خبراء وسياسيون: النظام الإيراني لن يسقط بسهولة.. وتل أبيب تخطط "لشرق أوسط إسرائيلي".. ويؤكدون: إسقاط إيران خطر على التوازن الإقليمي

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع تصاعد وتيرة المواجهة بين إيران وإسرائيل، واحتدام الصراع العسكري والاستخباراتي في مشهد إقليمي بالغ التعقيد، أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين أن ما يجري ليس مجرد تبادل ضربات بين خصمين، بل هو حلقة مفصلية في صراع دولي أوسع، يستهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وتقويض موازين القوى في المنطقة.

وفي تحليلات خاصة لـ"البوابة نيوز"، رأى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تديران تصوّرين متوازيين تجاه إيران، أحدهما يهدف إلى إسقاط النظام، والآخر إلى فرض نظام علماني يخدم المصالح الغربية، مؤكدًا أن النظام الإيراني ليس من السهل إسقاطه بفعل بنيته الأيديولوجية وتماسك مؤسساته، رغم محاولات الدفع بمعارضين في الخارج مثل "رضا بهلوي" أو منظمة "مجاهدي خلق".

ومن جانبه، حذر الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من أن الهجوم الإسرائيلي على إيران تجاوز فكرة تحجيم البرنامج النووي، ليتحول إلى مشروع إسقاط النظام بالكامل، مشيرًا إلى أن نتيجة هذه الحرب قد تكون محددة لمصير الداخل الإيراني، خاصة إذا حققت إسرائيل "انتصارًا عسكريًا واضحًا".

أما الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، فقد اعتبر أن الحرب الراهنة جزء من مخطط معلن سبق أن لوّح به نتنياهو لتفكيك المنطقة، داعيًا إلى الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في الإقليم، محذرًا من أن سقوط إيران سيمنح إسرائيل تفوقًا مطلقًا وهيمنة تهدد الأمن القومي العربي، مشددًا على أن أي حديث عن نزع سلاح إيران النووي يجب أن يقابله تفكيك لترسانة إسرائيل النووية.

 

التجارب السابقة في إسقاط الأنظمة الأيديولوجية أثبتت فشلها

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الحديث عن مستقبل النظام الإيراني في ظل تصاعد المواجهة مع إسرائيل ما زال سابقًا لأوانه، مشيرًا إلى أن هناك تصورين يُناقشان حاليًا داخل الدوائر الأمريكية والإسرائيلية، أولهما إسقاط النظام الإيراني، وهو خيار مطروح لكنه صعب التحقق في المرحلة الحالية، نظرًا لطبيعة النظام الأيديولوجية المتجذرة في مؤسسات الدولة الإيرانية.

712.jpg
الدكتور طارق فهمي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة 

وأضاف "فهمي"، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن التجارب السابقة في إسقاط الأنظمة الأيديولوجية أثبتت فشلها، ورغم العزف السياسي والإعلامي على وتر تحفيز الشارع الإيراني، إلا أن ذلك لا يعني أن النظام الحالي يمكن أن يسقط بسهولة، مؤكدًا أن فكرة الاعتماد على رضا بهلوي – نجل الشاه السابق – كبديل محتمل، غير واقعية، لعدم تمتعه بقاعدة شعبية قوية داخل إيران، رغم ظهوره مؤخرًا في بعض العواصم الغربية.

وأوضح "فهمي" أن المعارضة الخارجية، كمنظمة "مجاهدي خلق"، تظل ضعيفة الأثر، وليست مؤهلة حاليًا لقيادة بديل حقيقي للنظام، لافتًا إلى أن أقصى ما يمكن حدوثه هو الدفع نحو نظام أكثر علمانية وتعددًا طائفيًا في حال وجود اختراق داخلي واسع، لكنه شدد على أن "سقوط النظام الإيراني في التوقيت الحالي مستبعد، وإيران دولة كبرى ذات بنية أيديولوجية صلبة".

وفيما يخص المخططات الأمريكية والإسرائيلية للمنطقة، أشار الدكتور طارق فهمي، إلى أن إسرائيل تمارس عسكرة غير مسبوقة لسياستها الخارجية، في ظل دعم واسع من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وأن ما يحدث يعكس "نزعة عسكرية تصاعدية" مدعومة غربيًا لإعادة رسم موازين القوة في الشرق الأوسط.

وأكد أن إسرائيل رغم قوتها العسكرية "تظل قوة عقيمة إذا ما فُصلت عن دعم الحلفاء الغربيين"، مشيرًا إلى أنها "كيان مشوه وضعيف جغرافيًا"، بينما تمتلك إيران عمقًا استراتيجيًا وجغرافيًا أكبر بكثير. وقال: "لأول مرة تدخل إسرائيل في مواجهة مع دولة نظامية تمتلك قدرات عسكرية وجغرافية معقدة، وهو ما يغيّر قواعد الاشتباك التي اعتادت عليها تل أبيب في مواجهاتها السابقة مع الميليشيات".

واختتم فهمي تصريحاته قائلًا: "التحليل العلمي والموضوعي يفرض علينا أن نقرأ الواقع كما هو. نعم، العواطف الشعبية تتمنى سقوط إسرائيل، لكن الأكاديميا ترى أن إسرائيل لا تزال تملك أدوات تأثير قوية، وتخوض هذه المعركة بدعم غير محدود من الغرب".


إسرائيل لم تعد تُخفي نواياها الحقيقية

وفي نفس السياق أكد الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما يجري اليوم بين إيران وإسرائيل لا يمكن اختزاله في مسألة البرنامج النووي الإيراني فقط، بل هو صراع أعمق بكثير، يتجاوز المنشآت النووية إلى محاولة إسقاط نظام الحكم نفسه في طهران، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

713.jpg
الدكتور احمد يوسف استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة 

وقال "يوسف"، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إن إسرائيل لم تعد تُخفي نواياها الحقيقية، حيث أصبحت تعلن صراحة أن هدفها هو القضاء على النفوذ الإيراني في المنطقة، وليس فقط تحجيم المشروع النووي. وأشار إلى أن الحرب الحالية، وما سبقها من تصعيد، يؤكد أن تل أبيب تضع في مقدمة أهدافها تفكيك نظام "الملالي" في إيران، معتبرة أن مجرد بقاء هذا النظام يشكّل تهديدًا دائمًا لأمنها الإقليمي.

وتابع: "الواقع أن النظام الإيراني يواجه بالفعل تحديات داخلية حقيقية، خاصة بعد الاغتيالات المتكررة التي استهدفت قيادات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى، ما يشير إلى وجود اختراقات أمنية غير مسبوقة داخل مؤسسات الدولة. وقد يفتح هذا الباب أمام حالة من التململ الداخلي، خصوصًا في ظل الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتزايد عزلة إيران دوليًا".

وأشار أستاذ علوم السياسة بجامعة القاهرة، إلى أن إسقاط النظام الإيراني لن يكون بهذه السهولة، لأن النظام يمتلك مؤسسات أمنية وعسكرية راسخة، وله قاعدة دعم عقائدية وشعبية لا يمكن تجاهلها، فضلًا عن شبكات نفوذ إقليمية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وأوضح أن بعض الجهات في واشنطن وتل أبيب تروّج لسيناريو "استبدال النظام الحالي بعودة ابن الشاه"، باعتباره بديلًا جاهزًا ومناسبًا للغرب، لكن هذا الطرح يتجاهل تمامًا أن الشعب الإيراني قد خاض نضالًا طويلًا للتخلص من حكم الشاه قبل ثورة 1979، وبالتالي فإن الرهان على هذا الخيار يبدو سطحيًا ومنفصلًا عن الواقع السياسي والاجتماعي داخل إيران.

وفي ما يخص المخطط الأمريكي-الإسرائيلي الأوسع للمنطقة، قال يوسف إن "الشرق الأوسط الجديد" الذي تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب هجوم "طوفان الأقصى"، ليس مجرد شعار، بل هو مشروع قائم على تفريغ المنطقة من أي قوى معارضة للهيمنة الإسرائيلية، سواء كانت إيران أو حتى بعض الدول العربية التي تتمسك باستقلال قرارها الوطني.

وأضاف أن الولايات المتحدة، وتحديدًا إدارة ترامب سابقًا وبعض دوائر صنع القرار الحالية، تنسّق بشكل مباشر مع إسرائيل من أجل تنفيذ هذا المخطط، رغم ما قد يبدو من خلافات جزئية أو شكلية بين الطرفين. والدليل على ذلك – بحسب يوسف – هو الدعم الكامل الذي حصلت عليه إسرائيل خلال عمليتها العسكرية ضد إيران، حيث تبيّن أن الهجوم كان مخططًا له مسبقًا، وتم بموافقة أمريكية ضمنية إن لم تكن صريحة.

واختتم د. أحمد يوسف حديثه محذرًا من أن نجاح هذا المخطط سيكون كارثيًا على الدول العربية، لأنه يعني خلق شرق أوسط تُدار فيه الملفات السياسية والأمنية من تل أبيب وواشنطن فقط، وتُهمّش فيه كل القوى المستقلة، مما سيؤدي في المدى القصير إلى صراعات أهلية، وعلى المدى البعيد إلى فوضى إقليمية مفتوحة.

 

سقوط إيران سيمنح إسرائيل فرصة السيطرة والهيمنة على مساحات أوسع في العالم

وفي السياق ذاته، حذر الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري من خطورة الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقي منها هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وفقًا لمخططات قديمة تحدث عنها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ الثامن من أكتوبر 2023، على وقع هجوم "طوفان الأقصى".

714.jpg
مصطفي بكري عضو مجلس النواب 

وقال بكري في تصريحات خاصة "البوابة نيوز "نحن أمام حرب معقدة لن تنتهي بسهولة، فكل طرف يسعى إلى تحقيق نصر استراتيجي على الآخر، ولكن من مصلحة الأمة العربية أن يستمر التوازن الاستراتيجي في المنطقة، لأن سقوط إيران سيمنح إسرائيل فرصة السيطرة والهيمنة على مساحات أوسع في العالم العربي، ويفتح المجال أمامها لفرض شروطها بقوة على الجميع".

وثمّن بكري موقف مصر والسعودية والإمارات الرافض للعدوان الإسرائيلي على إيران، والداعي للحل السلمي، مشددًا على أن ملف البرنامج النووي الإيراني لا يجب أن يكون ذريعة لضرب طهران، مؤكدًا أنه إذا كان مطلوبًا من إيران أن تتخلى عن مشروعها النووي، "فليجبر المجتمع الدولي إسرائيل على تفكيك ترسانتها النووية أيضًا، وإلا فالأمر مجرد عداء سافر يخدم مصلحة إسرائيل وحدها، لا مصلحة الأمن ولا السلام في المنطقة."

وحول مستقبل النظام الإيراني، قال بكري: "لا أحد يستطيع الجزم بمصير الحكم في إيران، ولكن المؤكد أن سقوط النظام ليس أمرًا سهلًا، لأن إيران دولة مؤسسات ولها عمق إقليمي وشعبي."

واختتم بكري تصريحه قائلًا إن "هذه الحرب ليست معزولة، بل امتداد مباشر للعدوان على غزة ولبنان وسوريا، وهي جزء من مشروع أكبر تتضح ملامحه أكثر بعد توقف المدافع."

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق