* علينا أن نفرق بين العملية الانتخابية وعملية (الاقتراع) (التصويت) التى هى واحدة مراحلها المتعددة
*العملية الانتخابية تتكون من سبع مراحل والاقتراع هو أحد تلك المراحل ويسهل افساد العملية عبر أى مرحلة منها
* بعد إنشاء هيئة وطنية من شيوخ القضاة وكبار المستشارين ومستقلة عن جميع سلطات الدولة وبعد وضع العملية الانتخابية بجميع مراحلها تحت ولايتها، الدستور الحالى لا يسمح بوضع أحد مراحلها (الاقتراع)(التصويت) تحت اشراف القضاء
*( قاضى على كل صندوق) كان تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية رقم 11 لسنة 13 قضائية فى 22 يوليو من عام 2000 والذى صدر استنادا لنص المادة 88 من دستور 71 والتى نصت على وضع مرحلة الاقتراع فقط تحت اشراف القضاه
* قوانين (الجهات) القضائية لا تسمح بندب القضاة وعلينا تعديلها اولا (حال اصرارنا) وضع قاضى على كل صندوق من اجل ندب القضاة الى العمل الانتخابى
* الدستور اعطى الحق للهيئة الوطنيه للانتخابات فى الاستعانة بأعضاء (الهيئات القضائية) من وكلاء النيابة الإدارية ومحاميى الحكومة
قبل أن نبدأ نقول لمن ينسى سريعا أو لمن لا يتابع الشأن الوطنى بدقة ودراية كاملين أو لمن تغرقه شواغله الشخصية عن الشأن الوطنى العام.. لقد انتقلت الانتخابات المصرية (رئاسية وبرلمانية ومحلية) ثلاث نقلات نوعية هامة للغاية وخطيرة للغاية خلال العقدين الاخيرين وتحديدا منذ العام 2000
انتقلت العملية الانتخابية من مرحلة إدارة الحكومة الكاملة لها بجميع مراحلها السبعة من بدايتها إلى نهايتها من مرحلة فتح باب الترشيح وتقديم الاوراق إلى مرحلة إعلان النتائج، بعد حكم الدستورية فى العام 2000 الى مرحلة (الاشراف القضائى الجزئى) على مرحلتين فقط من مراحل العملية الانتخابية السبعة وهما مرحلتى الاقتراع (التصويت) والفرز فقط (قاضى على كل صندوق) حيث تم ابعاد الحكومة عن المرحلتين فقط بينما ظلت الحكومة مسيطرة على باقى مراحل العملية الخمسة، حتى انتقلت الانتخابات فى مصر وفقا لدستور ٢٠١٢ ثم دستور ٢٠١٤ الى مرحلة اقصاء الحكومة تماما عن العملية بكل مراحلها السبعة واستبدالها هيئة وطنية مستقلة عن السلطات الثلاثة للدولة محايدة لها مجلس يديرها يتشكل من شيوخ قضاة مصر ومستشاريها القانونيين الكبار ولها جهاز تنفيذى ضخم يغطى اللجان العامة والفرعية فى كل ربوع الوطن
الحكاية: قبل العام ٢٠١١ ايام كانت الحكومة تدير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية بنفسها، كنا نطالب يومها بإشراف قضائى كامل على جميع مراحل العملية الانتخابية، كان هذا مطلب حزبى جذرى كبير بإعتبار الحكومة كانت حكومة الحزب الوطنى وهو حزب من الاحزاب التى ستتنافس فى الانتخابات وهو ما لا يجوز اصلا فلا يجب ان يدير احد المتنافسين العملية التنافسسة لايجوز لاحد الاحزاب ان يدير انتخابات هو لاعب رئيسى فيها وهو مايفقدها حيادها من بدايتها الى نهايتها من مرحلة فتح الباب وتلقى الاوراق وحتى مرحلة الفرز واعلان النتيجة ويلقى عليها بوابل من الشك وبفيض كبير من الشبهة وعدم النزاهة طبعا حتى لو كانت تتمتع بالنزاهة
وفى العام 2000 صدر حكم المحكمة الدستورية رقم 11 لسنة 13 قضائية فى 22 يوليو تأسيسا على دعوى قضائية من احد المتضررين من غياب الاشراف القضائى على لجان الاقتراع الفرعية واقصاره على اللجان العامة فقط بالمخالفة لنص المادة 88 من الدستور حيث حكمت المحكمة الدستورية وقتها بضرورة الزام الحكومة بنص دستور 71 المادة 88 منه والتى تنص على أن (عملية الاقتراع لابد وان تجرى تحت اشراف قضائى) حيث بسطت المحكمة الدستورية يومها سلطة القضاء على اللجان الفرعية بعد ان كان قاصرا على اللجان العامة فقط فحكمت بوضع قاضى على كل صندوق
تصور البعض يومها ان ذلك الامر كافى للغاية ويضمن نزاهة العملية برمتها وبجميع مراحلها، وهو تصور بسيط لغير الخبراء فى العملية الانتخابية وهلل البعض للنقلة تلك متصورا انها كافيه للخروج بإنتخابات حرة نزيه وهو وهم ناتج عن فقر فكرى مديد بالعملية الانتخابية ومراحلها المتعددة، الخبراء وقتها قالوا بأن العملية الانتخابية عمليه معقدة طويلة وتتكون من سبع مراحل ويسهل العبث بها فى اى مرحلة منها ولا ينجيها ان تؤمن مرحلتين اتنين فقط من مراحلها التصويت والفرز بوضعهما تحت اشراف قضائى وهو امر مدرك لكل من يعرف مراحل العملية
وعليه كان مطلبا وطنيا أساسيا أن يكون لدينا هيئة وطنية مسقلة محايدة لا تتبع الحكومة اصلا ولا غيرها من السلطات، هيئة وطنيه مستقلة عن السلطات الثلاثة للدولة تنظم وتدير بنفسها وتشرف بنفسها على جميع مراحل العملية الانتخابية من بدايتها الى نهايتها من مرحلة اعلان فتح باب الترشح وتقديم الاوراق واعلان الكشوف المبدأية للمرشحين والطعن عليها الى مرحلة اعلان الكشوف النهائية للمرشحين بعد نتائج الطعن مرورا بمرحلة الحملة الانتخابية والاتصال بالناخبين وصولا الى مرحلة الصمت الانتخابى وتجريم الاتصال بالناخبين ثم مرحلة بداية التصويت وغلق اللجان الانتخابية وبداية مرحلة الفرز واعلان النتيجة والطعن عليها عليها ايضا
وعليه تقدمت يومها ابان حكومة عصام شرف رئيس الوزراء الى مؤتمر الحوار الوطنى الذى حضرته ممثلا عن حزب الغد برفقة المهندس موسى مصطفى موسى رئيس الحزب وهو المؤتمر الذى بدأ فى شهر مارس٢٠١١ برئاسة الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الحكومة ثم انتقلت رئاسته الى الدكتور عبد العزيز حجازى بإعتباره شخصية عامة مستقلة على خلفية توفير الاستقلال عن الحكومة لرئاسة الحوار الوطنى الجامع اعتبارا من ابريل ٢٠١١
يومها ايضا كتبت مقالا مطولا بصحيفة الغد الورقية والتى كانت تصدر آن ذاك اطالب فيه بضرورة ان يكون لدينا مفوضية مستقلة لادارة الانتخابات بعيدا عن الحكومة وكتبت عن اهمية ان يكون لدينا مفوضية عليا مستقلة للانتخابات تدير وتشرف على كل العمليات الانتخابية فى مصر بداية من انتخابات المدارس والجامعات الى الاندية الاجتماعية والرياضية الى النقابات مهنية وعمالية وباقى مؤسسات المجتمع المدنى من احزاب وجمعيات الخ ووافق يومها اعضاء الحوار الوطنى بالاجماع على طلبى والحمد لله
ثم تاليا نص الدستور الجديد للبلاد بعدها على انشاء تلك الهيئة المستقلة واناط بها ادارة العمليات الانتخابية لكنه اقصرها (للاسف) على الانتخابات السياسية فقط رئاسة الجمهورية والبرلمان والمحليات والاستفتاءات وكان المنى يومها ان يوافقونى على كل الفكرة وان تكون تلك الهيئة المستقلة مسؤلة عن كل العمليات الانتخابية على مستوى الوطن كله وليس الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية فقط، ولكن دائما من يطلب عليه الا يفكر فى ان يحصل على كل شئ على ١٠٠٪ من مطالبه وان يصل الى حلول وسط مقبولة وحد ادنى مقبول
كانت نقلة نوعية كبيرة للانتخابات المصرية ولسمعه الانتخابات المصرية ولسمعه مصر وللتحول الديمقراطى المؤسسى فقد اصبحت الانتخابات المصرية فى جميع مراحلها تحت اشراف محايد من هيئة وطنية مستقلة محايدة لاتتبع اى من سلطات الدولة وانتفت وقتها كل دعاوى التزوير وتغيرت الانتخابات بشكل جذرى وكامل
كانت الفرحة الوطنية كبيرة واكتملت الفكرة بأن نص فى الدستور الحالى على ان تلك الهيئة المستقلة سيديرها مجلس مكون من اكبر ١٠ قضاه ومستشارين فى مصر من ٥ جهات وهيئات قضائية ٢ من نواب رئيس محكمة النقض و٢ من نواب رؤساء محاكم الاستئناف و٢ من نواب رئيس مجلس الدولة و٢ من نواب هيئة النيابة الادارية و٢ من نواب هيئة قضايا الدولة يختارهم المجلس الاعلى للقضاء والمجالس الخاصة بالجهات والهيئات القضائية ويصدر قرار بهم من قبل رئيس الجمهورية على ان يكون ندبهم ندبا كليا لمدة ٦ سنوات كاملة كما يحق لهذا المجلس ضم اصحاب الخبرات الانتخابية من الشخصيات العامة المستقلة غير الحزبية وللهيئة ايضا جهاز تنفيذى محايد مستقل ضخم يشكله مجلسها الاعلى
وهنا وضعت العملية الانتخابية كلها بجميع مراحلها تحت ولاية واشراف وتنظيم وادارة الهيئة وهو ما ينتفى معه الاقتصار بوضع اشراف قضائى على مرحلتين اتنين فقط التصويت قاضى على كل صندوق والفرز ايضا حيث اصبحت جميع مراحل العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتى نهايتها تحت اشراف كامل لتلك الهيئة القضائية المستقلة المحايدة التى تتشكل من شيوخ القضاء المصرى وعليه انتفت حاجتنا للاشراف القضائى الجزئى على عمليتى او مرحلتى الاقتراع والفرز فقط
إلا ان المشرع الدستورى فى العام 2013 رأى اهمية استمرار وضع قاضى على كل صندوق أثناء مرحلة التصويت ضبطا للاداء والنظام داخل المقار الانتخابية لدينا وحمايتها من الفوضى والهرج والمرج واعمال البلطجة او التخريب وحدد المشرغ ذلك بمدة ١٠ سنوات كاملة حتى تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة الوليدة من بناء كوادر مدربة محترفة تستطيع ادارة مرحلة التصويت ومرحلة الفرز بدلا من القضاه، على ان يتمتعوا طبعا بالضبطيه القضائية خلال مرحلة التصويت والفرز من اجل ضبط تلك المرحلتين الخطيرتين من مراحل العملية الانتخابية،
هذا وقد انتهت فى ١٧ يناير ٢٤ مهلة السنوات العشر لاستمرار وضع قاضى على كل صندوق فى احد مراحل العملية الانتخابية وهى مرحلة التصويت، وعلينا ان ندرك اننا انتقلنا الى مرحلة جديدة من الاداء الانتخابى بجميع مراحله تحت الاشراف القضائى الكامل للعملية الانتخابية بجميع مراحلها من هيئة وطنية مستقلة محايدة لاعلاقة لها بأى من سلطات الدولة الثلاثة ولها مجلس اعلى يضم شيوخ القضاة من الجهات القضائية واكبر المستشارين من الهيئات القضائية المصرية فلم يعد مفهومها الاستعانة بالقضاه فى مرحلة من مراحل الانتخابات بعد أن أصبحت جميع مراحلها تحت اشراف الهيئة الوطنية المستقلة.
0 تعليق