
بعنوان “مسارات الجدل والبرهان في التراث العربي الفلسفي.. مراجعات نقدية”، صدر ليوسف بن عدي، أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط، كتاب جديد عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يبحث في “العلاقة بين الجدل والبرهان في الفلسفة العربية”، وكيف اعتُبر “لقاؤهما فاشلًا أو خصاميًّا لدى بعض الباحثين، كما في المثال الرمزي لابن رشد وابن عربي”.
كما يظهر الكتاب الجديد، وفق ورقته التقديمية، أن “المتكلمين استخدموا الجدل لأغراض الغلبة لا للبرهنة، على عكس الفلاسفة الذين جعلوه أداةً للوصول إلى الحق”؛ في حين إن البرهان الفلسفي “يُبرز استقلالية الظواهر الطبيعية والإنسانية، ويعتمد على الكلية والسببية والعقلانية”.
وينتقد العمل “القياس الكلامي التقليدي”، مع تقديم “الجدل الفلسفي بصفته طريقًا إلى اليقين وفهم الوجود، لا مجرد وسيلة للانتصار الجدلي فحسب”.
ويناقش بن عدي، حسب المصدر المذكور، “التفاعل المعقّد بين الجدل والبرهان في الفكر الفلسفي العربي، عبر تحليل نصوص فلسفية متعددة، وإجراء مراجعات نقدية تكشف كيف ساهم هذان المساران في بناء المعرفة العقلانية وتعميق الفهم العقلي للطبيعة والوجود والفعل الإنساني؛ فقد عرف الجدل مسارَين رئيسَين: أحدهما انفصل عن البرهان، وتجلى في علم الكلام، حيث استُخدم لأهداف أيديولوجية وفُصل عن أصوله المنطقية كما وضعها أرسطو والفلاسفة المسلمون، ما حال دون نشوء نظرية جدلية راسخة. أما المسار الآخر، فكان مواصلًا للبرهان، واحتفظ به الفلاسفة العرب بوصفه أداة تعليمية تمهّد للبرهان، على الرغم من أن العلاقة بين الجدل والتنظير الفلسفي ظلّت معقدة، كما يتجلى، مثلًا، في حالة الكندي”.
ويبيّن الكتاب أن “العلاقة بين المنطق والميتافيزيقا تُعدّ مركزية لفهم مفاهيم فلسفية مثل العلل والماهيات. ويركّز على مساهمات الفارابي وابن رشد في تبيان دور البرهان في المنطق والفلسفة الأولى، حيث تختلف مقاربتاهما لمفهوم “الواحد””.
ومن بين ما ينتقده كتاب “مسارات الجدل والبرهان في التراث العربي الفلسفي” “مبدأ قياس الغائب على الشاهد، الذي اعتمده المتكلمون، ويبيّن كيف أن الخطاب الفلسفي الرشدي لا يستند إليه إلا بصفته تشبيهًا توضيحيًا، لا بصفته أصلًا معرفيًّا. ويرى أن البرهان، كما يظهر في شروحات يحيى بن عدي وابن رشد، يحمل طابعًا كونيًّا يتجاوز الانتماءات الثقافية والدينية، في مقابل التحريفات التي أدخلتها القراءات الأفلاطونية وأمثال مختصر عبد اللطيف البغدادي”.
ومن بين ما ينبّه المؤلف عليه “جدّة طرح ابن رشد لمسألة المرأة، بوصفها كائنًا أنطولوجيًّا مساويًا للرجل، متجاوزًا القيود الفقهية والاجتماعية”؛ ليخلص إلى أن “الفصل بين الجدل والبرهان، كما مارسه المتكلمون، كان خيارًا أيديولوجيًّا أضعف الخطاب الفلسفي؛ في حين إن الفلاسفة، وخصوصًا ابن رشد، سعوا إلى وحدة المسارَين ضمن فضاء الميتافيزيقا، حيث تنمو حرية التأويل وتتجلى أصالة الفهم العقلي”.
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.
0 تعليق