بين موجة حرّ وزخات رعدية بالمغرب .. خبراء يفسرون تقلبات "طقس ماي"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

موجة حرّ غير معتادة تشهدها معظم المناطق الداخلية للمغرب بدءا من اليوم الاثنين وطيلة أيام الأسبوع الجاري؛ إذ “من المرتقب أن تتجاوز مؤشرات المحرار المعدلات الفصلية المعتادة بـ3 إلى 8 درجات”، وفق إفادات سابقة استقتها هسبريس من المديرية العامة للأرصاد الجوية.

بعد نهاية أسبوع تميزت بـ”صعود تيارات جنوبية حارّة”، فسّرها مسؤول التواصل في “مديرية الأرصاد”، الحسين يوعابد، باستمرار “سيطرة مرتفع جوي على الطبقات العليا، مصحوب بامتداد للمرتفع الأطلسي من الغرب، ما يعزز تدفق تيارات جنوبية إلى جنوبية غربية حارة وجافة قادمة من المناطق الصحراوية نحو وسط وشرق البلاد”، مدعومة بـ”نشاط وتأثير منخفض صحراوي سطحي يمتد شرقا في صعود الكتل الهوائية الحارة نحو جنوب ووسط البلاد وامتدادها نحو المناطق الداخلية”.

وزوال اليوم الاثنين، أفادت المديرية في أحدث نشراتها الإنذارية (مستوى يقظة برتقالي) بأن من المرتقب تسجيل زخات رعدية قوية (15-35 ملم) مصحوبة محليا بتساقط للبرَد وهبات رياح بعدد من مناطق المملكة.

وأوضحت أن هذه الزخات الرعدية (من 15 إلى 35 ملم) ستهم، بعد زوال اليوم، عمالات وأقاليم ميدلت وبولمان وأزيلال وخنيفرة وبني ملال والحوز وتنغير وورزازات وتارودانت وشيشاوة وقلعة السراغنة ومراكش والرحامنة.

تجدد التحذير

التحذير من زخات رعدية و”عواصف برَد”، خاصة بالمناطق الواقعة في سفوح الأطلسيْن المتوسط والكبير، يتقاسمه عدد من أبرز الخبراء. فقد قال محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء خبير وطني ودولي في تحولات الأنظمة المناخية، إن “هذه السنة عرفت تقلبات جوية تجعل من الممكن والوارد أن نعيش أكثر من الحرارة المعتادة خلال صيف 2025، وربّما أكثر مما شهدناه خلال السنوات الماضية الأخيرة”.

وأضاف قروق، شارحا ضمن تصريح لهسبريس، أن “موجات الحرارة عادةً ما ترافقها الزخات المطرية الناتجة عن اضطرابات قوية في الجو مولِّدةً العواصف الرعدية”، قبل أن يسجل أن “موجات الحر في نهاية فصل الربيع تبقى عادية جداً كما هو معهود في الانتقال البيني الفصلي من الربيع إلى الصيف”.

واستطرد بالقول إن “سنة 2025 الجارية تظل عموما سنة استثنائية، فيها حرارة منخفضة إذا ما قورنت بمناخ سبع أو ست سنوات الماضية التي عرفت بسنوات الإجهاد المائي”، مؤكدا أن فصل الربيع يعود لضبط التوازن والانتقالات المناخية المعهودة.

في سياق متصل، أبرز أستاذ علم المناخ أن “الأمطار الغزيرة التي شهدها المغرب في بداية فصل الربيع (شهريْ مارس وأبريل) كانت مهمة، بل أكثر أهمية بالنسبة لعدد من المناطق والأحواض المائية”، غير أنها “لا يمكنها أن تعوّض الأمطار الخريفية أو الشتوية، لا سيما في الأحواض التي شهدت تجفيفا وإجهادا قويا في السنوات السبع الأخيرة”، ضاربا المثال بحوض أم الربيع وحوض سوس ماسة اللذين ما زالا يعانيان من تبعات ذلك.

أما بالنسبة لأحواض “الشمال”، فإنه “بالرغم من ثقل سنوات الجفاف المتوالية، إلا أنها حافظت على صمودها، بل وانتعشت بشكل جيد”، وفق إفادة قروق.

تداخل العوامل

من جهته، أيّـد مصطفى بنرامل، فاعل بيئي رئيس جمعية “المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ”، التحذيرات سالفة الذكر من “خطر حدوث فيضانات أو أمطار رعدية طوفانية جراء الزخات الرعدية التي تتخلل استمرار أيام/ فترات الحر في عدد من مناطق المغرب الداخلية”.

وقال بنرامل لهسبريس إن “ارتفاع درجات الحرارة المفرطة التي ستعرفها بعض المدن المغربية ابتداءً من اليوم الاثنين إلى غاية يوم السبت القادم، يمكن تفسيره بعدّة عوامل ومؤثرات مناخية وبيئية”.

وفضلا عن “تفسيرات مناخية عامة” مرتبطة بالكتل الهوائية الحارة”، تكون “جافة وساخنة قادمة من الجنوب (الصحراء الكبرى)، أشار بنرامل إلى تأثير “التيار النفاث (Jet Stream)”، مع “تغير في مساره، ما يسمح بصعود الهواء الحار شمالاً”، إضافة إلى “تزايد تواتر وشدة موجات الحرارة” (الاحترار العالمي).

كما أثار المختص في الشأن البيئي-المناخي “الاضطراب في التساقطات”؛ إذ يؤدي “ضعف الأمطار هذه السنة وعدم انتظامها إلى تجفيف التربة، مما يزيد من حرارة السطح”.

تأثيرات محلية وطبيعية

وبالنسبة لبنرامل، إن “قرب المغرب من الصحراء الكبرى”، عامل طبيعي “يسهّل انتقال الهواء الساخن” مستدلا بأن “هذا أكدته أمطار صيف السنة الماضية في الصحراء والجنوب الشرقي للمغرب الناتجة عن تأثيرات الكتل الهوائية الرطبة القادمة من الجنوب”، خاصة حين تكون رياح (الشرقي) رافعة لدرجات الحرارة.

وأضاف أيضاً قوة تأثير “زحف الرمال من الجنوب الذي يزيد من الاحتباس الحراري المحلي”، مثيرا في سياق حديثه “ارتفاع درجات حرارة البحر المتوسط الذي قد يساهم في تعزيز كتل الهواء الدافئ”، ثم “ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية؛ حيث المدن وخاصة القارية منها تمتص وتحتفظ بالحرارة أكثر من المناطق القروية والمدن الساحلية”.

وفضلا عن التغيرات في التيارات البحرية، التي تفضي إلى “تغيّر توزيع الحرارة في الغلاف الجوي”، أجمل بنرامل أن “تداخل كل هذه العوامل شكّل ظروف عدم انتظام فصول السنة”، مرجحا بقوة “إمكانية حدوث عواصف رعدية وتساقطات مطرية كثيفة في الجبال وارتفاعا حادا وغير مسبوق لدرجة الحرارة، خصوصا في المناطق الداخلية، وحتى الساحلية منها، وعموما المطلة على المحيط الأطلسي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق