في مشهد يعكس ملامح مصر الجديدة، حيث تتقاطع التكنولوجيا مع الطموحات الاقتصادية، تُعد محطات الغاز الطبيعي من إدكو إلى دمياط بمثابة روافع استراتيجية ترسم ملامح المستقبل الطاقي للبلاد.
طبقا لـ تحيا مصر ، لم يعد الغاز مجرد مورد طبيعي، بل بات وسيلة حيوية تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي والاقتصادي لمصر، وتحولها من مستورد إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة.
في هذا السياق، يسلط المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، الضوء على التحولات الحاصلة في قطاع البترول المصري، مشيرًا إلى أن التركيز الأكبر حاليًا يتجه نحو الغاز الطبيعي، في ظل آمال باكتشافات ضخمة تعزز موقع مصر كمركز استراتيجي للطاقة.
وبالمقابل، فإن إنتاج الزيت الخام يشهد حالة من التريث، حيث تسعى الدولة إلى الحفاظ على المستويات الحالية دون التوسع.
توازنات دقيقة وتطلعات إقليمية
يرى يوسف أن مصر، رغم امتلاكها لثروات واعدة، ما زالت تحتاج إلى استيراد النفط الخام لتشغيل مصافي التكرير، إلى جانب استيراد الغاز من الخارج سواء كان مسالًا أو عبر خطوط الأنابيب من الشرق، في إشارة ضمنية إلى الغاز الإسرائيلي والقبرصي.
إلا أن ما يمنح مصر ميزة تنافسية هو امتلاكها لبنية تحتية متطورة في مجال تسييل الغاز، ما يمكنها من إعادة تصدير هذا الغاز إلى أوروبا، مستفيدة من موقعها الجغرافي ومرافقها الحديثة، لا سيما في إدكو ودمياط.
استدامة ومسؤولية بيئية
وفي ظل التحديات البيئية العالمية، تؤكد تصريحات نائب رئيس الهيئة الأسبق أن وزارة البترول تعمل على دمج مبادئ الاستدامة في أنشطتها التشغيلية، عبر تقنيات حديثة تقلل الانبعاثات وتعزز كفاءة الإنتاج.
هذا التوجه ينسجم مع الالتزامات الدولية ويمنح مصر نقاطًا إضافية في سعيها للتحول إلى اقتصاد أخضر مستدام.
طاقة تسييل متقدمة
وتُعتبر محطتا إدكو ودمياط بمثابة القلب النابض لصناعة تسييل الغاز في مصر، حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لمحطة إدكو 7.2 مليون طن سنويًا، بينما يوفر مجمع دمياط قدرة تقدر بـ5.2 مليون طن سنويًا.
وتتيح هذه البنية المتقدمة لمصر تقديم خدمات تصدير الغاز للأسواق الأوروبية، في وقت يشهد فيه العالم سباقًا محمومًا على مصادر الطاقة البديلة والمستقرة.
من إدكو إلى دمياط، لا تمثل محطات الغاز مجرد بنى تحتية هندسية، بل تعبّر عن قصة صعود تكنولوجي واستراتيجي، تكتبها مصر بإصرار وتخطيط، في زمن باتت فيه الطاقة مفتاحًا للتأثير والنفوذ.
وبينما تنظر القاهرة إلى المستقبل، تظل هذه المحطات شاهدًا على تحول عميق في فلسفة إنتاج وتوزيع الطاقة في قلب الشرق الأوسط.
0 تعليق