حكاية أثر| مراكب الشمس.. حين أبحر خوفو نحو الخلود

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد مراكب خوفو "مراكب الشمس" من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، حيث تسلط الضوء على البعد الروحي والرمزي العميق في الحضارة المصرية القديمة، واكتشفت هذه المراكب عام 1954 بجوار الهرم الأكبر في الجيزة، وتعتبر من أقدم وأكمل السفن الخشبية التي عثر عليها حتى اليوم.

كمال الملاخ

ففي مايو 1954، اكتشف عالم الآثار المصري كمال الملاخ حفرتين مسقوفتين عند قاعدة الهرم الأكبر من الجهة الجنوبية، كانت كل حفرة مغطاة بـ41 كتلة ضخمة من الحجر الجيري المستخرج من محاجر طرة، وقد وضعت هذه الكتل على حافتين للحفرة، وكانت هناك طبقة سميكة من الجبس تغطى الكتل الحجرية وتملأ الشقوق والفجوات التي كانت بين الكتل وبعضها، وهذه الطبقة ساعدت كثيرا في حماية ما بداخل الحفرة من أي عناصر كانت من الممكن أن تؤثر على سلامة القطع الخشبية للمركب، وعثر في إحداهما على سفينة مفككة مصنوعة من خشب الأرز، تتكون من 1224 قطعة، بما في ذلك خمسة أزواج من المجاديف، وزعانف توجيه، ومقصورة، كما عثر على بقايا حبال مصنوعة من نبات "الحلفا" كانت مستخدمة لتجميع أجزاء المركب، وكذلك عثر أيضا على أجزاء من الحصير الذي كان مستخدمًا لتغطية مقاصير المركب، استغرقت عملية إعادة تركيب المركب نحو عشر سنوات، ويبلغ طول المركب 43.4 متراً، وعرضه 5.9 متر، وعمقه 1.78 متر، وارتفاعه سبعة أمتار، في نهاية المركب و 6 متر في المقدمة، إضافة إلى وجود 10 مجاديف كبيرة، وتم عرضها في متحف خاص بجوار هرم الملك خوفو.

الإله رع

وتعرف هذه المراكب باسم "مراكب الشمس" نظراً لارتباطها بعقيدة الإله رع، إله الشمس في الميثولوجيا المصرية، وكان يعتقد أن الملك خوفو يستخدم هذه المراكب للانتقال مع رع في رحلته اليومية عبر السماء خلال النهار، وفي العالم السفلي خلال الليل، حيث تشير الأسطورة إلى أن الإله رع، يكون طفلاً عند الشروق، ثم رجلاً كاملاً وقت الظهيرة، ثم يصبح عجوزاً في المساء، يركب مركبين، تعرفان باسم مراكب رع، يعبر بهما النهار حيث يعلو في السماء، ثم يختفي عن الأنظار وقت الغروب، ويبدأ رحلة البحر السماوي خلال الليل، وتحمل المركبان اسم الإله الملك، بعد وفاته أثناء رحلته المقدسة إلى عالم النور وتشير بعض الآراء إلى أن هذه المراكب لم تستخدم في الحياة اليومية، بل كانت لها دلالات طقسية ورمزية، تهدف إلى مرافقة الملك في رحلته الأبدية، وتشير بعض الآراء الأخرى إلى أن تلك المراكب ترتبط باستخدامها لنقل جثمان الملك للدفن في البر الغربي من نهر النيل؛ حيث الجهة المفضلة للدفن قديما لذا أطلق عليها المراكب الجنائزية.

مراكب الشمس

كما أظهرت مراكب الشمس براعة المصريين القدماء في صناعة السفن، فقد صنعت من خشب الأرز المستورد من لبنان، دون استخدام مسامير معدنية، بل اعتمدت على تقنية "العاشق والمعشوق" والحبال لربط الأجزاء ببعضها، واستخدام هذه التقنية يظهر مستوى متقدماً من الفهم الهندسي لدى المصريين القدماء. 

المصريون القدماء

وقد تنوعت صناعة المراكب عند المصريين القدماء، ومنها المراكب المصورة في مقابر عصور ما قبل الأسرات، ومراكب الأسرة المبكرة، وأخرى في أبيدوس بسوهاج، ومركب الملك سنوسرت في دهشور، بعضها مخصص للملوك وأخرى لكبار موظفي الدولة.

وفي أغسطس 2021، نقلت مركب الشمس من داخل متحفها بالمنطقة الأثرية بالهرم إلى المتحف المصري الكبير باستخدام تقنيات حديثة لضمان سلامتها، باستخدام العربة الذكية ذات التحكم عن بعد، والتي تم استقدامها خصيصاً من بلجيكا لنقل المركب قطعة واحدة بكامل هيئتها دون تفكيك، لمكان عرضها الجديد بالمتحف المصري الكبير، وهي تعرض الآن في قاعة مخصصة، مما يتيح للزوار فرصة مشاهدة هذا الأثر الفريد في بيئة مناسبة. 

وترجع فكرة عملية نقل المركب الأولى للواء مهندس عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف الكبير والمنطقة المحيطة، الذي عرض فكرة النقل على الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ٢٨ مايو ٢٠١٩، والتي جاءت نتيجة أن مبنى المتحف القديم الخاص بالمركب والذي تم إنشاؤه منذ ما يزيد على ربع قرن قد أدى إلى إخفاء الضلع الجنوبي للهرم الأكبر، كما أدى بشكل واضح إلى تشويه بصري للمنطقة الأثرية، إلى جانب وجودها في مبنى يفتقر إلى أسلوب العرض المتحفي المتميز.

WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.20 AM
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.20 AM
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM (1)
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM (1)
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM (2)
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM (2)
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM
WhatsApp Image 2025-05-02 at 5.47.21 AM
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق