في مثل هذا اليوم من عام 1982، سطّر التاريخ صفحة جديدة من صفحات المجد المصري، عندما ارتفعت راية الوطن خفاقة فوق أرض سيناء بعد سنوات من الاحتلال. الذكرى 43 لتحرير سيناء لا تأتي فقط لاستدعاء مشاهد النصر، بل لتؤكد أن الأرض التي استعيدت بالدم، تُصان وتُبنى بالإرادة والعمل.
فمنذ تحريرها، لم تتوقف الدولة المصرية يومًا عن السعي لتعمير سيناء، تلك الأرض التي طالما كانت هدفًا للأطماع، وبوابة العبور نحو المستقبل. ومع كل عام يمر، تتضاعف الجهود وتزداد الخطى سرعة نحو تنمية شاملة، تُعيد لسيناء مكانتها الطبيعية كجزء لا يتجزأ من جسد الوطن.
ففي السنوات الأخيرة، انطلقت مشروعات قومية عملاقة في ربوع سيناء، من الأنفاق التي ربطت الضفة الشرقية بالقاهرة والدلتا، إلى مشروعات الإسكان والزراعة والمياه والتعليم والصحة والبنية التحتية، وكلها تسير ضمن خطة استراتيجية واضحة لتحويل سيناء إلى مركز اقتصادي وسكاني مزدهر.
وفي قلب هذه الجهود، لم يكن الأمن بعيدًا عن التنمية، بل كان شريكًا أساسيًا فيها. فقد خاضت القوات المسلحة المصرية، بالتعاون مع جهاز الشرطة الباسل، معركة حاسمة ضد الإرهاب والتطرف، عبر العملية الشاملة “سيناء 2018” التي أعادت الاستقرار إلى المنطقة، بعد أن حاولت الجماعات المتطرفة تحويلها إلى ساحة للفوضى والدمار.
لقد قدّم أبناء القوات المسلحة والشرطة أرواحهم فداءً لهذه الأرض، ليزرعوا فيها الأمان من جديد، وتعود مدن مثل العريش ورفح والشيخ زويد إلى الحياة، وتستعيد شوارعها نبضها بعد سنوات من المعاناة.
إن الدولة المصرية، بقيادة حكيمة، أثبتت أن أمن سيناء لا ينفصل عن تنميتها، وأن الدفاع عنها لا يتوقف عند حدود المعركة، بل يمتد إلى بناء المدارس والمستشفيات والطرق والمنازل، وتوفير فرص العمل لأبنائها. وما إنشاء مدينة رفح الجديدة إلا دليل على هذا الإصرار على البناء، جنبًا إلى جنب مع تطهير الأرض من كل خطر.
تأتي الذكرى الـ43 اليوم، وسيناء تخطو بثبات نحو مستقبل جديد، لا يشبه ماضيها، مستقبل يليق بتضحيات الشهداء وآمال الأحياء. مستقبل يصنعه أبناء سيناء جنبًا إلى جنب مع رجال الجيش والشرطة والمهندسين والعاملين في كل موقع.
وفي هذا اليوم المجيد، نُجدد العهد بأن تظل سيناء في القلب، وأن تظل القوات المسلحة والشرطة هما درع الوطن وسيفه، لا يعرفان إلا النصر في وجه كل عدو، وأن تبقى مصر دومًا قوية بأرضها، غنية بشعبها، راسخة في وجه الزمان.
تحيا مصر… وتحيا سيناء حرة، آمنة، مزدهرة.
0 تعليق