الوافي: تصنيفي بـ"قائمة تايم" حافزٌ .. والعِلم يخدُم المجتمعات الهشة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت الدكتورة أسمهان الوافي، العالمة المغربية في العلوم الزراعية والنظم الغذائية، إن تصنيفها من لدن المجلة العريقة “تايم” ضمن القائمة السنوية لـ100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم لعام 2025 “ليس مجرد اعترافٍ بجهودها أو يخصُّها لوحدها؛ بل هو تشريفٌ كبير لآلاف العلماء والعالمات، خصوصا من دول الجنوب الذين يعملون بإخلاص من أجل مستقبل أفضل”، واصفة بأنه “مسؤولية وحافز للمزيد أكثر من كونه تتويجا”.

وفي حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، بمناسبة “تصنيف تايم”، كشفت المديرة التنفيذية للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، التي احتفى هذا التكريم، قبل أيام، بريادتها العالمية في مجال الابتكار الزراعي، ودفاعها عن المحاصيل غير المستغَلة بشكل كافٍ واستخدام المياه غير العذبة، ودفاعها الدؤوب عن المرأة في مجال العلوم، عن “عملٍ جارٍ من أجل تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة، وعلى تقنيات تُمكّن المزارعين من التكيف مع التغيرات البيئية”.

وقالت للجريدة: “أهم ما أطمح إليه هو أن تصل هذه الابتكارات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، وخاصة النساء والشباب في إفريقيا وآسيا والعالم العربي”، واضعة عبر الحوار ذاته في بريد الباحثات الشابات، خصوصا المغربيات، رسائل تحفيز بآفاق واعدة.

كما زادت معلقة: “هذا الاختيار والتقدير لا يعنيني لوحدي؛ فهو لعائلتي العزيزة، ولجميع المغاربة حكومة وشعبا، ولكل من يعمل بإخلاص من أجل عالم أكثر عدلا وصمودا وأمنا غذائيا”، شاكرة “كل من آمَن بهذه الرسالة وشارك في تحقيقها”.

الحضور العالمي الوازن لابنة مدينة اليوسفية (وسط المغرب) جاء ثمرةَ مسيرة ومسار علمييْن حافلين أسهمت خلالهما في تطوير منهجيات مبتكرة لمكافحة الفقر وتحسين التغذية بالمناطق الهامشية بمختلف بقاع المعمور؛ وهي جهودٌ كانت محط إشادة رجل الأعمال الشهير بيل غيتس، مبرزا ضمن تعليق له القيمة العلمية والإنسانية للعمل الذي تقوده الوافي وتنويهه بدورها القيادي في رسم ملامح مستقبل غذائي أكثر عدالة واستدامة.

نص الحوار:

بصفتكِ عالمة وباحثة مغربية، كيف تلقّيتِ خبر تصنيفك ضمن قائمة “تايم” لأكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم لعام 2025، بجوار شخصيات بارزة في مجالات وتخصصات مختلفة؟

لقد كان خبرا مؤثرا ومفاجئا في الوقت ذاته. شعرتُ بتواضع كبير وفخر عميق؛ أنْ يُسلّط الضوء على عملنا في مجال العلوم الزراعية والنظم الغذائية والعدالة المناخية على منصة عالمية بهذا الحجم هو شرَف لا يُقدّر بثمن.

هذا الاعتراف لا يخصني وحدي؛ بل يخص آلاف العلماء والعالمات الذين يعملون بإخلاص من أجل مستقبل أفضل، خصوصا في دول الجنوب العالمي.. وشخصيا، رأيتُ فيه تكريما لمسيرتِي ولبلدي المغرب، ولكل فتاة مغربية تحلم بأن تكون مؤثرة في عالمها.

كيف ترين هذا التتويج المرموق لمسارك المهني والعلمي، خاصة في ظل إشادات دولية واسعة من شخصيات مؤثرة؛ مثل بيل غيتس؟

أعتبره مسؤولية أكثر من كونه تتويجا.. بل أراه مسؤولية ورسالة لمواصلة خدمة المجتمعات الأكثر هشاشة وحافزا للقيام بالمزيد. طوال مسيرتي، كنتُ مؤمنة بأن العلم يجب أن يكون في خدمة الناس، خاصة الأكثر تهميشا وضعفا.

وأنْ يأتي هذا التقدير مترافقا مع إشادة من شخصيات عالمية مثل بيل غيتس هو تأكيد على أن العمل الذي نقوم به له صدى عالمي. إنه يعكس أهمية الابتكار الزراعي والبحث العلمي في مواجهة تحديات الجوع والتغير المناخي، ويمنحنا دفعة قوية لمواصلة هذا الطريق بشغف أكبر.

بعد أكثر من عقدين من الخبرة في البحث العلمي والإدارة في المغرب واليابان وسوريا وإسبانيا وكندا والإمارات.. ما هي طموحاتك المستقبلية في مجال البحث الزراعي وضمان الأمن الغذائي في ظل التحديات المناخية المتفاقمة؟

يكمن مستقبلنا في تحويل النظم الغذائية نحو تكاملٍ وشمولية، مستندا إلى العلم والابتكار. في سجيار نُطلق حاليا محفظة علمية جديدة للفترة 2025–2030، والتي ستوجّه أبحاثنا الاستراتيجية في السنوات المقبلة؛ وهي تركّز على الحلول المناخية، والزراعة الذكية، والابتكار الرقمي، والاقتصاد الحيوي الدائري.

نعمل، في الظروف الحالية، على تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة، وعلى تقنيات تُمكّن المزارعين من التكيف مع التغيرات البيئية. وأهم ما أطمح إليه هو أن تصل هذه الابتكارات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، وخاصة النساء والشباب في إفريقيا وآسيا والعالم العربي.

كلمة أخيرة ملهمة تُوجهّينها إلى الباحثات المغربيات الصاعدات حول التميز العلمي والإنساني في خدمة الوطن والعالم والقارة الإفريقية؟

إلى كل شابة مغربية تحلم بأن تساهم في العلم: صوتك وعقلك وقلبك الطيب كلها مهمّة اليوم أكثر من أي وقت مضى. التميّز ليس هدفا نصل إليه فقط، بل هو التزام دائم بالمعنى، وبالعطاء، وبالصبر.

لا تدعِي أحدا يحدد لكِ حدودك. أنتِ من بلد عريق، فيه القوة، والصمود، والحكمة. استخدمي هذا الإرث. قِفِي بثقة في المختبرات، في الحقول، في مراكز القرار، وبين الناس.

نعم، أمامنا تحديات كثيرة… لكن لدينا أيضا فرص عظيمة. دَعِي نورك يضيء الطريق. نحن كثيرات، نحن قويات، ومعا بإذن الله، سنصنع مستقبلا أجمل، أعدل، وأكثر استدامة.

كباحثة مغربية، عملتُ لأكثر من 20 عاما عبر قارات مختلفة؛ لكن طموحي لم يتغيّر: أن نُسخّر العلم من أجل عالمٍ أكثر إنصافا، وأن نُحدث أثرا ملموسا في حياة المزارعين والمزارعات، خاصة في إفريقيا والعالم العربي.

أما رسالتي إلى الباحثات الشابات في المغرب: لا تخفن من التميز، واصْنعن مستقبلكن بإيمان وثقة. أنتن لستن فقط جزءا من التغيير؛ بل أنتنّ جوهره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق