قال البنك التجاري الدولي، إنه في الماضي، كانت مصر جزءا حيويا من طرق التجارة عبر الصحراء الكبرى والبحر الأحمر التي ربطت شرق إفريقيا باقتصادات البحر الأبيض المتوسط، ومع تزايد تأثير منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، تمتلك مصر القدرة على تعزيز دورها كحلقة وصل مالية بين شمال إفريقيا وجنوب الصحراء.
منطقة التجارة الحرة الافريقية
وأضاف التجاري الدولي، ان منطقة التجارة الحرة الافريقية دخلت حيز التنفيذ في عام 2019، وهي تحمل إمكانيات كبيرة طويلة الأمد لإعادة تشكيل مشهد التجارة في إفريقيا، إلا أن تحقيق هذا التحول يعتمد على التغلب على تحديات التنفيذ والتنظيم والبنية التحتية.
وأشار إلى أن إنشاء منطقة تجارة حرة تضم 1.4 مليار شخص بإجمالي ناتج محلي قدره 3.4 تريليون دولار قد يعكس الاتجاه التنازلي لحصة القارة في التجارة العالمية.
وقدرت مجموعة البنك الدولي أن AfCFTA المكتملة التنفيذ قد تزيد صادرات إفريقيا إلى بقية العالم بنحو الثلث بحلول عام 2035، بينما ستتضاعف الصادرات البينية والاستثمار الأجنبي المباشر داخل إفريقيا خلال نفس الفترة.
تحديات واجهها الاقتصاد المصري
وتابع: بالنسبة للاقتصاد المصري الذي عانى من تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، يمكن أن تمثل AfCFTA فرصة مهمة. أولاً، هناك إمكانية لزيادة سوق الصادرات المصري. كانت مصر بالفعل عضوًا في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA) والسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (COMESA).
وأشار مركز قوانين التجارة (tralac) في جنوب إفريقيا إلى أن AfCFTA تتيح لمصر الوصول التفضيلي إلى 34 سوقًا إفريقيًا إضافيًا.
وقال إسلام زكري، الرئيس التنفيذي للشؤون المالية والعمليات بالبنك التجاري الدولي (CIB)، إنه يتوقع أن تساعد AfCFTA مصر على اختراق أسواق جديدة وتنويع قاعدة صادراتها، ففي الوقت الذي تهيمن فيه الرسوم الجمركية على الأخبار، تهدف AfCFTA إلى خفض الرسوم الجمركية داخل إفريقيا بنسبة 97% من السلع خلال فترات زمنية مختلفة، بينما ستسهم توحيد اللوائح والمعايير في إزالة الحواجز غير الجمركية.
وأضاف زكري: “تتمتع القاعدة الصناعية الراسخة في مصر بموقع جيد لتلبية الطلب المتزايد عبر أسواق المستهلكين الإفريقية”.
وقال جون ستيوارت، الاقتصادي والمحلل السياسي والمشارك في tralac، إن القطاعات المصرية التي قد تستفيد من التجارة البينية الإفريقية تشمل الأدوية، والكيماويات، ومواد البناء، والأغذية المصنعة، والخدمات الهندسية
وأشار ستيوارت، إلى أن “مصر تتمتع بمزايا تنافسية في العديد من هذه القطاعات بفضل قاعدة صناعية كبيرة وراسخة، وتكاليف عمالة معتدلة، وخبرة متنامية في الخدمات المدعومة رقميًا مثل الهندسة الإنشائية، وإدارة اللوجستيات، وحلول التكنولوجيا المالية”.
عنق الزجاجة في تمويل التجارة
ليس من السهل استغلال هذه الإمكانيات التصديرية. فالحواجز اللوجستية وبعد المسافات تشكل عقبات حقيقية. فرغم موقع مصر الاستراتيجي عند ملتقى شمال شرق إفريقيا والشرق الأوسط، ما زالت روابطها التجارية تتركز بشكل كبير على أوروبا وآسيا والخليج.
كما أن غياب روابط مباشرة للشحن البحري والجوي مع العديد من الدول الإفريقية – خاصة في وسط وغرب إفريقيا – يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وزيادة أوقات التسليم، وانخفاض تنافسية الصادرات المصرية.
في الوقت نفسه، يظل تمويل التجارة “عنق الزجاجة الحرج” أمام التجارة البينية الإفريقية، وفقًا لستيوارت. “قد يجد المصدرون المصريون صعوبة في تقديم ائتمانات للأسواق غير المعروفة بدون ضمانات، بينما غالبًا ما يفتقر المستوردون الأفارقة للسيولة اللازمة لتمويل الشحنات أو الامتثال لشروط الدفع الصارمة”، وهنا يأتي دور البنوك المصرية في سد هذه الفجوات.
قطاع البنوك المصري، المعروف بقوته، وفر استقرارًا مرحبًا به خلال العديد من الأزمات الاقتصادية. البنوك المصرية عمومًا تتمتع برؤوس أموال جيدة ولديها طموح للتوسع، وبعض أكبر البنوك المصرية لديها بالفعل تواجد في إفريقيا، ففي عام 2022 – بعد بدء العمل باتفاقية AfCFTA – افتتح البنك الأهلي المصري (NBE) أول فرع له في جوبا، جنوب السودان، ولديه بالفعل مكاتب تمثيلية في إثيوبيا وجنوب إفريقيا.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن بنك مصر عن خطط للتوسع في إفريقيا ويعمل حاليًا على تأسيس فرع في جيبوتي وآخر في مقديشو.
أما في القطاع الخاص، فيبرز البنك التجاري الدولي (CIB) من خلال التزامه تجاه إفريقيا عبر شركته التابعة في كينيا التي يملكها بالكامل منذ استحواذه على الأسهم المتبقية في 2023. من خلال CIB كينيا، يقدم البنك خدمات وساطة ومنصة لدعم الطموحات الإقليمية للشركات المصرية.
ويقول زكري، إن الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات تسهيل التجارة العالمية والإقليمية تمكن CIB كينيا من مساعدة العملاء على توسيع تجارتهم داخل إفريقيا مع تقليل المخاطر.
تفرض التجزئة التنظيمية، وتقلبات أسعار الصرف، وتنوع الملفات الائتمانية مخاطر تشغيلية كبيرة. وتعتمد CIB لمواجهة هذه التحديات على إطار شامل للتخفيف من المخاطر يشمل تمويل التجارة المهيكل، وأطر المشاركة في المخاطر، والتعاون المؤسسي، وإدارة مخاطر العملات. تشمل الشراكات الرئيسية البنك الإفريقي للتنمية، الذي يساعد CIB على تعزيز قدراته في امتصاص المخاطر وتقديم منتجات تمويل التجارة. كما يدعم البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير (Afreximbank) بنوكًا مثل CIB لتعزيز أدوات إدارة المخاطر. سمح التعاون مع Afreximbank للبنك التجاري الدولي بتبني نظام الدفع والتسوية الإفريقي (PAPSS)، الذي يقلل من تكاليف التحويل ويسهم في جعل المعاملات أكثر كفاءة.
تعد المبادرات متعددة الأطراف مثل PAPSS وآلية تكيّف AfCFTA – التي تهدف إلى مساعدة الدول على التعامل مع خسائر خفض الرسوم الجمركية – واعدة. ولكن، كما يشير ستيوارت، فإنها تحتاج إلى الحجم والمواءمة السياسية لتحقيق تحول حقيقي. لا يزال الطريق طويلاً، ولكن مع تزايد الزخم، باتت البنوك المصرية في وضع جيد لسد فجوات التمويل والربط بين الأسواق الإفريقية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق