مُنع ضابط بالشاباك الإسرائيلي اعتقل في وقت مبكر من أبريل الجاري لضلوعه في تسريب معلومات سرية من الوصول إلى محام في البداية بأمر من الشاباك، لكن هذا الأمر أُلغي بعد استئناف قدمه فريق الدفاع. وقال المشتبه به، ممثلًا بمحاميه أوري كورب، إنه تصرف بدافع المصلحة العامة، مؤكدًا أن المعلومات لم تكن تضر بالأمن القومي.
ووفقًا لموقع "واي نت" الصحفي، طلب الضابط الخضوع لاختبار كشف الكذب، لكن النتائج لم تُنشر، ومددت محكمة الصلح في ريشون لتسيون احتجازه جزئيًا، مع السماح بنشر التفاصيل أمس الثلاثاء الموافق 15 أبريل 2025، مع حظر نشر هويته.
ومنذ أوائل أبريل 2025، هزت قضية اعتقال ضابط احتياط في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" بتهمة تسريب وثائق سرية الأوساط السياسية والإعلامية في إسرائيل. أثارت هذه القضية، التي كُشف عن تفاصيلها بعد رفع حظر النشر بقرار من محكمة إسرائيلية، جدلًا واسعًا حول الأمن القومي، الثقة في المؤسسات الأمنية، والانقسامات السياسية الداخلية. يتناول هذا المقال تفاصيل القضية، سياقها السياسي والأمني، ردود الفعل، والتداعيات المحتملة، مع الاستناد إلى تقارير إعلامية موثوقة لتوثيق الحقائق.
خلفية القضية
أُلقي القبض على ضابط احتياط في الشاباك يوم 9 أبريل 2025، بتهمة تسريب وثائق سرية إلى وزير الشتات عميحاي شيكلي وصحفيين بارزين، هما عميت سيغال من القناة 12 وشيريت كوهين أفيتان من صحيفة "يسرائيل هيوم". تضمنت الوثائق معلومات حول تحقيق داخلي بشأن اختراق أيديولوجية "الكاهانية" المتطرفة لصفوف كبار ضباط الشرطة الإسرائيلية، وتقرير غير منقح عن أداء الشاباك قبل هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف المئات.
استغل الضابط، الذي يحمل رتبة تعادل رتبة مقدم، منصبه الأمني للوصول إلى أنظمة المعلومات السرية ونقل الوثائق إلى أطراف غير مخولة. أثارت هذه التسريبات مخاوف بشأن الأمن القومي، حيث قد تعرض عمليات الشاباك للخطر. تأتي القضية وسط توترات بين رئيس الشاباك رونين بار وحكومة بنيامين نتنياهو، حيث يتهم الأخير بار بالفشل في إدارة ملفات أمنية حساسة، بينما يرى آخرون أن هذه الاتهامات تهدف إلى الضغط عليه للاستقالة.
تفاصيل التحقيق
تولت وحدة التحقيقات مع رجال الشرطة (ماحاش) التحقيق بتفويض من النائب العام، مستندة إلى صلاحياتها في التحقيق مع موظفي الشاباك. بدأ التحقيق قبل أسبوع من الإعلان عن القضية، حيث رُصد نشاط مشبوه يتعلق بتسريب معلومات. نقل الضابط وثائق حساسة في عدة مناسبات، بما في ذلك وثيقة حول اختراق اليمين المتطرف للشرطة وأخرى عن أداء الشاباك قبل 7 أكتوبر.
ردود الفعل
أعرب الشاباك عن قلقه من تصاعد حوادث تسريب المعلومات خلال العام الماضي، مشيرًا إلى تنفيذ أكثر من 20 تحقيقًا داخليًا خلال الحرب في غزة. أكد الجهاز أنه لم يتم اعتراض هواتف الصحفيين أو استجوابهم، لتهدئة المخاوف بشأن حرية الصحافة.
سياسيًا، أثارت القضية غضب وزراء من اليمين المتطرف. وصف وزير التراث عميحاي بن إلياهو الضابط بـ"البطل"، مدعيًا أنه كشف فسادًا داخل الشاباك، واتهم رونين بار بالتجسس عليه. عضو الكنيست تالي جوتليب زعمت أن الضابط لم يهدد الأمن وأن التحقيق محاولة لإسكاته. في المقابل، أكدت وحدة "ماحاش" أن القضية تتعلق بخرق أمني وليس ديمقراطية، مشددة على أن الضابط خان الثقة بنقل مواد سرية، أما فريق الدفاع، فقد وصف التحقيق بأنه "غير متناسب وله دوافع سياسية"، مشيرًا إلى أن الوثائق لم يكن يجب تصنيفها كسرية. هذه الادعاءات أثارت نقاشًا حول توازن الشفافية والأمن.
السياق السياسي والأمني
تأتي القضية وسط توترات أمنية وسياسية. منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، واجه الشاباك انتقادات بسبب فشله في توقع الهجوم، مما زاد الضغط على رونين بار، الذي أعلن مسؤوليته عن الإخفاقات.
تشهد إسرائيل انقسامات بين اليمين المتطرف والأحزاب الوسطية، حيث أثارت الوثائق المسربة مخاوف من تسييس الأجهزة الأمنية، ويراقب الشاباك جماعات يهودية متطرفة مثل "كاخ" و"كاهانا حاي" المصنفتين إرهابيتين، ويواجه الجهاز الأمني تحديات في منع اختراق هذه الأيديولوجيات لمؤسسات الدولة اليهودية، كما أن التسريبات تسلط الضوء على هذه المشكلة، مما يزيد التوتر بين الحكومة والأجهزة الأمنية.
التداعيات المحتملة
على المستوى الأمني
تسريب وثائق الشاباك يمثل خرقًا خطيرًا قد يعرض عملاء الجهاز ومصادر المعلومات للخطر. الوثيقة المتعلقة بهجمات 7 أكتوبر قد تكشف تفاصيل حساسة، مما يضعف الثقة في الأنظمة الأمنية. تزايد حوادث التسريب يشير إلى حاجة لتشديد الإجراءات الأمنية ومراجعة الوصول إلى المعلومات.
على المستوى السياسي
ستصعد القضية التوترات بين الحكومة والشاباك. اتهامات اليمين المتطرف لرونين بار قد تزيد الضغط لإقالته، مما قد يؤدي إلى أزمة داخل المؤسسة الأمنية. المعارضة قد تستغل القضية لانتقاد حكومة نتنياهو، متهمة إياها بالفشل في حماية الأمن القومي.
على المستوى الإعلامي
الصحفيان اللذان تلقيا المعلومات قد يواجهان التحقيق بشأن دورهما. هذا قد يثير نقاشًا حول حرية الصحافة مقابل الأمن القومي، خاصة مع تأكيد الشاباك على عدم استجواب الصحفيين.
على المستوى القانوني
قد تؤدي القضية إلى تغييرات في اللوائح المتعلقة بتصنيف المعلومات ومعاقبة التسريبات. قرار المحكمة برفع حظر النشر جزئيًا يعكس محاولة لتحقيق الشفافية مع الحفاظ على الأمن، ويبدو أن قضية اعتقال ضابط الشاباك تكشف تعقيدات الأمن القومي والسياسة في إسرائيل. في ظل الحرب الانتقامية الدائرة في غزة والانقسامات الداخلية، تبرز القضية كمثال على التوتر بين الشفافية والسرية. مع استمرار التحقيق، ستظل القضية محط أنظار الرأي العام، وقد تترك آثارًا عميقة على المؤسسات الأمنية والسياسية.
0 تعليق