صدور الطبعة الثالثة من كتاب "متاهة الحاكمية" لهاني نسيرة

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلن مركز دراسات الوحدة العربية عن صدور الطبعة الثالثة من الكتاب المثير للجدل "متاهة الحاكمية: أخطاء الجهاديين في فهم ابن تيمية"، من تأليف الباحث والخبير في قضايا الفكر العربي المعاصر الدكتور هاني نسيرة، ويأتي هذا الإصدار استجابةً للإقبال المتزايد على الكتاب منذ ظهوره الأول، وما أثاره من نقاشات فكرية عميقة في الأوساط الأكاديمية والدينية، بالنظر إلى معالجته النقدية لخطاب العنف الديني وتفكيكه للأسس الفقهية التي استندت إليها التنظيمات المتطرفة.

ويُعد هذا العمل واحدًا من أبرز المؤلفات التي تطرح رؤية تفكيكية عميقة للفكر الجهادي، حيث يناقش الكتاب كيفية تحريف وتأويل الجماعات المسلحة لتراث ابن تيمية، ولا سيما فيما يتعلق بمفاهيم الحاكمية، والإمامة، والجهاد، والتكفير، ويؤكد المؤلف أن هذه الجماعات قد استندت إلى قراءات مجتزأة ومنفصلة عن السياق التاريخي والفكري الحقيقي لابن تيمية، محذرًا من خطورة استخدام فتاويه خارج سياقها لخدمة أيديولوجيات العنف والتكفير.

محاولة لاستعادة الخطاب الإسلامي من قبضة التطرّف

يشير الدكتور نسيرة إلى أن مفهوم "الحاكمية"، الذي يُعد جوهر هذا الكتاب، لم يكن معروفًا كمفهوم للحكم في التراث الإسلامي التقليدي، بل استُحدث في العصر الحديث على يد أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، ما يجعله بناءً حديثًا تم إسقاطه بأثر رجعي على فكر ابن تيمية، ضمن سياقات فكرية وسياسية لا تمت لعصره بصلة.

ويتكوّن الكتاب من ستة فصول، بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة وفهرس شامل، ويتناول بالنقد والتحليل أبرز الفتاوى التي استغلتها الجماعات المتشددة، مثل فتوى ماردين وفتاوى حرق الأسرى، مع عرض تفصيلي للنصوص الأصلية لابن تيمية في محاولة لفصلها عن الإسقاطات الفكرية التي أُلصقت بها لاحقًا.

ويكشف الكتاب، من خلال منهجية علمية دقيقة و"تصورات حاكمة"، كيف تم تسييس فكر ابن تيمية وتحويله إلى مادة للتجنيد والتكفير من قبل الجماعات المتطرفة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى ضرورة تحرير الخطاب الديني من هذه القراءات المختزلة، وتعزيز العقلانية والنقد الداخلي لتراثنا الفكري.

تفكيك التأويلات المتشددة وتعزيز التفكير النقدي

لا يكتفي المؤلف بنقد التيارات الجهادية، بل يتناول أيضًا العلاقة المعقدة بين ابن تيمية والمدرسة الحنبلية، وتقاطعاته الفكرية مع فلاسفة مثل ابن رشد، في قضايا فلسفية ولاهوتية كبرى مثل "خلق القرآن" و"العلو"، وهو ما يعكس عمق وثراء فكر ابن تيمية وتعدّد مصادره، بعكس الصورة الأحادية التي تروّج لها الجماعات المتشددة.

ويحذّر نسيرة من ترك الساحة الفكرية لتلك الجماعات، داعيًا إلى مواجهة خطاب العنف بمنهج نقدي وموضوعي، والانخراط الجاد في معركة "استرداد التراث"، وقطع الطريق على من يزعمون امتلاك الحقيقة الدينية بشكل مطلق.

أهمية الكتاب وسياقه الراهن

يعكس صدور الطبعة الثالثة من "متاهة الحاكمية" حجم الاهتمام الذي يحظى به هذا العمل، لا سيما في ظل التحديات المتصاعدة المرتبطة بتنامي الفكر المتطرف في المنطقة العربية، وسوء استخدام التراث الديني في تبرير العنف ومصادرة الحريات.

كما يُعد الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين في قضايا الفكر السياسي الإسلامي، وتحليل مسارات التحوّل في استخدام المفاهيم الدينية، في ضوء تعقيدات المشهد السياسي والفكري منذ ما يُعرف بثورات الربيع العربي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق