في ظل التحديات المتزايدة التي يشهدها العالم في مجالات الأمن الغذائي وإدارة الموارد الطبيعية، تواصل مصر تعزيز مكانتها الإقليمية كمركز رائد في تقنيات الزراعة الذكية والمستدامة، وهو ما عكسته الزيارة الأخيرة لوزير الزراعة والغابات وإدارة المياه الصربي، دراجن جلاموتيتشين، إلى القاهرة.
تعاون ثنائي متنامٍ في سياق دولي متغير
جاءت الزيارة تلبيةً لدعوة من السيد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ضمن جهود البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الزراعية والبحثية والتكنولوجية، وقد شهدت الزيارة برنامجًا ميدانيًا مكثفًا، تخلله جولات لمشروعات زراعية خاصة، ومراكز بحثية مصرية، بما يتيح للجانب الصربي الاطلاع على ما حققته مصر من تقدم ملموس في قطاع الزراعة، خاصة في مجالات الزراعة الذكية، وسلاسل الإمداد، والتصنيع الزراعي.
الزراعة الذكية على أرض الواقع
من أبرز محطات الجولة زيارة إحدى الشركات المتخصصة في إنتاج وتصدير الحاصلات البستانية، مثل العنب والبلوبيري، والتي تعتمد تقنيات الزراعة الذكية، مثل الري بالتنقيط القائم على تحاليل البيانات، والرصد البيئي الرقمي، كما اطلع الوفد الصربي على محطات الفرز والتعبئة الحديثة، التي تواكب أعلى المعايير الدولية، وتلعب دورًا محوريًا في دعم الصادرات المصرية للأسواق العالمية.
التكنولوجيا الزراعية.. مجال تعاون واعد
الجانب الصربي أبدى اهتمامًا خاصًا بزيارة شركة متخصصة في إنتاج المعدات الزراعية الحديثة، حيث تم استعراض عدد من الابتكارات التقنية التي من شأنها رفع كفاءة العمل الميداني، وتقليل الفاقد، وتحسين جودة الإنتاج، وقد أشار الوزير الصربي إلى رغبة بلاده في نقل هذه التكنولوجيا إلى السوق الصربية، بما يمهد لتعاون صناعي وتكنولوجي في المجال الزراعي.
دور مصر البحثي.. ركيزة الأمن الغذائي
كما شملت الزيارة عددًا من الكيانات البحثية الكبرى، في مقدمتها مركز البحوث الزراعية بالجيزة، حيث تم تقديم عرض تفصيلي عن أنشطة المركز، من تطوير الأصناف الزراعية، إلى مكافحة الآفات، وصولًا إلى دعم المزارعين بالمعرفة والتقنيات اللازمة لتعزيز الإنتاج المستدام، كما شملت الجولة زيارة المعمل الإقليمي للأغذية والأعلاف ومعهد بحوث الصحة الحيوانية، ما يعكس الشمول في الرؤية المصرية للتنمية الزراعية، التي تتكامل فيها عناصر الإنتاج والبحث والسلامة الغذائية.
نحو شراكة استراتيجية
اللقاء الثنائي بين الوزيرين المصري والصربي أسفر عن اتفاق على إعداد مذكرة تفاهم تتضمن آليات لتعزيز التبادل التجاري الزراعي، لا سيما في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والمحاصيل الزيتية، على أن يتم توقيعها خلال الأشهر القليلة المقبلة، هذا الاتفاق لا يمثل مجرد خطوة إجرائية، بل يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة تقوم على تبادل المعرفة والاستثمار والتكنولوجيا.
مصر.. منصة إقليمية للزراعة الحديثة
زيارة الوفد الصربي لمصر، وما أبداه من تقدير للتجارب الزراعية المصرية، يعكس إدراكًا متزايدًا للدور الذي باتت تلعبه مصر في قيادة التحول الزراعي في المنطقة، اعتمادًا على المعرفة، والبحث العلمي، والتكنولوجيا، وهو ما يجعل منها وجهة محورية لتبادل الخبرات، وبوابة لانطلاق مشاريع زراعية إقليمية كبرى في الشرق الأوسط وأفريقيا.
0 تعليق