تحول كبير في السياسة الإقليمية مع تقارير عن محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يبرز تساؤل مهم حول إمكانية توقيع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل. 

وقد تعزز هذا التساؤل عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن دمشق خلال جولته الخليجية الأخيرة في وقت سابق، حيث التقى بـالشرع وحثه على التطبيع مع إسرائيل، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية.

وتواترت تقارير حول لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وعناصر من السلطة السورية الجديدة بعد سقوط الأسد، تزامنت مع غارات إسرائيلية على مواقع عسكرية سورية. 

وكشفت مصادر مطلعة لـ"رويترز" عن لقاءات مباشرة بين إسرائيل وسوريا في الأسابيع الماضية بهدف خفض التوترات في المنطقة الحدودية. 

وأكد الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، خلال لقائه الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه، وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لـ"تهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة".

تاريخيًا، خاضت سوريا ثلاث حروب ضد إسرائيل، انتهت باتفاقات هدنة أو فض اشتباك، وأدت إلى احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان عام 1967. 

شهدت التسعينيات محادثات سلام بين سوريا وإسرائيل، خاصة بعد مشاركة سوريا في حرب الخليج الثانية. 

وتركزت هذه المحادثات على "وديعة رابين"، التي تضمنت تعهدًا شفهيًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين بالانسحاب الكامل من الجولان مقابل ترتيبات أمنية. إلا أن اغتيال رابين عام 1995 أدى إلى انتكاسة كبيرة في هذه المفاوضات، ولم تنجح المحادثات اللاحقة سواء في عهد الأسد الأب (حافظ الأسد) أو الابن في حل الخلافات حول الانسحاب من الجولان والترتيبات الأمنية.

على الصعيد الشعبي، يختلف الموقف من التطبيع مع إسرائيل في سوريا. تنقسم المواقف إلى ثلاثة معسكرات: الأول يؤيد السلام لإنهاء الأوضاع المأساوية في سوريا، والثاني يعارض توقيع اتفاق سلام من قبل نظام انتقالي دون تخويل شعبي، والثالث يرفض التطبيع بشكل عام، ويضم فئات تخشى من عمليات انتقامية. 

وقد أظهر استطلاع رأي أجراه المركز السوري لدراسات الرأي العام في أواخر أبريل الماضي أن 46.35% من السوريين لا يؤيدون توقيع اتفاق سلام، مقابل 39.88% من المؤيدين، بينما بلغت نسبة المعارضين لوجود تمثيل دبلوماسي نحو 60%.

من أبرز العقبات أمام إبرام اتفاق سلام هي قضية مرتفعات الجولان المحتلة. ورغم احتلال إسرائيل لمعظم الجولان عام 1967 وضمها من جانب واحد عام 1981 (غير معترف به دوليًا باستثناء إدارة ترامب)، فإن إيهود ياري، محلل شؤون الشرق الأوسط في القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، يؤكد عدم استعداد أي مسؤول سياسي إسرائيلي للتخلي عن الجولان. 

في المقابل، يرى أن السلطة الانتقالية الحالية لا تستطيع التنازل عن الأراضي السورية المحتلة. بينما يعتقد ألكساندر لانغلوي، محلل السياسة الخارجية الأمريكية، أن إبداء الشرع اهتمامه بالتطبيع هو جزء من "لعبة دبلوماسية أكبر للحصول على المساعدة والاعتراف من الغرب".

على الرغم من استبعاد المحللين لفرص تطبيع شامل في الوقت الحالي، إلا أنه يشار إلى إمكانية التوصل إلى "تفاهمات معينة" برعاية إقليمية حول أمن الحدود والانتشار العسكري وتوفير ضمانات لإسرائيل، وقد تشمل "تأجير الجولان لفترة معينة". 

من جهته، يقول الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري إن هناك قناعة في إسرائيل بإمكانية التوصل إلى "تفاهم مهم" مع دمشق، قد يقود إلى ترتيبات حول مصالح مشتركة مثل الأمن والحدود، بما في ذلك اتفاقيات أمنية جديدة وتطبيع بين مكونات دينية داخل سوريا وإسرائيل.

تمثل الفصائل المسلحة، خاصة هيئة تحرير الشام التي قادت الإطاحة بنظام الأسد، تحديًا آخر أمام التطبيع. ترى أن الشرع "غير قادر على فرض التطبيع الكامل" على المقاتلين الإسلاميين المتشددين.

بينما يشار إلى أن التفاهمات المستقبلية المحتملة قد تشمل محاربة التيارات المتطرفة وإبعاد "الجماعات الراديكالية" عن الحدود مع إسرائيل. 

ويرى الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري أن السلطة في سوريا يجب أن تستمر في التنسيق لمواجهة حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة التي كانت تحظى بدعم الأسد. وقد دعا ترامب الشرع إلى طرد من وصفهم بـ"الإرهابيين الفلسطينيين".

أخيرًا، يمثل الاقتصاد عاملًا مهمًا. فرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، رغم عدم ربطه بالتطبيع بشكل مباشر، أثار آمالًا بتحسن الأوضاع الاقتصادية. 

وقد أظهر استطلاع للرأي أن نحو 70% من السوريين يعتقدون أن السلام مع إسرائيل سيؤدي إلى قدوم الاستثمارات. لكن لا يعتقد أن التطبيع مع إسرائيل قد يؤدي بالضرورة إلى الرخاء، مستشهدًا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر. 

في المقابل يقول الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري إن إسرائيل يمكن أن تساعد في حل أزمة الطاقة التي تعاني منها سوريا عبر ضخ الغاز من إسرائيل إلى سوريا ولاحقًا إلى لبنان. 

وهكذا، فإنه وبينما يستبعد محللون فرص تطبيع شامل أو قريب بين إسرائيل وسوريا، إلا أنهم يرون أن إمكانية التوصل إلى تفاهمات ربما تؤدي إلى ضبط الحدود بين البلدين بجانب تعاون في مجالات عسكرية وأمنية - تحُول دون تدهور الأوضاع في سوريا وانتقال تبعاتها إلى المنطقة الحدودية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق