بين تحديات الجغرافيا السياسية وتقلبات سوق الطاقة العالمية، تقف مصر على خط التوازن الدقيق لضمان استمرار تدفق الكهرباء إلى ملايين المنازل والمصانع، وفي لحظة فارقة، تحركت القاهرة سريعًا لتعويض نقص إمدادات الغاز من الشرق، مستندة إلى تحرك استراتيجي دقيق يعكس يقظة الدولة ومهارتها في إدارة الأزمات.
تعويض نقص إمدادات الغاز من الشرق
فبينما تتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تبدأ مصر في تأمين احتياجاتها عبر تعاقدات جديدة على شحنات الغاز المسال، وسفن تغييز جاهزة، وخطط بديلة تضمن ألا تنطفئ الأضواء في أصعب اللحظات.
اتفاقًا جديدًا لاستيراد أربع شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال خلال الأسبوعين المقبلين
كشفت مصادر حكومية أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" أبرمت اتفاقًا جديدًا لاستيراد أربع شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال خلال الأسبوعين المقبلين، بمعدل شحنة أسبوعيًا، لتعويض النقص الناتج عن توقف الإمدادات القادمة من الشرق نتيجة التطورات الأمنية والعسكرية في المنطقة.
ويصل حجم هذه الشحنات إلى نحو 355 ألف طن، ستُضخ في السوق المحلية لتوفير ما يقارب 12 مليار قدم مكعب من الغاز شهريًا، بمتوسط 400 مليون قدم مكعب يوميًا، ما يساعد في سد الفجوة الناتجة عن تعليق العمليات في عدد من الحقول الإسرائيلية.
تجهيز سفينتي تغييز وصلتا مؤخرًا إلى السواحل المصرية
وذكرت المصادر أن وزارة البترول المصرية بدأت بالفعل في تجهيز سفينتي تغييز وصلتا مؤخرًا إلى السواحل المصرية، تمهيدًا لاستخدامهما في تحويل الغاز المسال إلى حالته الغازية وضخه في الشبكة، ومن المقرر بدء التشغيل التجريبي لإحداهما خلال أيام، تليه مرحلة التشغيل الكامل خلال أسبوعين.
وفي خطوة استباقية، فعلت وزارة البترول خطة الطوارئ الخاصة بأولويات توزيع الغاز، والتي تشمل وقف الإمداد لبعض الصناعات وتحويل استهلاك محطات الكهرباء إلى المازوت والسولار.
كما تم التنسيق مع وزارة الكهرباء لمتابعة أسبوعية لاستهلاك الوقود، لضمان توفير احتياجات المحطات من الغاز أو بدائله دون انقطاع.
ويُتوقع أن تُخصص الشحنات الجديدة لمحطات الكهرباء وبعض الصناعات كثيفة الاستهلاك، مثل مصانع الأسمدة والبتروكيماويات، مع الالتزام بعقود تصدير منتجاتها للخارج.
على جانب آخر، تعمل الهيئة المصرية العامة للبترول على تكوين مخزون استراتيجي من الخام والمنتجات البترولية، عبر شراء الزيت الخام وتكريره محليًا لتقليل التكاليف وتعزيز الأمن الطاقي.
كما تخطط وزارتا البترول والكهرباء لوضع تقديرات استهلاك الوقود بمحطات الكهرباء لمدد تمتد إلى شهرين، لضمان إبرام تعاقدات مبكرة على الغاز بأسعار مناسبة، وتفادي أي ضغط وقتي.
ووفقًا للمصدر، تُجري "إيجاس" مفاوضات للحصول على أكثر من 100 شحنة غاز مسال خلال عامي 2025 و2026، على أن تحصل مصر على نصفها خلال العام الجاري، بأسعار تتراوح بين 12 و14 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، مع تسهيلات في السداد تصل إلى عام.
0 تعليق