في سنة عيشه الخامسة والتسعين، قال حسن الشافعي، الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن مشتركات كثيرة في مشهد الاشتغال بـ”علم الكلام” تجمع “بين القاهرة والرباط”، من أبرز أوجهها “النزوع نحو التجديد المؤسسي” عبر “أجهزة علمية”، وهو ما يوجد فقط “في المغرب ومشيخة الأزهر بمصر”.
وخلال تدخله، الجمعة، بالمعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته الثلاثين، بدعوة من “مجلس حكماء المسلمين”، ذكر الشافعي أنه “غارق منذ الأمس في جو أسطوري بين الخزانة الملكية ودار الحديث مع كبار علماء المغرب ومفكريه”، قبل أن يضيف “إنهم يعرفونني أكثر مما أعرفهم، وهذا دليل على أن الحوار بين المغرب والمشرق ليس كما ينبغي”.
وخلال تقديمه كلمته، ذكر الفقيه أنه “لا يحتاج المقدمات المطولة” لأنه يتحدث “في بيئة تؤمن بالإمامة نظاما للحكم، والأشعرية نظاما للعقيدة، ومذهب الإمام مالك في القضاء والتشريع، ومذهب الجنيد السالك في التربية والتوجيه”.
وفي كلامه عن “تجديد علم الكلام” أبرز الشافعي أن “التجديد نفسه هو الفكرة التي علينا الاتفاق عليها لأن أكثر من يتحدثون فيه الآن لا يعرفون معناه في اللغات الاخرى”.
واسترسل الحاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن البريطانية قائلا: “التجديد في الغرب كان يعني إحياء التراث القانوني الروماني، والفكر الإغريقي، وإحياء التراث الاسلامي في شقّ النزعة التجريبية”، وكان “التجديد عندهم في الأصول، والعقائد، والمسائل، والأدلة”، بينما “عندنا يكون التجديد في المسائل، وقواعد المنهج، والأدلة فقط”، و”ليست لدينا مجامع مسكونيّة تضيف مقولات إلى صلب العقيدة”.
وتابع “في الصفحات الأولى من كتاب مفكركم الكبير ابن رشد “فصل المقال” يشترط أولا في مثل هذا العمل التصدي لإتقان اللغة العربية”. وعلق على ذلك قائلا: “عدم إتقان اللغة من أسباب الانحرافات”، التي من أوجهها “من يزعمون أنهم سلفيون، ولا ينفون ما لا يليق بالله (…) والباطنية”.
وشدّد الشافعي على ضرورة “معرفة العلم الإنساني الآن، والفكر المعاصر”، و”فكر الأمم السابقة وفكر المسلمين، نقاشا ومعارضة لا قبولا بكل شيء”، ومعرفة اللغة العربية، وعدم الاكتفاء بدليل واحد، والرسوخ في العلم موضوعِ التجديد، و”ماضي علم الكلام وتراث المتكلمين في أصوله وتطور تاريخه (…)؛ فهل يجدد في الطب من لا يعرف الطب القديم والمعاصر؟ فلم إذن التجرؤ دون معرفة؟”.
حسن الشافعي الذي دخل جامعة الأزهر “قبل 82 عاما”، والذي يصف نفسه بأنه “مفتون بعلم الكلام، متطوع له”، قال: “نحن نائمون عن نشر الأصول الكلامية (…) ولدينا مشكل افتتان البحث عندنا بالأسماء الكبرى التي كتبت عنها عشرات الكتابات مثل ابن حزم وابن تيمية وغيرهما، بينما هناك مجهولون لا يعرف عنهم الناس شيئا من مخترعين وفلاسفة ومتكلمين، هم حلقة مفقودة بين الحضارتين الإسلامية والغربية”.
0 تعليق