
عبد السلام بدر
عبد السلام بدر
سيظل حديثي دائماً عن ضرورة الاهتمام ببناء الإنسان المصري، وللدِّقة (إعادة) بنيانه، فهو عندما كان إنساناً مكتمل القِيَم بنىٰ حضارةً عظيمة تُبهِرُ العالم المُتحضِّر بما كان عليه المصري القديم من ذكاءٍ وبراعةٍ وإرادةٍ قوية فصَنَع المعجزات. وليس المطلوب اليوم صُنْع معجزات غير ترميم هذا البناء الإنساني المتصَدِّع بسبب الإهمال والاتِّكال على الغرب وتقليده فيما لا ينفع، من سفاسِف الأمور، كأزياء فاضحة، وغناء لا يناسب الذوق المصري الأصيل، ومحاكاةٍ لفنٍّ ينشُر الرذائل بأشكالها، والبلطجة التي صارت ظاهرةً في الشارع المصري (مخدرات، وقتل، وتحرُّش، وسرقات) وانفلات الأسواق لغياب الضَّمير وانعدام الرقابة وعدم تفعيل القانون. يُبرِزهُم إعلامٌ مُضلِّل، مُنشَغِل بطلاق الفنانات، والمهرجانات، ومؤتمرات لا طائل منها، ويُبرِّرُ فشل الأجهزة المسئولة بوجود أزمات اقتصادية ومعاناة سببَّتْها نكسة ١٩٦٧ متجاهلاً كيف اجتازت كثير من الدول أزماتها في بِضْع سنين كاليابان مثلاً التي دمَّرتها الحرب ولم تستسلم بل نهَضَت وبإلإصرار والعِلْم تقدَّمت وتفوَّقت. وعلى ذِكْر "اليابان" سأسرد طُرفَةً على لسانِ شاب شاركها على صفحته الإلكترونية عن تجربته التي بدأت بتصرفٍ بسيط، وانتهت بكارثة مدوية.
كتب الشاب:
"كنتُ أقيم في فندق فِئة خمس نجوم في "اليابان"، وذات صباح قرَّرتُ الاستمتاع بالسباحة في المَسبحِ الداخلي، كان المكان هادئًا، فلا أحد سواي. وأثناء السباحة، شعرتُ بالحاجة إلى التَبُّول، فتبولتُ تحت الماء، لم أكن أعرفُ أن المسبح مُزوَّدٌ بأنظمة استشعار تكشف الملوِثات البيولوجية. وخلال بضع ثوانٍ دوَّت صافرات الإنذار، واقتحم عدد من الموظفين المكان بسرعة مرتدين ملابس خاصة. أخرجوني فوراً من المسبح، وأغلقوه تماماً، وقاموا بتفريغه بالكامل وتنظيفه وتعقيمه بوسائل لم أرَ مثلها في حياتي".
يواصل الشاب:
لم ينتهِ الأمر هُنا، بل صُدِمتُ عندما سلَّمني موظف الاستقبال جواز سفري قائلاً بهدوء صارم:
"نحن نعتذر، ولكن عليك مغادرة الفندق فوراً" وغادرتُ الفندق وأنا أظن أن الأمر قد انتهى، لكني فوجِئتُ بأن بياناتي قد تم توثيقها وتعميمها، فكلما حاولت حَجْز غرفة في فندق آخر يطّلِع الموظف على جواز سفري فيتغير وجهه، ويقول الجملة نفسها:
"آسف، أنت الشخص الذي تبوَّل في المسبح" ويرفض استقبالي. فلجأت للسفارة التي اقترحت عليَّ فندقاً ليس به مَسبَح، وبعد أن قضيت أيامي المتبقية في اليابان مُحاصَرَاً بالعار، ذهبتُ إلى المطار للمغادرة، وأثناء ختم جواز سفري قال لي الموظف بابتسامة تحملُ الكثير من المعاني: "نأمل أن تكون قد تعلمت الدرس".
الخلاصة: تلك شعوب لا تعرف الهَزْل، ولا تُخرِّجُ طبيباً ولا مهندساً ولا قاضياً نجحوا بالغِش، ولا نائباً برلمانياً فاز بالتزوير.
الآن المنطقة تغلي والبقاء للأذكى والأقوى ليس عسكرياً فقط بل واقتصادياً وعِلمياً واجتماعياً، وقبل كل ذلك إنسانياً..
فهل نستوعِب الدرَّس؟!
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق