في واحدة من أكثر العمليات العسكرية الأميركية دقة وسرية منذ عقود، شنت الولايات المتحدة هجومًا غير مسبوق على ثلاثة مواقع نووية إيرانية في عملية أطلق عليها اسم "مطرقة منتصف الليل". الهجوم لم يكن وليد اللحظة، بل تتويجًا لتحضيرات استمرت سنوات، اتسمت بتخطيط بالغ التعقيد، وتنفيذ احترافي استخدم فيه كل ما تملكه الولايات المتحدة من تقنيات الإخفاء والخداع العملياتي.
الضربة العسكرية: الحجم والنطاق
فجر الأحد، وبهدوء قاتل، أطلقت الولايات المتحدة العنان لهجوم جوي مكثف على منشآت "فوردو" و"نطنز" و"أصفهان"، التي تُعد من أهم نقاط البرنامج النووي الإيراني.
العملية شملت:
7 قاذفات شبحية B-2 Spirit، كل منها مزودة بقنبلتين خارقتين للتحصينات طراز GBU-57A/B، المعروفة باسم MOP (العتاد الخارق الضخم)، بوزن 30 ألف رطل للقنبلة الواحدة، في أول استخدام قتالي لها.
غواصة أميركية أطلقت أكثر من 20 صاروخ كروز طراز "توماهوك".
125 طائرة بين قاذفات ومقاتلات وطائرات تزويد بالوقود، نفذت مهمة جوية استغرقت نحو 18 ساعة.
75 سلاحًا موجهًا بدقة.
كل ذلك جرى دون أن تطلق إيران طلقة واحدة، في مؤشر على فعالية عنصر المفاجأة، وشلل الدفاعات الجوية الإيرانية.
التكتيك والخداع: مسرحية تمويه محكمة
لم يكن نجاح الضربة محض مصادفة. بل تم التخطيط لتنفيذها ضمن سلسلة خداع استراتيجي متقن:
تصريحات ترمب: قبيل التنفيذ، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيتخذ قرارًا بشأن إيران خلال أسبوعين، ما أُوحي بأنه لا نية فورية للضرب، بينما كانت العملية وشيكة.
الطُعم الجوي: انطلقت مجموعة من قاذفات B-2 غربًا نحو المحيط الهادئ، ما لفت أنظار المحللين وهواة تتبع الطيران، في حين انطلقت المجموعة الحقيقية شرقًا، بصمت مطبق، من قاعدة "وايتمان" في ميزوري.
الحد الأدنى من الاتصالات: تم تقليص الإشارات اللاسلكية إلى أدنى حد، للحفاظ على التخفي الكامل.
الإخفاء والإظهار: بحسب معهد ميتشل للدراسات الجوية، استخدمت بعض الطائرات تكتيكًا متعمدًا بجعل نفسها مرئية لفترات قصيرة لتشتيت الانتباه، بينما ظلت الأخرى غير مرصودة.
هذا السيناريو يبرهن على الاحتراف الأميركي في تنفيذ عمليات على مستوى استراتيجي دون تسرب معلومات، ما يعزز هيبة الردع الأميركية ويوجه رسالة ضمنية لدول أخرى.
الأهداف والنتائج المعلنة: إصابة البرنامج النووي في القلب
بحسب البنتاجون، استهدفت الضربة البنية التحتية النووية الحيوية لإيران، خاصة منشأة "فوردو"، المدفونة عميقًا تحت الأرض.
وكان الهدف المعلن هو:
تدمير قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم في منشآت محصنة يصعب الوصول إليها.
شل البرنامج النووي الإيراني ماديًا ومعنويًا، وقطع الطريق أمام أي تصعيد نووي محتمل.
وفي حين أكدت واشنطن أن الضربات أصابت أهدافها بدقة، نفت طهران وقوع أضرار جسيمة، في خطاب بدا دفاعيًا، وسط تعهدات بـ"رد مناسب في الوقت المناسب".
البعد السياسي والعسكري: رسالة مزدوجة
الهجوم الأميركي لم يكن فقط استجابة لاستفزازات نووية، بل جاء بعد 9 أيام من ضربات إسرائيلية على أهداف داخل إيران. بالتالي، يبدو أن العملية:
حلقة منسقة في سلسلة ضربات أميركية–إسرائيلية تهدف لإضعاف قدرة إيران على الرد أو التصعيد.
تحرك استباقي قبل تطورات سياسية أو تفاوضية مرتقبة، سواء في البرنامج النووي أو في الإقليم.
رسالة ردع إلى خصوم واشنطن الآخرين، كروسيا والصين وكوريا الشمالية، بأن الولايات المتحدة ما تزال تملك زمام المبادرة الاستراتيجية.
ردود الأفعال والصمت الدولي
الصمت الإيراني الرسمي حتى اللحظة، يعكس حرجًا داخليًا، وربما انتظارًا لترتيب رد محسوب، خوفًا من مزيد من التصعيد.
المجتمع الدولي لم يُظهر بعد موقفًا واضحًا، ما قد يعكس قبولًا ضمنيًا بضرورة كبح طموحات طهران النووية.
الكونغرس الأميركي ظل بمعظمه في الظل خلال التحضيرات، ولم يُبلغ سوى قلة من الأعضاء الجمهوريين، ما أثار تساؤلات حول صلاحيات الرئيس في إعلان الحروب.
0 تعليق