انتشر مصلح "الذكاء العاطفي" بشكل واسع فى الولايات المتحدة الأمريكية فى منتصف تسعينيات القرن الماضي بين الباحثين ونشر مئات الاوراق البحثية حول كيفية الارتقاء بالدور البشري وتعظيم قدراته عن طريق الانفعالات والتحفيز الايجابي.
حيث يشكل الذكاء 20% من مقومات النجاح في الحياة، والنسبة الباقية تعود إلى الاتزان الانفعالى والصفات المزاجية، التى لها الدور الأكبر والمؤثر فى تحقيق الاهداف والأحلام التى يسعي اليها الانسان وخاصة فى منظومة العمل.
ولاشك أن أي مؤسسة حكومية أو منظمة أو شركة خاصة يهمها أن تكون فاعلة وناجحة فى تحقيق أهدافها خاصة فى ظل التغيرات السريعه والخطيرة التى يشهدها العالم والاقتصاديات والآيديولوجيا السياسية والجيوسياسية بين الدول والتى لها تأثيرات إدارية ومالية على هذه الكيانات الاقتصادية.
ومن هنا، وفى ظل توجه العالم ومن بينها مصر نحو الذكاء الاصطناعي وتحويل آليات العمل نحو التكنولوجيا الرقمية بكل أشكالها فى التحليلات العلمية وصنع واتخاذ القرارات والمعاملات الادارية والفنية.. يمكننا أن نسأل: هل تهتم المؤسسات الحكومية بالذكاء العاطفي؟ وهل ترتبط فعالية المؤسسات الحكومية بالذكاء العاطفي؟.
للأسف، هناك مؤسسات تعاني من وجود قيادات بمواقع هامة بالشركات والمؤسسات تفتقد حتى فن التعامل مع الموظفين وهو ما يؤدي إلى تعطل القدرات البشرية، وفقد للمواهب الإدارية والفنية بسبب عدم وجود ذكاء عاطفي فى التعامل مع الموظفين واستفزاز قدرته الإيجابية بشكل ذكي وتحفيزي.
ومن هنا وقبل اتخاذ قرارات فعالة ببناء منظومة الذكاء الاصطناعي بالمؤسسات والشركات الحكومية لابد أن يكون لدينا فهم ووعي أنه لا نجاح للذكاء الاصطناعي فى مصر بدون ذكاء بشري وقدرة بشرية قادرة على تشغيله بكفاءة عالية، وإذا كان العنصر البشري فى هذه المؤسسات والشركات لا يوجد من يتعامل معه بالذكاء العاطفي فإن هذه المنظومة الجديدة للذكاء الاصطناعي مهددة بالفشل حتي لو صرف عليها مئات المليارات من الدولارات.. ولهذا نقترح ونطالب بالآتي:
- ضرورة إجراء تقييم حقيقي وعلمي لاداء القيادات بالمؤسسات الحكومية بكافة مجالاتها ويكون التقييم على معايير واضحة منها "هل تم ابتكار اعمال جديدة - حجم الابداع فى الشغل - مدي رضا الموظفين – اكتشاف المواهب الادارية والفنية وأعادة تدوير الموظفين بالشكل المناسب مع قدراتهم؟".
- ضرورة المتابعة المستمرة والدورية عن أداء الشركات وفعالية القيادات.
- ضرورة تصعيد الكوادر الشابة المؤهلة علمياً وفنياً ونفسياً بالمواقع القيادية بالشركات والمؤسسات.
- الاستفادة من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه فى الشركات والمؤسسات الحكومية فى الادارات العليا والتنفيذية والمشاركة فى صنع القرار.
- عمل اختبارات نفسية وبدنية للمترشحين على المناصب القيادية بالشركات والمؤسسات وتكون شرطاً أساسياً فى الوظيفة سواء الوظائف فى الشركات والهيئات التابعة لقانون الخدمة المدنية وغير التابعة لقانون الخدمة المدنية.
- تقييم دوري ربع سنوي للقيادات بالشركات والهيئات من قبل جهات محايدة حتي يكون التقييم موضوعي وعدم تضارب المصالح.
وبعد.. إن الامر هام وخطير ونحن نبني منظومة جديدة لـ"الذكاء الاصطناعي"، يجب أن نقوم على التوازي بإصلاح المنظومة القديمة بشكل علمي ومتطور حتى لا نفاجأ بعد فوات الأوان أننا نمتلك منظومة ذكاء اصطناعي قوية نظرياً وفنياً ولكن ليس لدينا القدرة البشرية على تشغيلها بكفاءة بسبب المشاكل الإدارية.
نحن على ثقة أن مجلس الوزراء والمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على وضع رؤية لحل هذه الإشكالية من الآن حتي لا نفاجأ فى المستقبل بمشاكل فى الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي.
0 تعليق