في ذاكرة الفن المصري، يظل اسم صلاح السعدني محفورًا بحروف من نور، ليس فقط لأنه أحد أبرز نجوم الدراما التلفزيونية والسينما، بل لأنه استطاع عبر عقود أن يجسد شخصيات تمس وجدان الجمهور المصري والعربي بصدق الأداء وعمق الإحساس، وُلد عام 1943، وتخرّج في كلية الزراعة، وكان زميل دراسة للفنان الكبير عادل إمام، قبل أن يشق طريقه الفني بثبات، معتمدًا على موهبته الفطرية وحضوره الطاغي، ليصبح لاحقًا "عمدة" الدراما المصرية، لقبًا ودورًا.

أدوار صنعت نجومية صلاح السعدني

لكن اللافت في مسيرة السعدني أنه لم يكن الخيار الأول في عدد من الأدوار التي صنعت نجوميته، بل جاءت إليه بعد سلسلة من الاعتذارات رصدها موقع تحيا مصر، وكأن القدر كان يخبئ له الفرص التي ستجعله نجمًا في أعين الملايين.

شخصية سليمان غانم، التي كتبها أسامة أنور عكاشة وأخرجها إسماعيل عبد الحافظ، كانت في البداية معروضة على الفنان سعيد صالح، إلا أن الأخير اعتذر لانشغاله بأعمال مسرحية وسينمائية، وبعد الاعتذار، جاء ترشيح صلاح السعدني، ليصنع من الشخصية رمزًا دراميًا لا يُنسى، وينافس بها شخصية "سليم البدري" التي قدمها يحيى الفخراني.

4 نجوم يعتذرون عن تقديم حسن أرابيسك

في بداية التحضيرات للمسلسل الشهير "أرابيسك"، كان الدور الرئيسي معروضًا على أحمد زكي، الذي اعتذر بسبب انشغاله بفيلم "ناصر 56"، ثم جاء الدور إلى عادل إمام، الذي طلب تعديلات في السيناريو لم تلقَ قبول الكاتب أسامة أنور عكاشة، فرفض العمل، تكرر الأمر مع محمود عبد العزيز، الذي انسحب بعد نشر مانشيت صحفي وصفه بـ"بديل عادل إمام"، مما اعتبره تقليلاً من مكانته، أما يحيى الفخراني، فرفض المشاركة من الأساس بسبب تحفظه على أسلوب عكاشة في المعالجة الدرامية.

حسن أرابيسك من نصيب صلاح السعدني

وفي نهاية المطاف، وقع الاختيار على صلاح السعدني، الذي قدّم شخصية "حسن النعماني" ببراعة فنية لاقت إعجاب النقاد والجمهور، وأكّدت قدرته على حمل بطولة مطلقة في عمل كبير بحجم "أرابيسك".

بهذه الأدوار، وغيرها، حفر صلاح السعدني اسمه في سجل الكبار، وتحوّل من ممثل موهوب إلى أحد أعمدة الدراما المصرية، حتى وإن لم يكن الخيار الأول، فقد كان دائماً الخيار الأفضل. رحم الله الفنان الكبير، الذي ستبقى بصمته خالدة في قلوب محبيه.