدّرون أن المساعدات العسكرية التي وافقت عليها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد تنفد بحلول الصيف المقبل، ووقتها سيكون من الصعب على الغرب أن يملأ الفراغ الذي سينجم عن ذلك.
وأضافت الوكالة أن هذا التوجه يأتي في ظل مخاوف متزايدة من تباطؤ الإنتاج العسكري الأوروبي، حيث تواجه العديد من الدول تحديات لوجستية وصناعية تحول دون زيادة الإنتاج بشكل كافٍ لتلبية احتياجات أوكرانيا. وتشير التقديرات إلى أن القارة الأوروبية تعاني من نقص في الموارد والقدرات التكنولوجية اللازمة لتصنيع الأسلحة المتطورة بكميات كبيرة، مما يجعل الاعتماد على السوق الأمريكية خيارًا استراتيجيًا حتميًا في الوقت الحالي.
كما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في وقت سابق من اليوم أن الدبلوماسيين الأوروبيين يخشون من أن يتخلى ترامب عن أوكرانيا ويركز على إقامة شراكة اقتصادية مع روسيا. مشيرة إلى أن القادة الأوروبيين الذين كانوا يأملون في فرض واشنطن عقوبات جديدة على موسكو، شعروا بالإحباط وحتى الغضب بعد سماعهم وصف ترامب لمكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 19 مايو الجاري.
وصرح ميخايل بودولياك، مستشار رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، في وقت سابق لمجلة "لو بوان" الفرنسية، قائلًا إن كييف تخشى توقف المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة.
وفي سياق متصل، أوضحت مصادر دبلوماسية أوروبية أن هناك مشاورات مكثفة تجري حاليًا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لحشد المزيد من التمويل لتغطية تكاليف شراء الأسلحة الأمريكية.
وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا على المدى الطويل، خاصة في ظل التقلبات السياسية المحتملة في الولايات المتحدة.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتأمين استقرار الإمدادات العسكرية لكييف، في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
تجدر الإشارة إلى تفاقم مخاوف الاتحاد الأوروبي الدفاعية في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها القارة في تعزيز قدراتها العسكرية المستقلة، حيث يرى المحللون أن الاعتماد المفرط على الأسلحة الأمريكية يكشف عن هشاشة البنية التحتية الصناعية والدفاعية الأوروبية.
وتشير التقارير إلى أن العديد من الدول الأوروبية تعاني من نقص في الاستثمارات طويلة الأجل في قطاع الدفاع، مما أدى إلى تآكل القدرات الإنتاجية للأسلحة والذخائر المتطورة.
هذا النقص يضع الاتحاد الأوروبي في موقف ضعيف أمام التهديدات الأمنية المتزايدة، خاصة مع استمرار الصراع في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية مع روسيا.
وفي هذا السياق، حذر الخبراء من أن عدم القدرة على بناء ترسانة عسكرية مستقلة قد يعرض الأمن الأوروبي للخطر، خاصة إذا ما قررت الولايات المتحدة تقليص دعمها العسكري للقارة.
وتسعى دول الاتحاد الأوروبي حاليًا إلى تسريع وتيرة التعاون الدفاعي بين أعضائها، من خلال مبادرات مثل الصندوق الأوروبي للدفاع، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي للأسلحة وتطوير تقنيات عسكرية متقدمة.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو التغلب على البيروقراطية والاختلافات في الأولويات الوطنية بين الدول الأعضاء، مما يعيق تحقيق استقلال دفاعي حقيقي في المدى القريب.
وفي ظل هذه التحديات، يظل الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للأسلحة خيارًا لا مفر منه، مما يثير تساؤلات حول قدرة أوروبا على مواجهة الأزمات المستقبلية بشكل مستقل.
0 تعليق