ارتفع الدولار الأمريكي في تعاملات السوق الأوروبية يوم الأربعاء، مستمرًا في تحقيق مكاسب يومية ثانية، مع تراجع مخاوف الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة. هذا الارتفاع يعكس تقدم الإشارات الإيجابية حول اتفاقيات تجارية محتملة بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، مما يعزز ثقة المستثمرين. ومع ذلك، يظل السوق في حالة تأهب لصدور بيانات اقتصادية حاسمة من الولايات المتحدة، بما في ذلك بيانات وظائف القطاع الخاص لأبريل ونمو الاقتصاد في الربع الأول، والتي قد تؤثر على توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
الدولار الأمريكي يشهد ارتفاعًا رغم تحدياته
في السوق، سجل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعًا بنسبة 0.3% ليصل إلى مستوى 99.47 نقطة، مقارنة بمستوى افتتاحي بلغ 99.17 نقطة، مع تسجيل أدنى مستوى في الجلسة عند 99.14 نقطة. هذا الارتفاع يأتي بعد مكسب يومي بنسبة 0.25% في تعاملات الثلاثاء، مما يعكس استئناف عمليات التعافي من مستويات منخفضة لم تشهدها العملة منذ ثلاث سنوات. رغم هذا الزخم القصير الأمد، فإن الدولار الأمريكي يواجه تحديات طويلة المدى، حيث يتجه نحو تسجيل أسوأ أداء شهري منذ نوفمبر 2022. السبب الرئيسي لهذا التباطؤ هو السياسات الاقتصادية العدوانية للإدارة الأمريكية، التي أدت إلى فقدان الثقة في الأصول المالية الأمريكية، بما في ذلك الأسهم والسندات والعملة نفسها. على وجه التحديد، أثار هجوم الرئيس الأمريكي على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي موجة من القلق حول استقلالية البنك المركزي، مما دفع المستثمرين نحو خيارات أكثر أمانًا خارج الولايات المتحدة.
في السياق التجاري، أعلن وزير الخزانة الأمريكي عن تقدم كبير في المفاوضات حول الرسوم الجمركية، مع صفقات محتملة مع الهند وكوريا الجنوبية، وتوقعات لمناقشات مع 17 شريكًا تجاريًا آخرين. كما أكد وزير التجارة على اتفاق تجاري مع اليابان ينتظر الموافقات النهائية، في حين وقع الرئيس أوامر لتخفيف الرسوم على السيارات من خلال تسهيلات ائتمانية وإعفاءات على مواد أخرى. هذه التطورات الإيجابية ساعدت في تهدئة بعض المخاوف الاقتصادية، لكنها لم تمنع تراجع العملة بشكل عام. من ناحية أخرى، ألغت الصين رسومًا جمركية بنسبة 125% على واردات الإيثان من الولايات المتحدة، مما يمثل خطوة نحو تهدئة التوترات التجارية.
أما بالنسبة لسياسة الفائدة، فإن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يؤكدون عدم وجود حاجة فورية لتغيير السياسة النقدية، مع الحاجة إلى مزيد من البيانات لتقييم تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد. وفقًا لأداة تسعير الاحتمالات، فإن فرص خفض الفائدة بنحو 25 نقطة أساس في اجتماع مايو تبقى منخفضة عند 8%، بينما تصل إلى 65% في اجتماع يونيو. يتوقع محللو “أف إكس نيوز توداي” أن تؤثر البيانات الاقتصادية القادمة، مثل نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر مارس، على هذه التوقعات. إذا جاءت هذه البيانات أفضل من المتوقع، قد يتراجع احتمال خفض الفائدة، مما يدعم الدولار ويؤدي إلى مزيد من الارتفاعات.
أداء العملة الأمريكية وتوقعاتها المستقبلية
من الناحية الفنية، يبدو مؤشر الدولار الأمريكي في وضع إيجابي، حيث يترقب المحللون استمرار الصعود إذا استمر دعم البيانات الاقتصادية. على مدار مارس، انخفض المؤشر بنسبة أكثر من 4.5%، مما يشير إلى خسارة شهرية ثالثة متتالية، وهو أمر يعزز من أهمية التقارير القادمة في تشكيل الاتجاهات. في حالة ظهور عزم إيجابي، قد يصل المؤشر إلى مستويات أعلى، لكن أي بيانات سلبية قد تعزز المخاوف من التباطؤ الاقتصادي. بشكل عام، يعتمد أداء العملة الأمريكية على توازن بين التطورات التجارية والقرارات النقدية، مع توقعات بأن يستمر التقلب في السوق خلال الأشهر المقبلة. هذه الديناميكية تجعل من الضروري للمستثمرين متابعة التغييرات الاقتصادية عن كثب، حيث يمكن أن تؤثر على الاستثمارات العالمية بشكل كبير. في الختام، يظل الدولار الأمريكي في مفترق طرق، حيث يعكس مزيجًا من القوة الفورية والضعف الاستراتيجي الناتج عن السياسات الداخلية.
0 تعليق