سفير أذربيجان: ندعم الوحدة الترابية للمغرب .. ونراهن على "تحالف أخضر"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شدّد نزيم سامادوف، سفير جمهورية أذربيجان المعتمد لدى المملكة المغربية، على أن موقف بلاده بشأن نزاع الصحراء المغربية المفتعل “واضح”، مسجّلًا أن موقف أذربيجان تجاه الوحدة الترابية للمملكة المغربية “جرى التعبير عنه بصراحة مرات عدّة وفي مناسبات مختلفة”، وقال: “موقفنا المبدئي هو دعم سيادة وسلامة أراضي المملكة المغربية”.

كما جدّد سامادوف، ضمن حواره التالي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، التعبير عن دعم بلاده لـ”جهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص للأمين العام للتوصّل إلى حل دائم وعادل لقضية الصحراء، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة تلك التي ترتكز على مخطّط الحكم الذاتي الذي اقترحته الرباط لضمان تسوية لهذا الملف”.

وعبّر المسؤول الدبلوماسي الأذربيجاني عن أمله الطيّ النهائي لهذا الملف الذي عمّر طويلًا “مما سيفتح آفاقًا جديدة لمستقبل مزدهر للمنطقة بأسرها”.

نص الحوار:

العلاقات المغربية الأذربيجانية تعود إلى بداية التسعينات مع اعتراف المغرب باستقلال أذربيجان وبعدها مباشرة إقامة علاقات دبلوماسية. بعد سنوات من عملك الدبلوماسي بالرباط، هل ازدادت العلاقة صلابة؟

صارت العلاقات بين الرباط وباكو أكثر متانة، بالنظر إلى قيامها على أسس متينة من الصداقة والتعاون، تطوّرت منذ أوائل التسعينات. لقد شكّلت الزيارة التاريخية لقائد أذربيجان الوطني، الرئيس الراحل حيدر علييف، إلى الدار البيضاء في دجنبر 1994، للمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي، قاعدة هذه العلاقات. وبعد مرور ثلاثين سنة، تسعى الحكومتان إلى الدفع بالعلاقات الثنائية إلى أعلى المستويات الممكنة.

دعني أشير إلى أن البلدين عمّقا تدريجيًا تعاونهما في قطاعات متعددة، لا سيّما وأن ثمة العديد من القواسم المشتركة بينهما كالقيم والتقاليد، والدين الواحد، والثقافة الغنية، ومسألة الوحدة الترابية، والوضع الجيو-سياسي المعقّد، والقيادة القوية.

هما بلدان يدعمان بعضهما على المستوى الدولي، ويحاولان تعميق التعاون الثنائي في مجالات متنوعة. وأنت تعرف أن في برلماني البلدين مجموعات للصداقة، كما أن جمعية الصداقة المغربية الأذربيجانية نشطة في تعزيز التعاون الثنائي.

وشهدت السنة الماضية وبداية هذه السنة نشاطًا مكثفًا من حيث الاتصالات والزيارات؛ فقد زار عدد من المسؤولين الأذريين الكبار المغرب، والأمر نفسه جرى من الجانب المغربي إثر زيارة مسؤولين رفيعي المستوى، ضمنهم الأميرة للا حسناء، مرافقة بوزير الشباب والثقافة والاتصال، وزيارة لرئيس الحكومة، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إلخ. وهذا يكشف أن العلاقات بين البلدين تحوّلت إلى ورشة للإسناد المتبادل وإلى شراكة متعددة الأبعاد.

حتى التعاون السياسي والثقافي والأمني تطور بشكل كبير، مما أتاح للبلدين وضع أهداف طموحة لتعزيز روابطهما في السنوات المقبلة.

قضية الصحراء المغربية تُعدّ من القضايا الوجودية بالنسبة للرباط، بلادك أعلنت سابقًا عن دعم الشرعية الدولية بشأن النزاع المفتعل.. ما هي الرؤية الحقيقية لدى باكو بشأن الملف؟

موقف أذربيجان تجاه الوحدة الترابية للمملكة المغربية واضح، وقد جرى التعبير عنه بصراحة مرات عدّة وفي مناسبات مختلفة.

موقفنا المبدئي هو دعم سيادة وسلامة أراضي المملكة المغربية، وكذلك دعم جهود الأمم المتحدة والمبعوث الخاص للأمين العام للتوصّل إلى حل دائم وعادل لقضية الصحراء، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة تلك التي ترتكز على مخطّط الحكم الذاتي الذي اقترحته الرباط لضمان تسوية عادلة لهذا الملف.

نأمل أن يتم حل هذه المشكلة طويلة الأمد قريبًا جدًا، مما سيفتح آفاقًا جديدة لمستقبل مزدهر للمنطقة بأسرها.

“التآزر” بين البلدين لا يتوقف في قضية الدعم المتبادل للوحدة الترابية، بل في مجالات استراتيجية مثل الدفاع. تعرف أنه تم توقيع اتفاقية بين البلدين خلال المعرض الدولي للطيران والفضاء “مراكش إير شو 2024” تهم المجال العسكري والتقني.. كيف تنظرون إلى المبادرة على مستوى الجمهورية؟

لا شك أن توقيع اتفاق حكومي في مجال استراتيجي مثل الدفاع يعكس مستوى التعاون بين بلدين. كما يُبرز الموضوع تحقّق نوع من التوافق الاستراتيجي قد تكون له تداعيات عميقة على العلاقات الثنائية بين البلدين. يشمل الاتفاق مجالات التدريب، والتكوين، والتمارين العسكرية، وصناعة الدفاع، والدعم الفني والتقني، وتبادل الخبرات، والصحة العسكرية، والأمن السيبراني.

هذه بوابة أساسية أمام تعزيز التعاون العملي في مجال في غاية الأهمية. ولقد أظهرت أذربيجان تمكنها من التقنيات الحربية الحديثة، وأبدى المغرب اهتمامًا بالخبرة العسكرية الأذربيجانية، خاصة في مجال الطائرات المسيّرة، مما قد يجعل هذا التعاون يحظى بطبيعة عملية.

ويمكن أن تطفو فرص جديدة للبحث المشترك في قطاعات حيوية عدّة من قبيل تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، والأمن السيبراني، وغيرها من مجالات الحرب الناشئة.

تمّت المصادقة على الاتفاق فعليا من قبل أذربيجان، ونأمل أن يُصادق عليه المغرب قريبًا، مما سيُعطي الضوء الأخضر لبدء التعاون على الأرض.

كما قلتُ قبل قليل، التحركات مؤخرًا كانت مكثفة، فقبل الاتفاق العسكري، أُلغيت التأشيرة بالنسبة لحاملي جوازات السفر العادية من البلدين، ومؤخرًا زارت مجموعة من وكالات الأسفار الأذربيجانية المملكة. هل تتصوّر أن إلغاء التأشيرة كان له أثر كبير حقّا؟

أؤكد لك أن أحد أهم الأحداث التي ساهمت في تعزيز العلاقات بين البلدين السنة الفائتة هو توقيع وزيري الخارجية في أذربيجان والمغرب على اتفاقية إلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر العادية بين البلدين، التي دخلت حيّز التنفيذ في غشت 2024.

يمثل هذا الحدث المهم فرصة كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والإنسانية والثقافية بين البلدين.

بالاستناد إلى الأرقام، يمكننا بالفعل ملاحظة التأثيرات الإيجابية الملموسة لهذه الخطوة. فقد شهدنا زيادة ملحوظة في عدد السياح القادمين من المغرب، إذ ارتفع بنسبة 90 بالمائة سنة 2024 مقارنة بسنة 2023، متجاوزًا 3300 سائح.

كما نلاحظ دينامية إيجابية في أعداد السياح الأذربيجانيين المتجهين إلى المغرب. وتتطلع الشركات السياحية في كلا البلدين إلى الرفع من الزيارات المتبادلة وتقديم عروض سياحية جذابة.

أشرتَ إلى زيارة ممثلي حوالي 10 وكالات سياحية أذربيجانية إلى المغرب مؤخرًا. وأذكر كذلك زيارة ممثلي حوالي 15 وكالة سياحية مغربية إلى أذربيجان في ماي 2024. نحن على يقين أن مثل هذه الزيارات سوف تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التبادل المستمر. وفي الوقت نفسه، لا شك أن زيادة تدفّقات السياح ستكون أحد العوامل الحاسمة لفتح رحلات جوية مباشرة بين البلدين، مما سيسهم بدوره بشكل كبير في تعزيز العلاقات بينهما.

عند زيارة هسبريس إلى جمهورية أذربيجان ظهر وجود تقاطعات ثقافية، خصوصًا في الزرابي .. قضيتَ سنوات في المغرب، ما هي نقاط الالتقاء الثقافية والشعبية التي وقفتَ عليها؟

التقاطع الثقافي بين المغرب وأذربيجان مدهش وغنيّ رغم المسافة الجغرافية بين البلدين. تشير التقاطعات إلى لغة ثقافية مشتركة أوسع تشكلت عبر الحضارة الإسلامية.

يتشابك البلدان في ثلّة من المواطن المشتركة، لا سيما الدين والتقاليد الثقافية المتجذرة في تاريخ عريق وعميق.

ومن الضروري أيضًا التأكيد على الاحترام الكبير الذي يكنّه الشعبان لتاريخهما وثقافتهما، وكذلك تعلّقهما بالعادات التي عبَرتْ من جيل إلى جيل على مدى قرون.

ذكرتَ موضوع السجاد، وهذا صحيح. المغرب وأذربيجان يمتلكان تقاليد عريقة ومتجذّرة في صناعته. وعلى الرغم من اختلاف التقنيات والزخارف والمواد، يعكس سجاد كلا البلدين تراثًا ثقافيًا قويًا، وهو رمز لهوية كل أمة.

كما تعرف، تم إدراج السجاد الأذربيجاني في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لدى اليونسكو.

وأود هنا أن أشير إلى الزيارة التاريخية للأميرة للا حسناء إلى أذربيجان في أوائل ماي الماضي لحضور المهرجان الدولي للسجاد. كانت زيارتها تعبيرًا حقيقيًا عن الاحترام للتقاليد الثقافية، وكان شرفًا لنا حضورها في هذا الحدث.

وأود أن أضيف هنا ثقافة الشاي. خلال إقامتي في المغرب، لاحظتُ أهمية ما يوليه الناس لطقوس شرب الشاي. تحتلّ هذه العادة مكانة خاصة أيضًا عند الأذربيجانيين. في بلدي، يُقدّم الشاي الأسود في كؤوس، ويلعب دورًا مشابهًا في التجمعات الاجتماعية. الطابع الطقوسي للشاي يعكس الدفء والاحترام والروابط بين الثقافتين.

وقد التفتت اليونسكو إلى الشاي الأذربيجاني وأُدرج بدوره في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي سنة 2022.

ومن المهم التأكيد على الالتزام العميق الذي يوليه الشعبان للموسيقى التقليدية. وفي هذا الصدد، لا بد من التوقف عند “المقام” الأذربيجاني. ودعني أذكر أن هذا اللون أُدرجَ منذ 2008 في لائحة اليونسكو، وهو شكل موسيقي تقليدي يتميز بدرجة عالية من الارتجال.

ندرك مدى وَلَع المغاربة بالموسيقى التقليدية والروحية، وقد أبدَوا اهتمامًا بالمقام الأذربيجاني خلال مهرجان فاس للموسيقى الروحية. وطبعًا، يمكنك أن تُضيف لهذه التقاطعات الثقافية موضوع العمارة. فبالنسبة للبلدين، تعكس استخدامات الفسيفساء والنقوش الخشبية في المباني الدينية والعامة تراثًا إسلاميًا مشتركًا مع عناصر فنية مميزة.

في نونبر 2023، وقع البلدان خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم تهم تعزيز التعاون بينهما في مجالات عدة، منها الطاقة. في سياق تنظيم باكو مؤتمر الأطراف COP29، كيف يمكن الرهان على هذه الشراكة في خدمة الانتقال الطاقي بالبلدين معًا واعتماد الطاقات المتجددة علمًا أن المغرب يتجه لإنتاج الهيدروجين الأخضر؟

صحيح أنه في بعض المجالات، مثل الطاقة، توجد إمكانات هائلة يرغب الطرفان في استغلالها بشكل أكبر. وقد تم توقيع اتفاق هام للتعاون في مجال الطاقة بين البلدين خلال اجتماع اللجنة المشتركة الثنائية في الرباط، ينص على تعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز، وكذلك في مجال الطاقات المتجددة.

وفي إطار مؤتمر الأطراف 29 (COP29)، التقى وزير الطاقة الأذربيجاني، بارفيز شهبازوف، مع ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية، في 14 نونبر 2024.

ناقشت هذه اللقاءات بالتفصيل عمليات تطوير القطاع في البلدين. تبادل الوزيران وجهات النظر حول التقدم المحرز في مجال الانتقال الطاقي، مع التركيز بشكل خاص على دمج الطاقات الخضراء في الاستراتيجيات الوطنية الثنائية.

كما تبادلا الحديث حول المشاريع الابتكارية، وناقشا آفاق التعاون بشأن مشاريع واعدة من شأنها تعزيز الانتقال الطاقي وتحفيز الاستثمارات التكنولوجية في قطاع الطاقة. وتُعتبر أذربيجان من البلدان التي تمتلك إمكانات قوية في مصادر الطاقة المتجددة.

وعلى الرغم من غناها بالموارد الطاقية واعترافها كمصدّر للموارد الطاقية على الصعيد العالمي، تولي جمهورية أذربيجان أهمية كبيرة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

ومن الأهداف الأساسية في سياسة الأمن الطاقي لأذربيجان، تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة داخل البلاد.

ومن الواضح أيضًا أن المغرب أعرب عن التزام قوي تجاه الطاقات النظيفة والتنمية المستدامة. ينسجم التزامه تمامًا مع رؤية تعتبر الانتقال الطاقي خيارًا استراتيجيًا ومحركًا أساسيًا للنموذج التنموي الجديد للبلاد.

نشهد اهتمامًا متزايدًا ينعكس في الحوار السياسي، وقاعدة قانونية قوية لتعزيز التعاون المتبادل المفيد في هذا المجال.
يمكن أن يتجسد هذا التعاون من خلال برامج لتعزيز القدرات وتبادل الخبرات، وكذلك شراكات متزايدة تقترح تطوير البنى التحتية المشتركة.

العلاقات الودية بين البلدين يمكن أن تشكل تحالفًا استراتيجيًا يدعم الممرات الطاقية بين المناطق، مما سيسهل بدوره صادرات مستقبلية للهيدروجين الأخضر إلى أوروبا.

لذا، فمن المنطقي والمعقول أن المغرب قد عبّر عن دعمه لمبادرات رئاسة أذربيجان لمؤتمر الأطراف 29 في مجال الطاقة، ولا سيما ممرات الطاقة الخضراء.

وأنا واثق أن الطرفين سيحققان خلال السنوات القادمة إنجازات مهمة في تعاونهما في هذا المجال الحيوي.

شهد “كوب 29” اتفاقًا وُصف بأنه “تاريخي”، يوفر تمويلًا سنويًا بقيمة 300 مليار دولار لصالح الدول النامية. ما تعليقك على هذا المبلغ الذي يمكن أن يستفيد منه المغرب باعتباره متضررًا من تداعيات التغيرات المناخية؟

نعم، بالفعل، يجب التأكيد أنه من حيث مستوى المشاركة، والتغطية الجغرافية الواسعة، ومشاركة مختلف الأطراف المعنية، فضلًا عن النتائج الجوهرية وأهمية وعدد القرارات المتخذة، تُعد قمة COP29 التي عُقدت في باكو واحدة من أنجح مؤتمرات الأطراف في مفاوضات المناخ، ويمكن مقارنتها بمؤتمري باريس وكيوتو.

إن توفير تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار لصالح الدول النامية يُعد التزامًا جوهريًا من المجتمع الدولي، ويعكس وعيًا متزايدًا بضرورة دعم الدول التي توجد في مواجهة مباشرة مع التغير المناخي، على غرار المغرب.

وفي ظل التهديدات المتزايدة المرتبطة بالتصحر، وندرة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، فإن المغرب لديه الكثير ليكسبه، سواء من الناحية المالية أو الاستراتيجية، من خلال التموقع كشريك فاعل وذي كفاءة في سياق العمل المناخي.

في المقابل، توجد مخاوف دفع بها المجتمع المدني البيئي في العالم، بخصوص أن أذربيجان التي تعتمد بشكل كبير على عائدات الوقود الأحفوري والنفط والغاز، من الصعب أن تدافع عن الكوكب أثناء قيادتها لمفاوضات المناخ العالمية.. ما تعليقك؟

للأسف، بدأت حملة تشهير ممنهجة ضد أذربيجان مباشرة بعد اختيارها لاستضافة مؤتمر الأطراف. شنت وسائل الإعلام التضليلية في دول غربية عدة، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية تُسمى “مستقلة”، بما في ذلك المنظمات البيئية التي ذُكرت، حملة لا أساس لها ضد أذربيجان. وكانت الاستجابة الأكثر فاعلية لهذه المشكلة هي نجاح مؤتمر الأطراف 29 الذي أُقيم في البلد.

بالرغم من ضيق الوقت، حيث لم يُتخذ قرار استضافة مؤتمر الأطراف 29 في باكو إلا في دجنبر 2023 بقرار بالإجماع من نحو 200 دولة، فقد ضمنت أذربيجان جميع الاستعدادات اللازمة لإنجاح المؤتمر. وبدون مبالغة، وبمشاركة 80 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 76 ألف مشارك مسجل، سيبقى مؤتمر الأطراف في باكو واحدًا من أكبر مؤتمرات الأطراف في التاريخ.

تحت شعار “تضامنًا من أجل عالم أخضر”، وفرت باكو كل الفرص لتيسير المفاوضات بصورة موضوعية. وخلال العملية برمتها، دعت الرئاسة الأذربيجانية لمؤتمر الأطراف 29 إلى تحقيق نتائج تراعي احتياجات الدول النامية، لا سيما الدول الجزرية الصغيرة النامية، والدول الأقل تقدمًا، كونها الأكثر تضررًا من التغير المناخي وتواجه تهديدًا وجوديًا. وأظهرت أذربيجان أيضًا تضامنها مع الشعوب والمناطق التي تعاني من تحديات بيئية تفاقمت بفعل الأنظمة الاستعمارية. لم تدخر الدولة المستضيفة جهدًا في بناء جسور بين الدول المتقدمة والنامية، مما مكن العالم من متابعة “اختراق تاريخي في باكو”.

تم اتخاذ قرارات هامة عدة خلال المؤتمر، الذي عُقد في ظل توترات جيو-سياسية متزايدة، وزيادة تأثير المشككين في التغير المناخي في عدد من الدول، وتصاعد الصراعات بين الدول المتقدمة والنامية. وفي باكو، كان صندوق الخسائر والأضرار يعمل بكامل طاقته. ويجدر التأكيد على الأهمية الخاصة للختام الناجح للمفاوضات التي استمرت نحو عقد من الزمن حول التنفيذ الكامل للمادة 6 من اتفاق باريس. والأهم من ذلك، شهد مؤتمر باكو هدفًا جماعيًا جديدًا محددًا، تحدثنا عنه قبل قليل، أي تحديد هدف عالمي جديد لتوفير 300 مليار دولار للدول النامية بحلول عام 2035.

سوف يساعد الاتفاق الدول النامية في مواجهتها لتأثيرات التغير المناخي الضارة. كما أعلنت الرئاسة الأذربيجانية 14 مبادرة عالمية في إطار برنامج عمل رئاسة مؤتمر الأطراف 29، تهدف إلى زيادة الطموحات المناخية، وتعزيز العمل الجماعي لصالح المناخ، وضمان الاستدامة والتنسيق بين القطاعات، ووضع البُعد الإنساني والتنمية المستدامة في صميم مكافحة التغير المناخي.

في الوقت ذاته، عند الحديث عن اعتماد أذربيجان على احتياطيات النفط والغاز، يجدر الانتباه إلى الأرقام.

كما صرّح إلهام علييف، رئيس أذربيجان، في كلمته خلال حفل افتتاح قمة قادة العالم للعمل المناخي في المؤتمر، فإن أذربيجان تمثل اليوم 0.7 في المائة من إنتاج النفط العالمي، و0.9 في المائة من إنتاج الغاز العالمي. وحصة أذربيجان من انبعاثات الغازات العالمية لا تتجاوز 0.1 في المائة.

وفي الوقت نفسه، لدى أذربيجان “أجندة خضراء” قوية جدًا. إذ يبلغ قدرها الفني في مجال الطاقة المتجددة 135 جيجاواط على اليابسة، و157 جيجاواط في البحر. في عام 2023، افتتحت شركة مصدر الإماراتية محطة طاقة شمسية بقدرة 230 ميجاواط في منطقتنا، وتقوم الشركة السعودية “أكوا باور” حاليًا ببناء محطة طاقة رياح بقدرة 240 ميجاواط.

وتخطط أذربيجان لبناء نحو 6 جيجاواط من محطات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية بحلول عام 2030.

وهذا المجال يمثل إمكانات كبيرة للتعاون مع المغرب، ويسعى الطرفان في المستقبل إلى تعزيز جهودهما لتجسيد هذا الإمكان المشترك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق