عمرو عامر يكتب: تخوين الاستثمار.. هشام طلعت مثالًا

بانكير 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هناك قاعدة ذهبية في أسواق المال والاستثمار تقول إن "المال لا جنسية له".. بمعنى أن أيا من كان صاحب المال يبقي المال بلا هوية وبدون جنسية ولا يحمل ختم من أين أتيت ولا يحمل إذنا للنفاذ لذا ملك الصينيون نصف الولايات المتحدة على الرغم من الصراع الشرس بينهما والمنافسة المحتدمة وتحذير كل منهما من تعملق الآخر، لكن لم تفكر الولايات المتحدة ولو للحظة في صد الاستثمارات الصينية في اقتصادها، على العكس وفرت لهم كل سبل الراحة والربح وجذب المزيد من الأموال، دون أن يتهم الشعب الأمريكي إداراته المتعددة بالخيانة أو يكيل لحكوماتها قائمة من الاتهامات أهونها الخيانة وبيع الولايات المتحدة للصين.

والنتيجة الآن الولايات المتحدة أقوى اقتصاد في العالم بلا منازع بفضل أموال الصينيين والخليجيين والغرب لأنها تعرف أن الصين مهما تملكت في الولايات المتحدة فلن تنقل أرضها أو تهربها إلى بلادها فالأرض لا تتحرك من مكانها.

نتقل لمشهد آخر من الصورة.. رجل الأعمال المصري الشهير وعراب الإسكان الفاخر والمدن الذكية والمنتجعات القادمة من المستقبل هشام طلعت مصطفى استحوذ على 10 ملايين متر مربع بالعاصمة السعودية الرياض ليقيم مدينة من الخيال هناك بتكلفة استثمارية 40 مليار ريال ووجد كل ترحيب وتشجيع وعومل كمستثمر ذهبي ووفرت له لبن العصفور .. وبعدها مفاوضات مجموعته على إنشاء عاصمة إدارية ضخمة بالعراق باستثمارات 15 مليار دولار وسط ترحيب وحفاوة بالغة بالمشروع من الحكومة ووسائل الإعلام في الدولتين.

وهنا المفارقة المبكية ففي الوقت الذي اعتبرت فيه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في السعودية والعراق مشروعات مجموعة طلعت مصطفى في بلديهما إنجازا وخيرا ونجاحا لسياسات حكومتهما في تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال ودون أن يكتبوا حرفا واحدا يحذرون فيه حكوماتهم من بيع الأرض للشركات المصرية ولم يقل أحدهم أن حكومتهم تبيع بلادهم للمصريين، نجد على الجانب الآخر في بلادنا كل مشروع أجنبي أو عربي في مصر هو بيع للأرض والعرض وعار عظيم وخطيئة تستحق اللعنات كما قيل في صفقة رأس الحكمة بأن الدولة باعت الساحل الشمالي للإماراتين وباعت الشركات والفنادق للخليجيين وخرجت البوستات والتحليلات تتهم الدولة والحكومة بالخيانة العظمى والتفريط في أملاك الدولة.

للأسف تفصلنا سنوات ضوئية مع الآخرين الذين يرون الاستثمار خير وتنمية وبين من يراه بيع ورهن وتفريط.. بين من يرون أن الاستثمار يوفر آلاف من فرص العمل ويضيف قوة للاقتصاد وبين من يروجون أنه خراب وتشريد وضعف.. في بلادنا الاستثمار وإقامة المشروعات رجس من عمل الشيطان والتعمير وجذب العملة الصعبة تخبط وافلاس حكومي.. للأسف أيضا هذا هو فرق الثقافة بيننا وبين الآخرين وفرق التفكير وفرق الاستيعاب وفرق الجهل بأحكام الأسواق وقواعد البيزنس وأساسيات الاستثمار.

كنا ننتظر أن يخرج السعوديين ويتظاهرون على مواقع التواصل رفضا لمشروعات هشام طلعت في بلادهم وأن يشجب العراقيون منح مشروع قومي لرجل أعمال غريب لكن ذلك لم يحدث ولن يحدث لأن لديهم الثقافة المالية والتجارية والاقتصادية والثقة في قياداتهم وفي حكوماتهم بينما نحن نستهلك الحكومة لدينا لتبرر أسباب منح المستثمرين لمشروعات مهمة أو بيع مصانع وفنادق لتطويرها وزيادة ربحيتها ورفع حجم العمالة التي تستوعبها ومضاعفة خطوط الانتاج وتوطين التكنولوجيا الحديثة في بلادنا.

مشروعات هشام طلعت في الخليج وردود الفعل المرحبة هناك ذكرتني بالموقف منه في مصر حينما اشترت مجموعته مساحة من الأرض لبناء مدينة حدائق العاصمة المواجهة للعاصمة الإدارية الجديدة بمبلغ 500 مليار جنيه بما يعادل 32 مليار دولار وقتها، وبدلا من التهليل خرجت منصات الجهل لتقول إن الحكومة جاملت هشام طلعت وهو (مصري القلب والجنسية واللسان) وباعت له الأرض برخصة تراب على الرغم أنه هو التراب نفسه الذي استنكرت وقتها منصات الجهل إقامة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وزعمت أن الدولة أضاعت مليارات الجنيهات في الصحراء وإن الحكومة خدعت الشعب ونصبت على المصريين وفي نفس الوقت أدعو أن الحكومة باعت الأرض التي قالوا عنها مسبقا صحراء جرداء بأسعار رمزية على الرغم من أن الرجل دفع 500 مليار جنيه وهو رقم مهول.. إنها عقلية الجهل والتخريب والتسخين ومقاومة الإعمار وفرق التوقيت الشاسع في العقول هنا وهناك.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق