شرق المتوسط والطاقة المتجددة.. إمكانيات واعدة تعرقلها التحديات

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

سلطت صحيفة قبرص ميل الضوء على منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وبصفة خاصة قبرص ومصر وبعض المناطق المتوسطية الأخرى، التي تتمتع بإمكانيات هائلة للطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، بفضل موقعها الجغرافي المتميز ووفرة الموارد الطبيعية. 

ورغم هذه الإمكانيات الكبيرة، تظل الجهود المبذولة لتسخير هذه الطاقة متفاوتة بين هذه الدول، حيث تواجه كل منها تحديات فريدة تتعلق بالبنية التحتية، علاوة على التمويل، والسياسات التنظيمية.

 وتصدت الصحيفة لاستكشاف هذه التحديات، والجهود المبذولة للتغلب عليها، والخطوات اللازمة لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة، مع إبراز الفرص الواعدة لتعزيز أمن الطاقة والاستدامة في المنطقة.

قبرص: خطوات متعثرة نحو الطاقة النظيفة
تتمتع قبرص بإمكانيات وفيرة للطاقة المتجددة، حيث أنتجت 24 بالمئة من طاقتها الأولية من الطاقة الشمسية والرياح في عام 2024، وتهدف إلى الوصول إلى 33 بالمئة بحلول 2030، ومع ذلك، تواجه قبرص تحديات كبيرة في تحقيق التحول إلى الطاقة المتجددة  كونها عضوًا في الاتحاد الأوروبي. 

فهي تعاني من أعلى معدلات الانبعاثات للفرد في الاتحاد، حيث يعتمد 77 بالمئة من توليد الكهرباء على حرق الوقود الثقيل أو الديزل، مما جعلها في المرتبة الرابعة والعشرين بين دول الاتحاد من حيث إنتاج الكهرباء المتجددة.

ومن بين التحديات الرئيسية: نقص تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، وغياب الربط الكهربائي مع الدول المجاورة، واعتماد قبرص على شبكة كهرباء قديمة.

 في عام 2024، تسبب نقص التخزين في تقليص إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 30 بالمئة. 

على الرغم من بدء جهود لتطوير التخزين، إلا أن تحقيق النطاق المطلوب سيستغرق وقتًا. كما أن أصحاب مشاريع الطاقة المتجددة يفضلون ترك مسؤولية الاستثمار في البطاريات للدولة.

ويعد مشروع الربط البحري العظيم بين قبرص وكريت، مع إمكانية التمديد إلى مناطق متوسطية أخرى، حاسمًا لتعزيز قطاع الطاقة المتجددة، لكنه يواجه عقبات بسبب مطالب تركيا غير المعقولة.

 كما أن مبادرة حكومية لتعزيز استخدام الطاقة الشمسية على الأسطح حققت نجاحًا مبدئيًا، لكنها تواجه الآن مشاكل بسبب تقليص إنتاج الطاقة الشمسية، مما أثار استياء الجمهور.


لتحقيق إمكانياتها، تحتاج قبرص إلى: تطوير تخزين الطاقة على نطاق واسع، تحديث شبكتها الكهربائية، توسيع الربط الكهربائي وبنية الطاقة المتجددة، وإنشاء سوق كهرباء تنافسي مدعوم بتخطيط طويل الأجل وسياسات شفافة.

 الأدوات اللازمة متوفرة من خلال سياسات الاتحاد الأوروبي، لكن التنفيذ الفعلي يظل التحدي الأكبر. 

إضافة إلى ذلك، يمكن لقبرص الاستفادة من برامج التمويل الأوروبية لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، مما يعزز من قدرتها على تحقيق أهدافها الطاقية.

مصر: تحديات اقتصادية وطموحات طاقية
تواجه مصر تحديات اقتصادية جسيمة، حيث بلغ دينها الحكومي مئتين واثنين وستين مليار دولار في العام الماضي، مع تخصيص اثنين وستين بالمئة من الإنفاق الحكومي لسداد الفوائد والقروض، مما يفاقم أزمة ميزان المدفوعات. 

تعتبر الطاقة مسألة أمن قومي في مصر، حيث أدى انخفاض إنتاج الغاز إلى توقف تصدير الغاز الطبيعي المسال وزيادة الاعتماد على الواردات، مما يحد من القدرة على الاستثمار في الطاقة المتجددة.


من التحديات الرئيسية: ارتفاع تكاليف مشاريع الطاقة المتجددة، صعوبة الوصول إلى تمويل ميسور، شبكة كهرباء قديمة غير قادرة على استيعاب مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، دعم الوقود الأحفوري الذي يقلل الحافز للتحول إلى الطاقة المتجددة، والتشريعات المعقدة والبيروقراطية. كما أن الاضطرابات الإقليمية تعيق التعاون الطاقي والاستثمار.


على الجانب الإيجابي، تسعى مصر من خلال خطة رؤية ألفين وثلاثين إلى تحقيق اثنين وأربعين بالمئة من مزيج الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام ألفين وثلاثين، لكن التجربة تشير إلى أن هذا الهدف طموح للغاية. 

حققت مصر نجاحًا ملحوظًا في إنشاء مجمع بنبان الشمسي بقدرة واحد وثمانية من عشرة جيجاواط ومزارع رياح بقدرة واحد وأربعة من عشرة جيجاواط بفضل الشراكات مع وكالات تمويل دولية.


ومن أجل تحقيق إمكانياتها، تحتاج مصر إلى: وضع خطط طاقية واقعية، تعزيز الإطار التنظيمي وتبسيط إجراءات الترخيص، وإلغاء دعم الوقود الأحفوري تدريجيًا، علاوة على تحديث البنية التحتية للشبكة، والاستثمار في تخزين الطاقة، وتعزيز الربط الكهربائي مع الجيران وأوروبا.

 كما يجب تعزيز التعاون مع المستثمرين الدوليين لجذب التمويل، مع ضمان سياسات شفافة ومتسقة.

 إضافة إلى ذلك، يمكن لمصر الاستفادة من خبرات الدول المتوسطية الأخرى في تطوير تقنيات تخزين الطاقة والشبكات الذكية لتعزيز كفاءة استغلال مواردها المتجددة.

مناطق متوسطية أخرى: إمكانيات وتحديات متنوعة
تتمتع العديد من المناطق المتوسطية الأخرى بإمكانيات كبيرة للطاقة المتجددة، حيث تساهم الطاقة الشمسية والرياح بنسب متفاوتة في مزيج الطاقة، وتهدف هذه المناطق إلى زيادة حصتها من الطاقة المتجددة بحلول عام ألفين وثلاثين. 

ومع ذلك، تواجه تحديات مثل نقص الأراضي المتاحة بسبب الاستخدامات الزراعية والسياحية، وقيود بيئية صارمة تؤدي إلى إجراءات موافقة طويلة تعيق الاستثمار الخاص.


في بعض هذه المناطق، يعتمد توليد الكهرباء بشكل كبير على مصادر الطاقة التقليدية، مما يتطلب جهودًا إضافية للتحول إلى الطاقة المتجددة. 

على الجانب الإيجابي، تشهد هذه المناطق تقدمًا في استثمارات الطاقة الشمسية، بما في ذلك إنشاء مزارع شمسية وأنظمة شمسية على الأسطح، مع خطط لتوسيع القدرة الإنتاجية إلى مستويات أعلى بحلول نهاية العقد.

 كما بدأت بعض المناطق في استكشاف تقنيات الطاقة الزراعية الشمسية التي تجمع بين الزراعة وتوليد الطاقة، مما يساهم في تحسين استخدام الأراضي وزيادة الكفاءة.


لتحقيق الإمكانيات الكاملة، تحتاج هذه المناطق إلى: توسيع استخدام الأراضي المتاحة للطاقة المتجددة، تعزيز الوعي العام وتشجيع المشاريع المجتمعية، وتطوير أنظمة تخزين الطاقة لضمان استقرار الشبكة. 

كما أن الربط الكهربائي، مثل مشروع الربط البحري العظيم، يعد حيويًا لتعزيز أمن الطاقة وتسهيل تبادل الطاقة بين الدول المتوسطية.

 يتطلب التقدم أيضًا سياسات واضحة وطويلة الأجل لتشجيع الاستثمار الخاص، مع الاستفادة من التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات والموارد.

وأكدت الصحيفة أن قبرص ومصر يجب أن تطلقا العنان لإمكانيات هائلة للطاقة المتجددة، لكنها تواجه تحديات متنوعة تتطلب إصلاحات استراتيجية وسياسات شفافة.

 من خلال تحديث البنية التحتية، تعزيز التخزين، توسيع الربط الكهربائي، وتبسيط الإجراءات التنظيمية، يمكن لهذه الدول والمناطق تحقيق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة. 

 التعاون الإقليمي والاستفادة من الخبرات الدولية سيسهمان في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق أهداف الاستدامة، مما يجعل شرق البحر الأبيض المتوسط نموذجًا للتحول الناجح للطاقة المتجددة.
 

أخبار ذات صلة

0 تعليق