تتوجه الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال شهر ماي الجاري، إلى التصويت على مشروع الميزانية السنوية الخاصة ببعثة “المينورسو” بالصحراء المغربية، الذي قدمه الأمين العام أنطونيو غوتيريش، والمتعلق بالسنة المالية الممتدة من فاتح يوليوز 2025 إلى غاية 30 يونيو 2026.
ووفق الوثيقة الرسمية التي تتوفر هسبريس الإلكترونية على نسخة منها فإن الميزانية المقترحة للبعثة الأممية تبلغ 71,8 ملايين دولار، بزيادة تناهز 4,4 في المائة مقارنة بالميزانية الحالية، وذلك لتغطية الاحتياجات الميدانية والموارد البشرية في ظل ما وصفتها الأمم المتحدة بـ”القيود الأمنية واللوجستية المستمرة شرق الجدار الرملي”.
ويؤكد مقترح الأمين العام للأمم المتحدة أن بعثة المينورسو ستواصل السنة المقبلة تنفيذ ولايتها المتمثلة في مراقبة وقف إطلاق النار، والتحقيق في الحوادث العسكرية، ودعم الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد حل نهائي للنزاع، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2756 (2024).
كما يبرز التقرير الأممي أن “البعثة تواجه تحديات لوجستية حادة بسبب القيود المفروضة من طرف جبهة البوليساريو على حركة القوافل والإمدادات شرق الجدار”، مؤكدا أن “وتيرة الإمدادات لمواقع الفريق في تلك المناطق لم تتجاوز قافلة واحدة شهريا، لأسباب تعود لإعلان وقف إطلاق النار من جانب البوليساريو سنة 2020؛ وهو ما ينعكس على فعالية العمليات الميدانية”.
وأوضح المصدر ذاته أن الأمم المتحدة تخطط لتوسيع عمليات إزالة الألغام في المناطق المهددة، عبر تطهير أكثر من خمسة ملايين متر مربع العام المقبل، مع تعزيز قدرة البعثة على التصدي للمخاطر الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة في محيط انتشارها.
وكانت جريدة هسبريس الإلكترونية كشفت في وقت سابق عن نية الأمم المتحدة إنهاء مهام المفوضية السامية لغوث اللاجئين في برنامج تبادل زيارات العائلات بين مخيمات تندوف والمنطقة، وذلك في ظل جمود المسار السياسي، وصعوبة توفير الشروط اللوجستية والأمنية لإعادة إطلاق هذا البرنامج الذي ظل معلقا منذ سنوات.
وفي سياق سعيها إلى تقليص النفقات قررت الأمم المتحدة خفض عدد المروحيات المخصصة لبعثة المينورسو من ثلاث إلى اثنتين فقط، وذلك ضمن حزمة من التدابير التي اقترحها الأمين العام أنطونيو غوتيريش بهدف ترشيد الإنفاق السنوي للبعثة، مع الحفاظ على القدرة على تنفيذ الدوريات الجوية والمهام اللوجستية في المناطق الوعرة التي تغطيها، سواء غرب الجدار الرملي أو شرقه.
ورغم محدودية الموارد الجوية يشير التقرير إلى أن البعثة ستستمر في تنفيذ المهام الحرجة، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار، ودعم التنقل الآمن للموظفين، والاستجابة لأي طارئ ميداني، مستفيدة من إعادة جدولة الطلعات الجوية وتركيزها على النقاط الأكثر أولوية.
وبخصوص تفاصيل التوزيع البشري لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) كشف التقرير الأممي ذاته أن قوام البعثة الحالي يشمل 218 مراقبا عسكريا، و27 عنصرا من القوات العسكرية، و12 شرطيا أمميا، إلى جانب 88 موظفا دوليا، و2 من الموظفين الوطنيين المحترفين، و161 موظفا محليا، و17 متطوعا أمميا، و10 موظفين موفدين من حكومات الدول الأعضاء.
ويجسد هذا التوزيع بنية متعددة الجنسيات تعتمد عليها الأمم المتحدة لضمان سير المهام اليومية للبعثة، غير أن هذه البنية البشرية نفسها باتت هدفا لضغوط أمريكية متزايدة، تُطالب منذ سنوات بتقليص الميزانية المخصصة للبعثات التي لا تُحقق تقدما سياسيا ملموسا، وفي مقدمتها المينورسو، التي تصل كلفتها السنوية إلى حوالي 72 مليون دولار.
ورغم تلك التحفظات يلفت التقرير ذاته إلى أن الحفاظ على التوازن العملياتي للبعثة يظل ضرورة ملحة، ولاسيما في ظل تصاعد التوترات، واستمرار القيود على تحركات المراقبين شرق الجدار الرملي، فضلا عن التهديدات الناجمة عن الألغام والذخائر غير المنفجرة، التي تجعل من أي تقليص حاد في الموارد مخاطرة أمنية قد تكون لها تبعات إقليمية.
حري بالذكر أن اللجنة الخامسة المكلفة بالملفات الإدارية والميزانية ستبت في مضمون التقرير المقدم من طرف الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الخاص رئيس بعثة المينورسو ألكسندر إيفانكو، قبل رفع توصياتها إلى الجمعية العامة لاعتماد المخصصات المالية بشكل نهائي خلال الأسابيع المقبلة.
0 تعليق