في ظل الرؤية الاستراتيجية للإمارات العربية المتحدة نحو بناء مجتمع مترابط ومستدام، تحظى كبار السن باهتمام خاص كرمز للتراث والحكمة. تعتبر الرعاية الشاملة لكبار المواطنين أحد أبرز جوانب التنمية الاجتماعية في البلاد، حيث يسعى القادة والمؤسسات إلى ضمان حياة كريمة وآمنة لهم. في هذا السياق، تأتي مبادرة "بركتنا" كأحدث الإنجازات الحكومية، التي تعزز من هذه الرعاية وتضيف قيمة إيجابية لمجتمع الإمارات. في هذه المقالة، سنستعرض الرعاية الشاملة لكبار السن ودور "بركتنا" في تعزيزها.
الرعاية الشاملة لكبار السن في الإمارات: أسس وقيم
تُعد الإمارات نموذجًا إقليميًا في رعاية كبار السن، حيث يعكس ذلك التزام الحكومة بمبادئ الإنسانية والتضامن الاجتماعي. يشمل هذا النموذج مجموعة من الخدمات المتكاملة التي تغطي جوانب صحية، اجتماعية، اقتصادية، وثقافية، مما يضمن لكبار السن عيش حياة مفعمة بالكرامة والاستقلالية.
أولاً، على المستوى الصحي، تقدم الإمارات خدمات طبية متميزة مجانًا لكبار السن من خلال شبكة المستشفيات والعيادات الحكومية. تشمل هذه الخدمات الفحوصات الدورية، العلاجات المتخصصة للأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، بالإضافة إلى برامج الرعاية المنزلية التي تسمح للمسنين بالبقاء في منازلهم مع دعم طبي مستمر. كما أن هناك مراكز متخصصة مثل مراكز الرعاية الطويلة الأجل، التي توفر إقامة آمنة ومريحة لمن يحتاجون إلى دعم مستمر.
ثانيًا، على المستوى الاجتماعي، تعمل الحكومة على تعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية من خلال برامج ترفيهية وتعليمية. على سبيل المثال، تقام ورش عمل وأنشطة ثقافية في مراكز الشيوخ والشيخات، حيث يتم تشجيع كبار السن على المشاركة في الأحداث الاجتماعية، مثل الدروس الثقافية، رحلات السياحة الداخلية، والبرامج الرياضية الخفيفة. هذه البرامج تهدف إلى مكافحة الوحدة والعزلة، التي غالبًا ما تكون مشكلة شائعة بين كبار السن.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الإمارات توفر دعمًا ماليًا مباشرًا من خلال رواتب التقاعد والمساعدات الاجتماعية، بالإضافة إلى تسهيلات في الإسكان والنقل. على سبيل المثال، يحصل كبار السن على خصومات في الخدمات العامة مثل النقل العام والكهرباء، مما يخفف العبء المالي عليهم. هذه الجهود تتماشى مع رؤية الإمارات 2031، التي تركز على تحقيق التنمية الشاملة وضمان الرفاهية لجميع فئات المجتمع.
"بركتنا": أحدث المكتسبات في مجال الرعاية
في خطوة تُعزز من هذه الجهود، أطلقت الحكومة الإماراتية مبادرة "بركتنا" كأحدث الإنجازات في مجال رعاية كبار السن. تعني كلمة "بركتنا" باللغة العربية "بركتنا" أو "نعمتنا"، وهي تعكس التقدير للأجيال السابقة التي ساهمت في بناء الدولة. تم إطلاق هذه المبادرة في السنوات الأخيرة كجزء من استراتيجية وزارة الشؤون الاجتماعية، بهدف تقديم رعاية متكاملة ومبتكرة.
تتميز "بركتنا" بتقديم خدمات رقمية وتكنولوجية حديثة، مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي تسمح لكبار السن بطلب الرعاية الطبية أو الاجتماعية بسهولة. على سبيل المثال، يمكن للمستفيدين من خلال التطبيق حجز موعد طبي، طلب وجبات غذائية متوازنة، أو حتى الحصول على دعم نفسي عبر مكالمات فيديو. كما أن المبادرة تشمل برامج تدريبية للأسر على كيفية التعامل مع كبار السن، مما يعزز الروابط العائلية.
بالإضافة إلى ذلك، تركز "بركتنا" على الابتكار الاجتماعي، حيث تشمل شراكات مع القطاع الخاص لتطوير منازل ذكية مجهزة بتقنيات السلامة، مثل أجهزة الاستشعار التي تكتشف السقوط أو الحاجة إلى المساعدة. هذه المبادرة لاقت استحسانًا واسعًا، حيث ساهمت في تحسين جودة حياة آلاف كبار السن، وفقًا لتقارير وزارة الشؤون الاجتماعية. كما أنها تعزز من دور الشباب في رعاية كبار السن من خلال برامج التطوع، مما يعزز التواصل بين الأجيال.
الخاتمة: نحو مستقبل أفضل لكبار السن
في الختام، تمثل الرعاية الشاملة لكبار السن في الإمارات نموذجًا إيجابيًا للدول الأخرى، حيث تجمع بين التقاليد الإنسانية والتكنولوجيا الحديثة. مبادرة "بركتنا" كأحدث المكتسبات، تؤكد على التزام الإمارات بتعزيز الرفاهية الاجتماعية وتعزيز قيم الاحترام والتكافل. من خلال استمرار هذه الجهود، يمكن للإمارات أن تضمن لكبار السن حياة مليئة بالكرامة، مما يعكس هوية مجتمع يقدر تاريخه ويبني مستقبله. إن استثمار الدولة في هذا المجال ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا خطوة استراتيجية نحو مجتمع أكثر تماسكًا وازدهارًا.
0 تعليق