شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفاعا كبيرا بنسبة 5.7% خلال الأسبوع المنتهي مساء أمس السبت، مدفوعة بشكل جزئي بتصاعد حدة التوترات بين إيران وإسرائيل التي أعادت الزخم للمعدن الأصفر كـملاذ آمن في مواجهة المخاطر الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، حذرت "أي صاغة" لتداول الذهب والمجوهرات من وجود فقاعات سعرية غير مبررة في السوق المحلي، مشيرة إلى أن تجار الذهب يشعلون السوق بحجة التحوط.
قفزات سعرية غير مبررة
كشف سعيد إمبابي، خبير المعادن النفيسة والمجوهرات، أن أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفعت بقيمة 240 جنيهًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي.
افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4660 جنيها.
واختتمها عند 4900 جنيه، في المقابل، ارتفعت الأوقية عالميا بقيمة 120 دولارا، لتصل إلى 3430 دولارا.
وأوضح إمبابي أن الأسواق المحلية شهدت ارتفاعات غير مبررة في أسعار الذهب، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع بالبورصات الدولية.
فبينما سجل آخر سعر للأوقية في السوق العالمي نحو 3430 دولارا، وسجل سعر صرف الدولار الرسمي في البنوك 49.85 جنيه، كان من المفترض أن يدور السعر العادل لجرام الذهب عيار 21 حول 4800 جنيه.
إلا أن تجار الذهب الخام رفعوا الأسعار لتصل إلى ما يقرب من 4900 جنيه للجرام، بل وصل إلى 5000 جنيه في بعض محال التجزئة أمس الأحد، رغم العطلة الأسبوعية لتجار الخام.
التسعير المحلي
أشار إمبابي إلى أن هذا الفارق السعري يعكس ضمنيا أن السوق المحلي يسعر الدولار عند مستويات تتجاوز 51 جنيها.
هذا يطرح علامات استفهام حول آلية التسعير المعتمدة، خاصة في ظل غياب أي مبررات منطقية أو مستجدات جوهرية على الصعيد العالمي تفسير هذا الارتفاع.
واتهم إمبابي بعض المتعاملين في السوق المحلي بـالتحوط المبالغ فيه أو حتى "الطمع السعري"، مؤكدًا أن ما يحدث قد يلحق الضرر بالعملاء، خاصة في ظل عدم وجود طلب حقيقي يبرر هذه القفزات، وبيعه جرام الذهب عيار 21 عند مستوى 5000 جنيه.
وأضاف إمبابي أن رفع الأسعار خلال عطلة الأسواق المحلية والعالمية، دون أي مبررات حقيقية، يظهر أن السوق المحلي يتفاعل مع الخوف لا الواقع.
واستبعد أن يكون التوتر السياسي في المنطقة هو السبب المباشر وراء ارتفاع الأسعار المحلية، مشيرًا إلى أن الانعكاسات الجيوسياسية تظهر عادة أثناء تداول الأسواق العالمية، لا بعد إغلاقها.
فجوة السعرية
بين إمبابي أن هناك سيناريوهين محتملين وراء هذه الفجوة بين السعرين المحلي والعالمي: الأول هو زيادة مفاجئة في الطلب المحلي على الذهب، لكنه استبعد هذا التفسير مؤكدًا عدم وجود إقبال استثنائي مؤخرًا.
أما السيناريو الثاني فهو تحركات استباقية من كبار المتعاملين في السوق، قد تكون مبنية على توقعات بارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، أو استعدادا لقرارات اقتصادية مرتقبة لم تعلن رسميا بعد، ما دفع بعض الجهات إلى تعديل الأسعار تحوطيا.
ووجه إمبابي نصيحة للمستهلكين بضرورة التريث وعدم التسرع في اتخاذ قرارات الشراء، قائلًا: "في ظل حالة الغموض الحالية، الأفضل أن يتحلى المستهلكون بالهدوء وألا ينجرفوا وراء موجات سعرية مؤقتة وغير مبررة، الانتظار والشراء في التوقيت المناسب أكثر أمانا من الانسياق وراء ارتفاعات قد لا تكون مستدامة."
ارتفاع سوق النفط
على الصعيد العالمي، لفت إمبابي إلى أن الضربة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة أسهمت في هبوط أسواق الأسهم وارتفاع النفط، مما عزز من جاذبية الذهب كـملاذ آمن.
وسجل المعدن الأصفر إغلاقا أسبوعيا تاريخي عند مستوى 3440 دولارا للأوقية، متفوق على الدولار الأمريكي الذي فقد بعضا من بريقه كأصل آمن.
وأضاف أن التحول الملحوظ في سلوك المستثمرين يؤكد أن الذهب بات يمثل اليوم ملاذا اقتصادي يعكس فقدان الثقة في أدوات الاستثمار التقليدية، خاصة الدولار والسندات الأمريكية.
وعلى صعيد البيانات الاقتصادية الأمريكية، أظهرت مؤشرات أسعار المستهلكين والمنتجين لشهر مايو استمرار تباطؤ التضخم، وهو ما عزز التوقعات بأن يتجه الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعاته المقبلة، رغم تحسن نسبي في ثقة المستهلكين.
وتترقب الأسواق هذا الأسبوع نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي حول السياسة النقدية، يومي 17 و 18 يونيو الجاري، إلى جانب صدور بيانات اقتصادية محورية، والتي من شأنها أن تسهم في رسم مسار الذهب خلال الفترة المقبلة.
توقعات عالمية صعودية واستمرار الطلب المؤسسي
جددت مؤسسة "جولدمان ساكس" توقعاتها بأن يصل الذهب إلى 3700 دولار بحلول نهاية عام 2025، و4000 دولار في منتصف عام 2026، وهو السيناريو ذاته الذي تبناه "بنك أوف أميركا".
وكشف التقرير السنوي للبنك المركزي الأوروبي أن احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية بلغت 36 ألف طن، وهو مستوى يقارب أعلى ما سجلته تلك المؤسسات منذ نهاية نظام بريتون وودز، مما يشير إلى أن الطلب المؤسسي على الذهب لا يزال مرتفعا، وسيظل أحد دعائم السعر على المدى القريب.
هل تعتقد أن التدخل الحكومي ضروري لضبط أسعار الذهب في السوق المحلي المصري في ظل هذه التقلبات.
0 تعليق