في مؤشر يحمل بوادر تحول تدريجي، أظهر تقرير اقتصادي صدر اليوم الاثنين تحسنًا طفيفًا في أداء قطاع التصنيع الإيطالي خلال مايو الماضي، مسجلًا أول زيادة في الإنتاج منذ أكثر من عام، في وقت ما يزال يعاني فيه القطاع من تباطؤ في الطلبات الجديدة، سواء المحلية أو الدولية.
وبحسب نتائج المسح الشهري الذي يُعدّه "ستاندرد آند بورز غلوبال" بالتعاون مع "أتش إس ماركت"، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي (PMI) إلى 50.1 نقطة خلال مايو، متجاوزًا الحد الفاصل بين الانكماش والنمو، للمرة الأولى منذ أوائل عام 2024. ورغم أن التحسن لا يزال هامشيًا، إلا أنه يُنظر إليه باعتباره تحولًا نفسيًا في ثقة السوق بعد فترة طويلة من الضغوط التضخمية وركود سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الطاقة والتمويل.
عوامل التعافي: إنتاج يتحرك رغم قيود الطلب
المعطيات تشير إلى أن التحسن جاء مدفوعًا بإعادة هيكلة خطوط الإنتاج، وتراجع طفيف في تكاليف المواد الخام، فضلًا عن استقرار نسبي في معدلات التضخم. كما ساهمت إجراءات التحفيز التي أطلقتها الحكومة الإيطالية خلال الربع الأول من عام 2025، ومنها تخفيف الضرائب على الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، في توفير متنفس قصير الأجل.
ومع ذلك، أظهرت البيانات استمرار ضعف الطلبات الجديدة، وهو ما يعكس مخاوف حقيقية بشأن استمرار التعافي. الطلب المحلي لا يزال هشًا، متأثرًا بانخفاض ثقة المستهلك، بينما لم تتمكن الصادرات الصناعية الإيطالية حتى الآن من استعادة زخمها المعتاد وسط تباطؤ الأسواق الأوروبية، خاصة ألمانيا وفرنسا.
سياق أوروبي ضاغط
يأتي هذا التحسن المتواضع في وقت تشهد فيه منطقة اليورو بأكملها تباطؤًا صناعيًا عامًا، متأثرة بتداعيات ارتفاع أسعار الفائدة التي فرضها البنك المركزي الأوروبي لكبح التضخم، فضلاً عن اضطرابات جيوسياسية تؤثر على سلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا والآلات، الذي يُعد العمود الفقري للصناعة الإيطالية.
ويؤكد محللون اقتصاديون أن استمرار تعافي قطاع التصنيع الإيطالي يتطلب بيئة كلية مواتية، تتضمن استقرارًا في أسعار الفائدة، وتحفيزًا قويًا للاستثمارات، بالإضافة إلى خطط مدروسة لإعادة هيكلة القطاع الصناعي، وتبني تقنيات التصنيع الذكي والرقمنة لمواكبة المنافسة الدولية.
نظرة مستقبلية مشروطة
رغم أن الزيادة في مؤشر PMI تُمثل خبرًا إيجابيًا طال انتظاره، إلا أن المحللين يحذرون من المبالغة في التفاؤل، مشيرين إلى أن أي انتكاسة في الطلب العالمي أو العودة إلى ارتفاع أسعار الطاقة قد تعيد القطاع إلى دائرة الانكماش. ويُعد هذا التحسن فرصة للسلطات الإيطالية لتعزيز الإصلاحات، خاصة في ملف البيروقراطية الصناعية وسوق العمل، لضمان استدامة هذا الاتجاه الصاعد.
ويمثل مايو 2025 بداية مسار انتعاش، فإن الاستحقاقات المستقبلية تتطلب أكثر من مجرد ارتفاع في المؤشرات. المطلوب اليوم سياسة صناعية متكاملة تربط بين التحفيز المالي، والانتقال الرقمي، واستهداف القطاعات التكنولوجية عالية القيمة المضافة. فإيطاليا، التي لطالما كانت قوة صناعية في أوروبا، قد تجد في هذا التعافي المؤقت فرصة لوضع استراتيجية طويلة الأجل تعيد تموقعها في المشهد الصناعي العالمي المتغير.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق