اتهمت الحكومة الإيرانية، اليوم الثلاثاء، الولايات المتحدة بإرسال رسائل متضاربة تعيق التقدم في المفاوضات النووية الجارية، وذلك في ظل تصاعد التوترات قبيل جولة محتملة سادسة من المحادثات غير المباشرة.
قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية في طهران، للصحفيين إن “التصريحات المتناقضة” من واشنطن تعقّد العملية وتقوّض الثقة. وأضافت: “نحن مستعدون لكل السيناريوهات، لكننا لن نغادر طاولة المفاوضات.”
تباين بين العرض المقدم والبيانات الأمريكية الرسمية
مصدر رئيسي للخلاف هو مسودة مقترح سلمته سلطنة عمان لإيران السبت الماضي عبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي يتوسط بين طهران وواشنطن.
تشير الوثيقة إلى إطار محتمل يسمح لإيران بالحفاظ على تخصيب محدود ومنخفض المستوى لليورانيوم على أراضيها، وفقاً لتقارير عدة وسائل إعلام أمريكية.
يختلف هذا العرض المبلغ عنه عن التصريحات العلنية لمسؤولين أمريكيين كبار، بمن فيهم المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو، الذين أكدوا مراراً أن واشنطن لن تسمح بأي تخصيب يورانيوم وستطالب بتفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية.
ويتضمن المقترح أيضاً تحديدات على التخصيب المستقبلي، وتفكيك بعض المنشآت، وتخفيف تدريجي للعقوبات مرتبط بالامتثال الذي تتحقق منه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
طهران تشكك في جدية العرض
ردّ المسؤولون الإيرانيون بسلبية، حيث قال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل باغئي إن المقترح يفتقر إلى ضمانات جدية بشأن تخفيف العقوبات، وهو مطلب رئيسي لطهران.
ووصف دبلوماسي إيراني رفيع المستوى العرض بأنه “غير قابل للبدء”، مستشهداً بتضارب المواقف الأمريكية العلنية مع ما ورد في المسودة.
أكد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، خلال زيارته للقاهرة، أن إيران لا تزال تجهز ردها الرسمي.
بحسب وكالة رويترز، تجهز إيران رداً سلبياً قد يصل إلى رفض العرض، مشيرة إلى أن العرض لم يعالج مطالب طهران الأساسية، بما في ذلك الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
وأشارت وسائل إعلام إيرانية إلى أن مصادر مقربة من فريق التفاوض الإيراني انتقدت الموقف الأمريكي المتقلب، الذي خلق حالة من عدم اليقين حول نوايا واشنطن ومصداقيتها.
وفي تقرير لـCNN، وُصف الجولة القادمة من المفاوضات بأنها “غير مؤكدة جداً وقد لا تحدث أصلاً”، نقلاً عن مصادر مطلعة.
قال مسؤول إيراني رفيع للقناة إن المقترح الأمريكي “غير متماسك ومتناقض” مع ما تم التوصل إليه في الجولة الخامسة بروما، وأضاف أن “تغير المواقف الأمريكية باستمرار” أصبح عقبة رئيسية أمام التقدم.
رد واشنطن ونفي اتهامات سوء النية
نقلت صحيفة إسرائيل هيوم عن مصادر أمريكية أن المسؤولين يتوقعون قبول طهران لبعض بنود المقترح والاعتراض على أخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن رد إيران سيكون أكثر تأنياً، وأن المفاوضات قد تستمر عبر التركيز على نقاط الاتفاق الضيقة.
وأكد مسؤول أمريكي أن المفاوضات لن تستمر إلى أجل غير مسمى وأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
ترامب يربك الموقف بتصريحات متناقضة
أضاف الرئيس دونالد ترامب مزيداً من الالتباس عندما كتب على منصة “تروث سوشيال”: “في إطار اتفاقنا المحتمل – لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم!”
يتناقض هذا التصريح بشكل مباشر مع ما أوردته وسائل الإعلام بشأن المقترح المسموح به للتخصيب المحدود تحت إشراف دولي صارم، وهو بند يهدف إلى تلبية طلب إيران المتعلق بحقوقها النووية المدنية.
وقد أصبح هذا التناقض محور خلاف بين المسؤولين الإيرانيين، الذين يتهمون واشنطن بالتفاوض بسوء نية.
مطالب بالشفافية من الكونغرس الأمريكي
حذر زعيم أغلبية مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، الإثنين، من احتمال وجود اتفاق جانبي بين إدارة ترامب وإيران خارج نطاق رقابة الكونغرس.
وفي كلمة له في المجلس، استشهد بتقرير Axios ودعا الإدارة إلى توضيح ما إذا كانت هناك التزامات غير رسمية تم التوصل إليها، معتبراً أن مثل هذا الاتفاق، إذا كان صحيحاً، يتعارض مع تصريحات روبيو وويتكوف السابقة ويهدد بمسألة المساءلة.
وأشار شومر إلى أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يعالج ليس فقط الضمانات النووية، بل أيضاً دعم إيران للجماعات المسلحة الإقليمية.
0 تعليق