قال كريستوف لوكورتي، السفير الفرنسي المعتمد لدى المغرب، خلال افتتاح مركز “TLS Contact” الخاص بالتأشيرات اليوم بمدينة العيون، إن هذه الخطوة تمثل “فرحة كبيرة مصحوبة بكثير من التأثر”، مضيفا أن “الالتزام الذي قطعناه قبل أشهر عدة قد تحقق اليوم؛ إذ بات بإمكان أي مقيم في هذه المدينة أو بالأقاليم الجنوبية إيداع طلب تأشيرة، مهما كان نوعها وفي الظروف نفسها التي يتمتع بها المواطن المغربي في مدن مثل الدار البيضاء والرباط وغيرها من المراكز المشابهة”.
وأوضح لوكورتي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا المركز هو البوابة الأولى نحو فرنسا، لذا حرصنا على توفير فضاء مريح يتضمن لوحات تعريفية بفرنسا ومقاعد للانتظار، بالإضافة إلى الإجراءات التقنية الحديثة مثل جمع البصمات والبيانات البيومترية التي تُرسل مباشرة إلى المركز القنصلي بالدار البيضاء المختص بمعالجة طلبات تأشيرات جنوب المغرب، سواء للأقاليم الجنوبية أو مدن أخرى مثل أكادير ومراكش.”
وأشار السفير الفرنسي إلى أن “أولى الطلبات استقبلت بالفعل، بحيث تم إيداع الملفات وأخذ البصمات البيومترية، وأن جوازات السفر ستعاد إلى العيون خلال مدة أقصاها أسبوعان، مرفقة بالتأشيرات للملفات المستوفية للشروط”، مؤكدا أن “الخدمة المتاحة اليوم تعني أن كل من يرغب في السفر إلى فرنسا، لأغراض مهنية أو زيارة أصدقاء أو لأسباب طبية، يمكنه الآن تقديم طلبه من العيون والاستفادة من المعاملة نفسها التي كان يحصل عليها في الرباط أو الدار البيضاء أو أي مركز TLS بالمغرب”.
وبحضور عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، أشاد السفير الفرنسي بالجهود المبذولة من طرف السلطات المحلية بالعيون لتوفير بنية استقبال تليق بالمكانة، لافتا إلى أن “هذا الافتتاح يشكل سابقة مهمة، حيث كان المترشحون في السابق يضطرون إلى خوض مسار شاق عبر السفر إلى أكادير وتحمل تكاليف التنقل والإقامة؛ وهو عبء أصبح اليوم من الماضي”.
وسجل المسؤول ذاته أن هذه الخطوة “تتجاوز البعد الخدماتي لتكتسب بعدا رمزيا قويا؛ إذ نوجه رسالة واضحة إلى سكان هذه الجهة وإلى عموم المغرب مفادها أن هناك مساواة في الخدمات والمعاملة، وأن مكانة الأقاليم الجنوبية تضاهي باقي مناطق المملكة”.
وفي رد على سؤال حول الأبعاد السياسية والدبلوماسية لهذا الافتتاح، أوضح السفير الفرنسي أن “هذه المبادرة تترجم الالتزام الذي تم خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، بدعوة من جلالة الملك محمد السادس، بضرورة معاملة الأقاليم الجنوبية على قدم المساواة بمستوى الانخراط والتعاون نفسه كما هو الحال في باقي مناطق المغرب التي تنشط فيها فرنسا منذ زمن”.
وتابع: “نعطي للأقاليم الجنوبية مكانة خاصة باعتبارها أفقا جديدا لعمل السفارة الفرنسية. سأزور اليوم مدرسة فرنسية قيد البناء ستتيح للتلاميذ لأول مرة اجتياز امتحانات الباكالوريا محليا دون الحاجة إلى التنقل إلى مدن أخرى”.
وبخصوص جهود التنمية والدعم المؤسساتي، أشار الدبلوماسي الفرنسي إلى أن “المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية قام مؤخرا بأول زيارة له إلى العيون والداخلة، حيث أعلن عن مشاريع مهيكلة لدعم التنمية المحلية”، مضيفا أن “أشغال المركز الثقافي الفرنسي تشهد تقدما ملحوظا، إلى جانب قرب افتتاح فضاء جديد لتحالف فرنسي خلال الأسابيع المقبلة”.
وشدد كريستوف لوكورتي في ختام تصريحه على أن “الالتزامات السياسية العليا التي أعلنت منذ ستة أشهر ــ بعد التعبير الرسمي عن دعم فرنسا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء والاعتراف بسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها بهذه الربوع ــ أصبحت اليوم واقعا ملموسا على الأرض، يستفيد منه المواطن مباشرة في مجالات التأشيرات، التعليم، التنمية، والثقافة”.
وكان السفير الفرنسي المعتمد لدى المغرب، كريستوف لوكورتي، قد أشرف صباح اليوم بمدينة العيون، رفقة عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، على افتتاح مركز “TLS Contact”، المكلف من قبل السلطات الفرنسية باستقبال ومعالجة طلبات التأشيرة، إلى جانب عدد من السلطات المحلية والمنتخبين وشخصيات سياسية وعسكرية ومدنية.
ويأتي افتتاح هذا المركز في إطار توسيع نطاق الخدمات القنصلية الفرنسية لتشمل الأقاليم الجنوبية، في خطوة عملية تجسد الموقف الفرنسي الثابت والداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وتعكس انخراط باريس في دعم جهود التنمية والاستقرار في الجهات الجنوبية للمملكة.
كما سيوفر المركز الجديد خدمات شاملة لاستقبال ملفات التأشيرة وتقديم الدعم الإداري والتقني اللازم لسكان الجهات الجنوبية، مما يسهل الولوج إلى الخدمات القنصلية ويعزز أواصر التعاون والروابط الإنسانية والدبلوماسية بين فرنسا وسكان الأقاليم الجنوبية.
وتندرج هذه الخطوة في إطار رؤية استراتيجية لباريس بهدف تعزيز شراكتها مع الرباط، خاصة على المستوى الجهوي، وترسيخ الحضور القنصلي والدبلوماسي الفرنسي في كبرى حواضر الصحراء المغربية بما يواكب دينامية التنمية الشاملة التي تشهدها المنطقة.
0 تعليق