هل يجوز حرق أوراق المصحف التالف بسبب تعذر القراءة منها؟.. الإفتاء تجيب

صدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يقدس المسلمون المصحف فهو كتاب الله الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويحتفظون به في بيوتهم وأماكن عملهم، إلا أنه في كثير من الأحيان يتعرض المصحف للتلف فيصبح من الصعب القراءة منه نظرا لقدمه ومرور سنوات عديدة فهل يجوز في هذه الحالة حرقه.

وفي إجابتها عن هذا التساؤل، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الأصل أن المصحف الصالح للقراءة لا يحرق لحرمته، فإذا صار خَلِقًا غير صالح للقراءة فيه، فإنه يجوز حرقه صيانةً له عند جمهور العلماء.

وجوب احترام المصحف الشريف وتعظيمه

وأضافت دار الإفتاء، عبر صفحتها على موقعها الإلكتروني، أن المسلمين أجمعوا على أَنَّ المصحف الشريف يجب احترامه وصيانته، ويحرم تعريضه لأيِّ نوعٍ من أنواع الامتهان؛ مستشهدة بما قاله الإمام النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 190، ط. دار ابن حزم): [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ.

آراء الفقهاء في حكم إتلاف المصحف البالي وكيفية ذلك

إذا بَليت أوراقُ المصحف أو تمزَّقت، أو صارت بحالٍ يتعذَّر معها الانتفاع به، ولا يمكن إصلاحه من تجليدٍ أو غيره؛ فالفقهاء متفقون على جواز إتلافه وأَنَّ ذلك من تمام صيانته، ولكنهم اختلفوا في كيفية ذلك على قولين.

فذهب الحنفية والحنابلة: إلى أَنَّ ذلك –أي: الإتلاف حال البِلَى- يكون بلفه في خرقة نظيفة طاهرة، ثم دفنه في موضع لا يُوطأ بالأقدام، ويُؤمن من أن تلحقه فيه نجاسة، أو نحو ذلك؛ قال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق" (1/ 212، ط. دار الكتاب الإسلامي): [المصحف إذا صار كُهْنًا؛ أي: عتيقًا، وصار بحال لا يُقْرَأ فيه، وخاف أن يضيع يُجْعَل في خِرْقة طاهرة ويُدْفَن؛ لأنَّ المسلم إذا مات يُدفَن، فالمصحف إذا صار كذلك كان دفنه أفضل من وضعه موضعًا يخاف أن تقع عليه النجاسة أو نحو ذلك] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 137، ط. دار الكتب العلمية): [(ولو بلي المصحف أو اندرس دُفِن نصًّا)؛ ذَكَر أحمد أَنَّ أبا الجوزاء بلي له مصحفٌ فحفر له في مسجده فدفنه] اهـ.

وأَمَّا المالكية والشافعية فذهبوا إلى أنَّه ما دام الغَرَض من إتلافه هو صيانته؛ فإنه يُحْرَق ولا حَرَج في إحراقه لهذا الغرض؛ لأنَّ في ذلك صيانةً له عن الوطء والامتهان.

قال الإمام الخَرَشي في "شرح مختصر خليل" (8/ 63، ط. دار الفكر) عند كلامه على موجبات الرِّدَّة: [أو حَرَقَهُ استخفافًا] اهـ. ويَقْصِد الخَرَشي بذلك حَرْق المصحف استخفافًا به، لكنه استثنى بعد ذلك ما إذا كان حَرقه لضعفه أو لكونه موضوعًا؛ فقال: [وأما حَرْقُهُ –أي: المصحف- لكونه ضعيفًا، أو موضوعًا- فلا] اهـ. أي: فليس بكفرٍ ولا من موجبات الرِّدَّة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق