تخليدا للذكرى الخامسة والأربعين للربيع الأمازيغي “تافسوت إيمازيغن”، جسّد عدد من المحتجين وقفة احتجاجية بساحة باب الأحد بمدينة الرباط، استجابة لنداء أقطاب من الحركة الأمازيغية، حيث حمل هذا الشكل الاحتجاجي اسم محمد شفيق، العميد السابق للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
ولم ينجح المحتجون في تنظيم مسيرة من “باب الأحد” إلى قبالة البرلمان، كما مخططا له في السابق، إذ اصطدموا بالعناصر الأمنية التي طوّقت الشكل الاحتجاجي ومنعتهم من التقدم إلى الأمام؛ وهو ما بدا واضحا منذ البداية بعد وصول عدد من وحدات الأمن والقوات المساعدة إلى عين المكان.
ويأتي تنظيم هذه الوقفة بالتزامن مع تنظيم مسيرة بمدينة مراكش تخليدا للذكرى نفسها، اليوم الأحد، وفي ظل وجود تباين في الرؤى بين مكونات الحركة الأمازيغية ووجود اختلاف في التقدير لدى المنظمين؛ مما حال دون تنظيم شكل احتجاجي جماعي وموحّد كان من الممكن أن يساهم في “بسط المطالب العامة لهذه الحركة علاقة بورش مأسسة الأمازيغية ونتائج ما بعد دستور 2011”.
ودافع المحتجون بقلب العاصمة الرباط عن شعار “من أجل هوية أمازيغية للدولة”، مؤكّدين “أولوية العمل به من قبل الدولة، وضرورة الشروع في التنزيل الفعلي لرسمية اللغة الأمازيغية بموجب دستور البلاد”. كما طالبوا بـ”تمكين الأمازيغ بالمغرب من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
محمد جوهري، رئيس المجلس الوطني لـ”تافسوت الرباط” ـ دورة محمد شفيق، قال إن “لنا مطالب كبرى في هذا الجانب، حيث نطالب بهوية أمازيغية للدولة وبتمكين الأمازيغية، لغة وثقافة، من حقوقها كاملة”.
وأكد جوهري، في تصريح لهسبريس، أن “الهدف من المشاركة في هذا الشكل الاحتجاجي يرتبط أيضا بدفاعنا عن معطى إنصاف الأمازيغية من جميع النواحي، خاصة أن الدستور أكّد على ذلك”، موضحا أن “عددا من الأفراد لبّوا دعوة المنظمين، مما ساهم في إيصال رسائل بعينها إلى المعنيين بها”.
وشدّد المتحدث ذاته على ضرورة “أنْ تكون الأمازيغية فوق كل اعتبار، وألا تُدرج ضمن حسابات إيديولوجية ضيقة. ولذلك، نطالب الدولة بالتفعيل الحقيقي لدستورية هذه اللغة، ودعم إدماجها في صلب اهتمامات الحكومة”، مضيفا: “نحجّ، اليوم، إلى الرباط موازاة مع غياب إرادة سياسية حقيقية بخصوص التنزيل الفعلي للغة دستورية”.
من جهتها، قالت سارة الزوبير، عضو التنسيقية الوطنية لأساتذة اللغة الأمازيغية: “نخلّد اليوم الذكرى الخامسة والأربعين لتافسوت إيمازيغن، التي انطلقت جرّاء منع مولود معمري من إلقاء محاضرة في الجزائر، وهذه مناسبة حضرنا خلالها على رفع شعار رئيسي ينادي بـ”من أجل هوية أمازيغية للدولة”.
وأشارت الزوبير، في حديثها لهسبريس على هامش الشكل الاحتجاجي، إلى أنه “تم رفع مجموعة من الشعارات المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في وقتٍ لا يزال فيه تدريس اللغة الأمازيغية غير مُعمّم بالمدارس”.
وأضافت: “نحاول من خلال هذه الشعارات تمرير رسالة مفادها أن على الدولة أن تتبنى الأمازيغية بشكل واضح”، معتبرة في الآن ذاته أن ملف مأسستها بالمغرب “لا يزال متعثرا”.
في سياق متصل، أوضح رشيد بوهدوز، المنسق الوطني لـ”أكراو من أجل الأمازيغية” داخل حزب الأصالة والمعاصرة، أن “هناك عدم رضا عن وتيرة تنزيل رسمية اللغة الأمازيغية بالمغرب، إذ نرى أن الجهود المبذولة غير كافية”.
وطالب بوهدوز، في تصريح لهسبريس، بـ”إعمال آلية لمراقبة تنزيل الحكومة وعملها على ملف الأمازيغية، من خلال خلق هيئة مستقلة”، مؤكدا أن “الأمازيغية هي أساس الهوية الوطنية، وليست مجرّد مكون من مكوناتها”.
كما أشار المنسق الوطني لـ”أكراو من أجل الأمازيغية” داخل “البام” إلى ضرورة “معالجة السّردية التي تتكرّر على لسان عدد من المسؤولين، والتي تعتبر الأمازيغية جزءا فقط من الهوية الوطنية؛ بينما تُعتبر في الحقيقة أساسَها”.
0 تعليق