التحولات المتسارعة في إفريقيا تلحق كينيا بداعمي قضية الصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تطور دبلوماسي بارز، أعلنت كينيا، إحدى أبرز القوى الاقتصادية والسياسية في شرق إفريقيا، دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة المغربية كحل نهائي وواقعي لقضية الصحراء المغربية، في خطوة تمثل، وفق الخبراء، تحولا نوعيا في موقفها الذي كان تاريخيا داعما لجبهة “البوليساريو”.

هذا الإعلان، الذي تزامن مع تدشين مقر سفارة كينية في العاصمة المغربية الرباط أمس الاثنين، يعكس انسجاما متزايدا مع التوجه الدولي الداعم للسيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية، ويؤكد على نجاح الدبلوماسية المغربية في تعزيز موقعها داخل القارة الإفريقية.

ويأتي هذا الموقف الكيني الجديد في سياق دينامية دولية متنامية، عززتها مبادرات مغربية طموحة؛ مثل المبادرة الأطلسية، ومشروع أنبوب غاز نيجيريا-المغرب، إلى جانب الاعترافات الدولية المتتالية، لا سيما الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في دجنبر 2020.

هذا التحول يعكس أيضا، وفق خبراء العلاقات الدولية، إدراك كينيا للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية التي يمكن أن تجنيها من تعزيز علاقاتها مع المغرب، فضلا عن تراجع النفوذ الدبلوماسي للمعسكر الداعم للانفصال، المتمثل أساسا في الجزائر وجنوب إفريقيا.

في هذا السياق، اعتبر عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه من الواضح أن عددا من البلدان الإفريقية التي كانت تدور في محور الجزائر-أبوجا-بريتوريا “بدأت تتحرر من هذا النفوذ، وأن جمهورية كينيا أدركت أن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاستراتيجية تنطلق إعادة بناء علاقاتها التاريخية مع الرباط”.

وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا التحول يأتي في سياق تحييد العوامل التي تسببت في تذبذب العلاقات بين البلدين في السابق، وأن الانخراط في الدينامية التي أحدثتها مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع الإقليمي المتعلق بالصحراء المغربية يشكل مدخلا أساسيا لتطوير العلاقات بين البلدين؛ وهو ما حاولت نيروبي القيام به منذ سنة 2022.

واعتبر الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية أنه “لا يمكن تفسير موقف كينيا الداعم لمبادرة الحكم الذاتي إلا من خلال اتساع رقعة خريطة الدول التي سحبت اعترافها بما يسمى “جمهورية البوليساريو”، واتساع دائرة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي؛ فضلا على الفرص المتزايدة التي يوفرها المغرب على مستوى القارة الإفريقية في إطار تعاون جنوب جنوب، سواء من خلال المبادرة الأطلسية أو من خلال أنبوب غاز نيجيريا المغرب، وغيرها من المبادرات”، مشيرا إلى أن هذه “كلها عوامل ساهمت في دفع كينيا إلى التخلص من عقدة الاعتراف بـ”البوليساريو” والاصطفاف بجانب قرارات مجلس الأمن الدولي التي تشجع على حل سياسي وواقعي لقضية الصحراء المغربية”.

وأضاف المتحدث عينه أن فتح تمثيلية دبلوماسية لكينيا بالرباط هو “مؤشر على أن العلاقات بين البلدين سوف تعرف تطورا ملحوظا، إن على المستوى الاقتصادي والتجاري والثقافي أو على مستوى السياسي والتنسيق الدولي في القضايا المشتركة”.

من جانبه، ذكّر المحلل السياسي والأمني محمد شقير بأن كينيا تعتبر من بين الدول الأنجلو-إفريقية التي كان لها موقف معارض لمغربية الصحراء نظرا للتأثير السياسي لجنوب إفريقيا كقوة إقليمية بالمنطقة التي لها موقف معارض للوحدة الوطنية بسبب التحالف السياسي مع الجزائر.

وأبرز شقير، في حديث لهسبريس، أن غياب التأثير الدبلوماسي المغربي في هذه المنطقة ساهم في احتفاظ كينيا بهذا الموقف السلبي، “قبل أن تكسر الزيارة الملكية لهذه المنطقة هذا الوضع”، خاصة بعدما انضم المغرب إلى الاتحاد الإفريقي واستعاد مقعده الشاغر، حيث بدأ في مواجهة الطروحات الانفصالية وكذا الدعاية التي كانت تقوم بها الدبلوماسية الجزائرية داخل مؤسسات الاتحاد.

وحسب المحلل السياسي والأمني ذاته، فإن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وتجديد هذا الموقف من لدن إدارة ترامب الحالية “دفع السلطات الكينية إلى إعادة النظر في موقفها من قضية الوحدة الوطنية”، متوقعا أن يساهم هذا الموقف الكيني “في ترجيح كفة المغرب داخل الاتحاد الإفريقي باعتبار كينيا من الدول الوازنة داخل المنظمة؛ مما سيقلص من المعسكر المعادي للمغرب والذي بات مقتصرا على الثنائي الجزائري الجنوب إفريقي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق