تستمر التوترات بين الهند وباكستان في التصاعد على خلفية الهجوم المميت الذي استهدف سياحًا في الشطر الهندي من كشمير الأسبوع الجاري، مما يهدد بإشعال أزمة جديدة بين الجارتين النوويتين اللتين تشهدان علاقة معقدة ودائمة التوتر.
هجوم في كشمير
في حادثٍ دموي وقع يوم الثلاثاء 24 أبريل 2025، استهدف مسلحون جماعة من السياح في منطقة باهالغام الهندية، قرب العاصمة الصيفية لولاية جامو وكشمير. أسفر الهجوم عن مقتل 26 شخصًا، معظمهم من الهنود. في أعقاب الهجوم، أصدرت جماعة مسلحة غير معروفة تُدعى "مقاومة كشمير" بيانًا تبنت فيه الهجوم.
بينما نفت باكستان أي صلة لها بالهجوم، سارعت الهند إلى تحميل الجارة الباكستانية المسؤولية، رغم عدم تقديم أي أدلة قاطعة على ذلك. وقد ألقى الهجوم بظلال من الشكوك والاتهامات المتبادلة بين الجانبين، مما زاد من حدة التوترات في المنطقة.

إجراءات عقابية من الهند
ردًا على الهجوم، اتخذت الحكومة الهندية سلسلة من الإجراءات العقابية ضد باكستان، بما في ذلك خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية، تعليق معاهدة حاسمة بشأن تقاسم مياه نهر السند، وإلغاء تأشيرات الدخول لمواطني باكستان. كما قررت الهند تقليص عدد موظفي بعثتها الدبلوماسية في إسلام أباد، مع خفض عدد الدبلوماسيين الباكستانيين في نيودلهي من 55 إلى 30 اعتبارًا من بداية مايو.
وفي تصريحات رسمية، وصفت الحكومة الهندية تصرفات باكستان بأنها "غير مسؤولة"، مطالبةً المجتمع الدولي بالضغط على إسلام آباد للحد من دعم الجماعات المسلحة التي تنشط في كشمير.
الرد الباكستاني
من جانبها، ردت باكستان باتخاذ تدابير مشابهة. فقد ألغت تأشيرات الدخول لمواطني الهند، وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الهندية، كما علقت جميع التعاملات التجارية مع نيودلهي، بما في ذلك عبر دول ثالثة. ووصفت باكستان في بيان لها تصرفات الهند بأنها "غير مبررة" و"استفزازية"، مؤكدًة أن سياسات الهند في كشمير قد تؤدي إلى مزيد من التأزيم في المنطقة.

كشمير.. نقطة الصراع الرئيسية
تعتبر منطقة كشمير، الواقعة في جبال الهيمالايا، محور النزاع التاريخي بين الهند وباكستان. منذ عام 1947، عندما تم تقسيم الهند البريطانية، شهدت المنطقة عدة حروب وصراعات، كما أنها كانت ولا تزال المصدر الأساسي للاحتكاك بين البلدين. تطالب باكستان بالسيادة الكاملة على الشطر الهندي من كشمير، بينما تصر الهند على احتفاظها به، ما يعمق النزاع المستمر على هذه المنطقة.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة القمع في الشطر الهندي من كشمير، خاصة بعد قرار الهند بإلغاء الوضع شبه المستقل للمنطقة في عام 2019، وهو القرار الذي لاقى رفضًا واسعًا من باكستان وأدى إلى سلسلة من الاشتباكات الحدودية والهجمات المسلحة.
معاهدة مياه نهر السند
في تطور جديد يهدد بتفاقم الأزمة، قررت الهند تعليق معاهدة مياه نهر السند، التي تم توقيعها في عام 1960 تحت إشراف البنك الدولي، وتتيح تقسيم المياه بين الدولتين. يعتبر هذا المورد المائي شريان حياة لكلا البلدين، ويمثل تعليق المعاهدة نقطة تحول هامة في العلاقات بين الهند وباكستان.
باكستان، التي تعتمد بشكل كبير على مياه نهر السند، حذرت من أن أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه ستُعتبر "عملًا حربيًا"، مشيرةً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى أزمة إنسانية في بلد يعاني بالفعل من نقص المياه والجفاف في بعض مناطقه.

التصعيد النووي
على الرغم من الجهود الدولية للحد من التصعيد، فإن كل من الهند وباكستان قد عززت من ترساناتهما النووية منذ أن أقدمت الهند على إجراء أول تجربة نووية لها في عام 1974، تلتها باكستان بتجاربها النووية في عام 1998. وبالتالي، فإن أي اشتباك عسكري بين البلدين يحمل في طياته مخاطر كبيرة من تحول النزاع إلى حرب نووية.
مستقبل العلاقات
على الرغم من الجهود الدولية المتكررة لإيجاد حل دبلوماسي للصراع، فإن الأزمة الحالية في كشمير تبعث برسالة واضحة بأن التوترات بين الهند وباكستان قد تظل قائمة لسنوات قادمة. لا تزال المساعي للسلام تجد صعوبة كبيرة في التغلب على المصالح الوطنية العميقة والتحديات الأمنية المستمرة.
تبدو الأزمة بين الهند وباكستان أبعد ما تكون عن الحل في الوقت الراهن. وبينما تتصاعد المخاوف الإقليمية والدولية من خروج الأمور عن السيطرة، تظل كشمير رمزًا لصراع الهوية والسيادة والمصالح الجيوسياسية المعقدة، الذي يُخشى أن يتحول في لحظة واحدة إلى انفجار غير محسوب في أكثر مناطق العالم حساسية.
0 تعليق