"الميلاد".. عبدالله السعداوي يروي حكاية التجريب والانبعاث المسرحي في البحرين

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالتزامن مغ ملتقى ”قلب السعداوي المشترك“ الذي سيقام في الفترة من 1 إلى 10 يونيو القادم بمركز الفنون يصدر عن مركز إنكي للفنون الادائية  ونادي مدينة عيسى كتاب “الميلاد“ عن تجربة المختبر المسرحي بالنادي للفنان والمخرج البحريني عبدالله السعداوي، الذي يُعد من أبرز رموز المسرح التجريبي في الوطن العربي. 

تجربة رائدة

يوثق هذا الكتاب تجربة رائدة انطلقت في ثمانينيات القرن الماضي وأسهمت في إعادة تشكيل المشهد المسرحي في البحرين، من خلال تأسيس أول مختبر مسرحي احتضنته قاعة متواضعة بنادي مدينة عيسى، ليصبح لاحقًا نواة لتأسيس مسرح الصواري.

يحمل الكتاب طابع السيرة الذاتية، لكنه يتجاوزها إلى تقديم شهادة تاريخية وفنية، ترصد مسيرة فنان واجه الإقصاء والتهميش في بداياته، ونجح في تحويل الرفض إلى فرصة للابتكار والتجريب. يقول السعداوي في كتابه: “لم يكن أمامي سوى أن أطرق أبواب الأندية، فكانت البداية الحقيقية في نادي مدينة عيسى، حيث بدأ الحلم يتحول إلى فعل مسرحي ملموس.”

ولادة في الظل

في نادي مدينة عيسى بدأ تأسيس مختبر مسرحي قائم على التدريب اليومي، والعمل الجماعي، والمزاوجة بين الأداء الجسدي والفكري، من خلال ورش مكثفة امتدت سنوات، وشهدت ميلاد عروض مسرحية شكلت نقلة نوعية في المسرح البحريني.

من أبرز الأعمال التي خرجت من رحم هذا المختبر مسرحيات:"الرجال والبحر“، و“الصديقان“، و“الرهائن“، و“الجاثوم“، التي اتسمت بتجريب بصري وجسدي غير مسبوق، وبتقنيات مسرح فقير، مستوحاة من تجارب جروتوفسكي وستانسلافسكي وبريشت، لكنها مُعاد صياغتها بما يناسب خصوصية المكان والواقع المحلي.
 


مختبر لا يشبه سواه
 

يصف السعداوي المختبر بأنه “فعل فلسفي مستمر”، لا يقتصر على الأداء بل يمتد إلى صناعة وعي جمالي لدى الممثلين والجمهور معًا. لقد فتح فضاء النادي لتجريب غير مألوف: المسرح داخل الخيمة، المسرح في الشارع، الجسد كوسيط تعبيري مستقل، والسينوغرافيا كفكر بصري لا تابع للديكور.

وقد أسهم المختبر في تكوين جيل جديد من المسرحيين الذين أصبحوا لاحقًا من أعمدة المسرح البحريني، حيث تلقوا تدريبات يومية امتدت لسنوات، شملت الأداء الجسدي، تحليل النص، تقنيات الصوت، والمشاهدة النقدية للأفلام والعروض المسرحية العالمية.

فلسفة واضحة، ورؤية ممتدة

يتضمن الكتاب تحليلات معمقة لمفاهيم مثل النص المسرحي، الرؤية الإخراجية، التكوين الجسدي للممثل، النقد المسرحي، والمسرح كفعل جماعي، ويؤكد أن المسرح لا يُبنى على النوايا، بل على التدريب والانضباط والخيال.

كما يتوقف السعداوي عند مفكرين وفلاسفة المسرح مثل بيتر بروك، يوجينو باربا، ارتو، كولدج كريك، ويدمج أفكارهم برؤية محلية صاغها خلال سنوات من التمرين، والاحتكاك المباشر بالواقع الثقافي البحريني.

 

وثيقة جمالية ومصدر بحثي

يُعد كتاب “الميلاد” أكثر من مجرد تأريخ لتجربة مسرحية. إنه وثيقة فنية وفكرية، تؤسس لفهم أعمق للمسرح العربي كمنصة للبحث والتجريب، وتبرز الدور الذي لعبته الأندية في دعم الحراك الثقافي، لا سيما في فترة الثمانينيات. 

فهذا الإصدار يُعد توثيقًا مهمًا لمرحلة ذهبية من تاريخ النادي، وتجربة تستحق أن تُدرس وتُستلهم، خصوصًا أنها تمثل أنموذجًا لتكامل الفكر والممارسة في بناء مسرح جاد ومؤثر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق