خطة الحياد الكربوني في بريطانيا "تخنق" الصناعة.. "الصلب" نموذجًا

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ربط مقال حديث بين خطة الحياد الكربوني في بريطانيا وما سمّاه "الانقراض" الوشيك لصناعة الصلب المهمة للبلاد خاصة عسكريًا.

وكان البرلمان قد تدخّل في اللحظة الأخيرة لإنقاذ آخر مصانع الصلب في بريطانيا "مجمع سكونثورب" من الإغلاق، عبر "شراء" ما يكفي من إمدادات الفحم اللازمة لتشغيل أفران الصهر، بعد أزمة مع الشركة الصينية المالكة له، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

يأتي ذلك على الرغم من تكدّس احتياطيات الفحم في بريطانيا تحت الأرض، غير أن العديد من المناجم أغلقت أبوابها وانهار الطلب، كما كانت لندن أول دول مجموعة السبع الصناعية التي تحظر تراخيص محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأسود لخفض الانبعاثات.

وتسير سياسة الحياد الكربوني في بريطانيا نحو الاعتماد الكامل على مصادر الطاقة المتجددة وليس الوقود الأحفوري وعلى رأسه الفحم.

إنقاذ آخر مصانع الصلب البريطانية

وصف الكاتب الصحفي أريس روسينوس تدخُّل الحكومة المذعورة لإنقاذ آخر مصانع الصلب في بريطانيا بـ"الجيد والضروري"؛ إذ سيُنقذ -من الناحية النظرية- قدرة بريطانيا على إنتاج الحديد اللازم لصناعة الدبابات والسفن الحربية لتلبية احتياجات السياسات الخارجية "المُغامرة"، على حد وصفه.

لكن على الناحية الأخرى، قال إنّ من الجنون أن تلجأ دولة حباها الله بأغنى رواسب الفحم في العالم إلى الشراء من الخارج، في حين أنها قادرة على إنتاجه بسهولة على أراضيها مع اتباع معايير بيئية عالية لخفض الانبعاثات، دون التسبب في إطلاق الكربون جرّاء شحنه بحرًا من بعيد.

الكاتب أريس روسينوس
الكاتب أريس روسينوس - الصورة من منصة أن هيرد

وفي مقال صحفي نشرته منصة "أن هيرد" (unherd)، قال روسينوس إن الأمة سقطت رهينة لخدعة حسابية عبر دعم إنتاج الفحم خارج بريطانيا بغض النظر عن أثر ذلك في بيئة تلك البلاد واقتصادها وأمنها.

وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة لتفاصيل الأزمة، كانت شركة "جينغي" الصينية (Jingye) مالكة مجمع سكونثورب آخر مصانع الصلب في بريطانيا على وشك إغلاقه عبر وقف تزويده بخام الحديد وفحم الكوك.

لكن البرلمان اجتمع، واستعادت الدولة السيطرة على المجمع، كما أعلنت الحكومة شراء ما يكفي من الفحم للحفاظ على تشغيل فُرنيّ الصهر للأسابيع المقبلة.

ودون ذلك، كان وقف إشعال أفران الصهر بالفحم سيؤدي إلى وقف إنتاج الصلب في بريطانيا، خاصة أن الحكومة لم تتدخل في العام الماضي (2024) لإنهاء تشغيل مصنع الصلب في بورت تالبوت بعد 100 عام من بدء تشغيله، الذي كان الأكبر في أوروبا خلال ستينيات القرن الماضي.

يُشار هنا إلى أن بريطانيا شكّلت 0.3% من الإنتاج العالمي من الصلب بنهاية عام 2023 في مقابل 54% للصين و7% للاتحاد الأوروبي.

ويوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر الدول من حيث القدرات التشغيلية لصناعة الصلب حتى عام 2022:

أكبر 10 دول من حيث القدرة التشغيلية لصناعة الصلب

خطة الحياد الكربوني في بريطانيا

وصف الكاتب أريس روسينوس سياسة الحياد الكربوني في بريطانيا بـ"غير المنطقية"، وبأنها أضافت "مَواطن ضعف" جديدة وخطيرة لاقتصاد البلاد.

وتُعيد أزمة صناعة الصلب الحالية الأضواء إلى سياسة الطاقة "الخالية من المعنى" التي تنتهجها القوى السياسية منذ عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي وحتى الحالي كير ستارمر.

وتابعت منصة الطاقة المتخصصة رفع "ستارمر" هدف خفض الانبعاثات إلى 81% مقارنة بحلول عام 2035، وذلك خلال قمة المناخ السابقة كوب 29.

ورئيس الوزراء هو أحد المدافعين عن سياسة الحياد الكربوني في بريطانيا التي تستهدف -أيضًا- تعجيل هدف توليد 100% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030 ونشر السيارات الكهربائية عبر رفع حصتها في المبيعات الجديدة إلى 28% بحلول عام 2030.

ألواح طاقة شمسية بجانب توربينات رياح
ألواح طاقة شمسية بجانب توربينات رياح - الصورة من موقع شركة دراكس

وتعليقًا على ذلك، يقول كاتب المقال إن سياسة الحياد الكربوني استهدفت في البداية دعم الأمن القومي عبر تحول الطاقة بوساطة التحول عن الغاز الطبيعي ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى التي يهيمن عليها "طغاة" مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، علاوة على تحقيق الريادة العالمية في مجال الطاقة المتجددة.

لكن بريطانيا لم تحقق سوى "قفزة أحادية كبيرة، ولكن إلى الوراء"، جرّاء ارتفاع أسعار الكهرباء وتراجع قدرات التصنيع بالمقارنة مع الدول المتقدمة الأخرى.

وكان تقرير صادر عن مكتب مسؤولية الموازنة (OBR) التابع لوزارة الخزانة البريطانية قد حذّر في مطلع أبريل/نيسان (2025) من أن الضرائب على فواتير الكهرباء سترتفع بنسبة 60% إلى 25.5 مليار دولار بحلول عام 2030 بسبب دعم مصادر الطاقة المتجددة.

الفحم في بريطانيا

ألقى المقال -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- باللوم على الحكومات المتعاقبة للتسبّب في "الانقراض الوشيك" لصناعة الصلب البريطانية.

كما انتقد مقترحًا بنشر القوات البحرية لحماية شحنات فحم الكوك لتشغيل أفران الصلب، مشيرًا إلى أنه تحرُّك "يؤكد -بصورة كبيرة- الأعباء الثقيلة التي يُلقيها الحياد الكربوني على كاهل الأمة"، علاوة على أنه -ببساطة- استجابة لمشكلة وجودية صنعتها البلاد بأيديها.

كما أكد الكاتب أريس روسينوس أنه لا بديل عن فحم الكوك لاستمرار إنتاج الصلب داخل مجمع سكونثورب، لكن "الدعم الهشّ" من خلال تقديم إمدادات فحم على عجل "سياسة غير مقبولة".

في المقابل، إذا رغبت الحكومة في إثبات جديّتها تجاه الأمن القومي، فعليها الحفاظ على قدرات إنتاج الصلب وإفساح المجال لزيادة إنتاج الفحم بصورة كبيرة في حالات الطوارئ.

واختتم المقال بالقول إن استمرار صناعة الصلب يتطلّب إمدادات موثوقة من الفحم، و"الحل الوحيد لذلك هو إنتاجه محليًا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. مقال "هل الفحم في بريطانيا هو مفتاح حل أزمة الصلب؟" من منصة أن هيرد.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق