كثيرا ما لعبت مصر دورا متميزا، كممر عبور آمن بين الشرق والغرب، ومع حدوث تحولات كبرى في البنية التحتية والنقل واللوجستيات، تتحول مصر إلى "قلب نابض" لحركة التجارة العالمية، ضمن استراتيجية وطنية تضع مصر في موقع القيادة اللوجستية بالمنطقة.
وتشهد العلاقات المصرية الأمريكية، مرحلة جديدة من الشراكة المتقدمة التي لم تعد تقتصر على الجوانب السياسية فقط، بل تمتد اليوم إلى مجالات الإستثمار والتنمية الإقتصادية، وتعد واشنطن من أكبر المستثمرين الأجانب في السوق المصري.
ويعكس هذا التوسع في العلاقات الاقتصادية عمق الثقة المتبادلة بين البلدين ونجاح مصر في تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة شجعت كبرى الشركات الأمريكية على دخول السوق المصرية، وتتنوع مجالات التعاون الاستثماري لتشمل قطاعات الطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والصناعة، والدواء، والتعليم، والزراعة، مدعومة برغبة مشتركة في تعزيز الاستقرار الإقليمي ودفع عجلة التنمية المستدامة، وتشكل الإجتماعات الثنائية، ومجالس الأعمال المشتركة، والزيارات المتبادلة بين المسؤولين ورجال الأعمال، منصة لتعميق الحوار الاقتصادي وبحث الفرص الاستثمارية الجديدة.
كما تلعب مصر دورا محوريا كبوابة استراتيجية للشركات الأمريكية نحو إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما يمنح العلاقات الثنائية بعدا جيواقتصاديا مهما، ويجعل من الشراكة بين القاهرة وواشنطن نموذجا لصداقة قائمة على المصالح المتبادلة والتنمية المشتركة تتجاوز الإطار السياسي التقليدي نحو آفاق اقتصادية واعدة.
وتتحول مصر بسرعة كبيرة إلى مركز ترانزيت إقليمي وعالمي، نتيجة لموقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، خاصة مع وجود قناة السويس التي يمر من خلالها أكثر من 12% من التجارة العالمية.
وتشهد العلاقات الاستثمارية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، تطورا ملحوظا يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث تعد الولايات المتحدة أحد أكبر الشركاء التجاريين والاستثماريين لمصر، وتسعى القاهرة وواشنطن إلى تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال فتح آفاق جديدة للاستثمار في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة والبتروكيماويات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الدوائية والزراعة المستدامة، وهناك علاقات قوية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في الاستثمارات المُتبادلة، إذ تتجاوز حجم الإستثمارات الأمريكية المتراكمة في مصر 47 مليار دولار، فيما تجاوز التبادل التجاري بين مصر وأمريكا، الـ 8.6 مليار دولار في 2024.
وساهمت الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها مصر في تحسين مناخ الاستثمار، وجذب المزيد من الشركات الأمريكية، خاصة في ظل الاستقرار السياسي وتحديث البنية التحتية وتسهيل الإجراءات الجمركية والتراخيص، كما تشارك مصر بفاعلية في المنتديات الإقتصادية المشتركة مثل الحوار الإستراتيجي بين البلدين ومجالس الأعمال الثنائية، بما يسهم في دفع عجلة التعاون نحو مستويات أعلى من التكامل الإقتصادي، وتؤكد الزيارات الرسمية المتبادلة بين كبار المسؤولين من الجانبين حرص البلدين على تعميق الشراكة وتنميتها في إطار من المصالح المتبادلة.
وفي ضوء ما تملكه مصر من سوق واعدة وموقع جغرافي متميز، فإنها تعد بوابة استراتيجية للشركات الأمريكية نحو الأسواق الإفريقية والشرق أوسطية، ما يجعل من تطوير العلاقات الاستثمارية بين البلدين ركيزة أساسية لدعم التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وتعمل الحكومة على تطوير الموانئ مثل الإسكندرية ودمياط والعين السخنة، باستخدام أحدث تقنيات النقل والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كمركز صناعي ولوجستي متكامل يجذب الاستثمارات العالمية، وتوسيع المطارات وتحديثها مثل مطار العاصمة الإدارية وإنشاء مراكز شحن جوي حديثة، ويهدف هذا التحول إلى تعظيم الاستفادة من موقع مصر، وزيادة دخل العملة الصعبة، وتوفير فرص عمل ضخمة.
وفي المقابل، تواجه مصر تحديات مثل المنافسة من مراكز ترانزيت كبرى محلية ودولية، ما يتطلب استمرار التطوير الرقمي والتكنولوجي في البنية التحتية، ومع الاستمرار في تنفيذ هذه الخطط الطموحة، يمكن لمصر أن تصبح لاعبا رئيسيا في حركة التجارة العالمية خلال السنوات القادمة.
وتقع مصر في نقطة التقاء بين 3 قارات، آسيا، أفريقيا، وأوروبا، وهذا يعطيها ميزة تنافسية ضخمة فهي أسرع طريق بحري بين الشرق والغرب، وتسير مصر بخطى متسارعة نحو التحول من مجرد ممر عبور تقليدي إلى مركز رئيسي لحركة التجارة العالمية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد الذي يتوسط ثلاث قارات، إضافة إلى قناة السويس التي تمثل شريانا حيويا للتجارة الدولية بمرور ما يزيد عن 12% من حجم التجارة العالمية من خلالها، وقد تبنت الدولة استراتيجية شاملة لتطوير البنية التحتية في مجالات النقل والموانئ والمناطق اللوجستية، حيث شملت هذه الجهود تحديث موانئ الإسكندرية ودمياط والعين السخنة وربطها بشبكات طرق وسكك حديدية متطورة، كما تم إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتكون مركزا صناعيا وتجاريا عالميا يستقطب كبريات الشركات العالمية، فضلا عن التوسع في إنشاء وتطوير المطارات ومراكز الشحن الجوي لرفع كفاءة حركة البضائع والمسافرين، وينتظر أن ينعكس هذا التحول على الاقتصاد المصري بزيادة فرص العمل وتعزيز الإيرادات وجذب الاستثمارات الأجنبية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، وعلى رأسها المنافسة الشرسة مع مراكز ترانزيت عالمية كدبي وسنغافورة، وهو ما يتطلب استمرار التطوير التكنولوجي وتحسين الخدمات اللوجستية وتوفير بيئة أعمال مرنة وجاذبة، وإذا ما استمرت مصر في هذا المسار الطموح، فإنها بلا شك ستصبح خلال السنوات القليلة المقبلة محورًا عالميا لحركة التجارة والخدمات اللوجستية، ومركزا حيويا يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
وبرعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، انطلقت فعاليات منتدى قادة السياسات بين الولايات المتحدة، وجمهورية مصر العربية لعام 2025 الأحد الماضي، وبحضور الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كجوك، وزر المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية.
0 تعليق